والقمر لم يغب من المرأى… ولكن الشمس في النعاس تشعر بالكسل والملل عن النهوض.
استيقظ راشد من السبات العميق.. ولكن أقعده شديد الألم لبطنه في سريره. بدأ ذهنه يتساءل أن يلوح له بعضا من الأسئلة. واستعاد الذكريات الماضية.. عندما تجاوز الوقت إلى الثامنة.. قصد راشِد المدرسةَ وَسار عبْرَ الغابة كالعادَة.
والأم الحَنون تدُور في ذاكرتها ذكريات عن ابنها الوحيد.. وحاولتْ أن تتفقد أحوالَه وخرجتْ إلى المدرسة..
وما إن دخلت الصَّف حتى ارتفعتْ ضجةُ الأصدقاء بسخرية لاذِعَة.
«يا ابن الطاهيَة.. ذات العين الواحدة»..
واستمر صراخُهم مرةً تلو الأُخرى..
ولم يستغرق الأمر طويلا حتى غرق راشد بالأسى. وتغير وجهه.. وشعر بالحياء والخجل.
خرجت الأم من المدرسة مشبعة بأحسن آراء المدرسين عن ابنها الوحيد..
رجع راشد إلى بيته مسرعا غير عادته وقلبه مشحون بالحزن والشجن.. وسارع إلى أمه، شاكيا لها سخرية أصدقائه في الصف… لم تجد الأم سلاحا للدفاع عن ابنها الوحيد غير دموعها التي انسابت على الوجه…
بات راشد مجهودا تلك الليلة.. وقلَّبَ الأوقات إلى الصباح التالي..
استيقظ راشد ليجدَ إلى جواره *[رقعة]..*
أخذها بأصابع مرتعشة.. ونبضات قلبه تسبقه لقراءتها.. وكانت دمعته سريعة النزول:
«ابني العزيز، أتمنى لك الصحة والعافية. كيف أصبحت يا حبيبي؟ أرجو فرحك وسرورك.. إبني العزيز يمكنني القول أن في قلبي سريرة لا يعرفها أحد غيري.
وذلك هل تعرف عن أبيك؟ وقع أبوك في اصطدام السيارة ولقي حتفه.. وكُنْتَ أنتَ في نفس السيارة.. ضاعت عينك اليمنى.. تملكني الحزن والشجن برؤية صورتك بشعة بلا عين..
تبرعتُ بعيني لك.. إبني الحميم عِشْ فرحا ومسرورا.. ولا تقلق لسخرية الفتيان»..
نهض راشد مسرعا إلى أمه الحنون.. واحتضنها بحب بالغ.. وهو يتمتم بكلمات متسارعة: ما أجملك يا أمي .. إنك رحمة السماء لي ..
وعاش راشد مع أمه حياة سعيدة لا يكدر صفوها شيء.
قاص من الهند