الرئيسية / دراسات / السميائيات عند شارل سندرس بورس قراءة في كتاب “السميائيات والتأويل: مدخل لسميائيات ش. س. بورس”(1)، للكاتب سعيد بنكَراد – محمد بوشيخة

السميائيات عند شارل سندرس بورس قراءة في كتاب “السميائيات والتأويل: مدخل لسميائيات ش. س. بورس”(1)، للكاتب سعيد بنكَراد – محمد بوشيخة

  1. إشكاليات الكتاب.
  2. 1. تختلف سميائياتُ بورس عن كثير من النظريات التي تحبس نفسَها في مجرد أدواتٍ للاشتغال، أو لا تتجاوز اعتبارها منهجا للتحليل. سميائياتُهُ (إذن) تصورٌ متكاملٌ للعالم، فعلٌ/ سميوز؛ أي ما يكون “سيرورةً لإنتاجِ الدلالةِ ونمطًا في تداولِـها واستهلاكِها”(2). ولأن العالم سلسةٌ من الأنساقِ السميائيةِ (العلامات والإحالات)، ذاتِ العلاقةِ بالواقع، إلى جانب كون العلامات تختفي لتظهر في أيِّ فعل إنساني جديد؛ يصبحُ الفعلُ نفسُهُ علامةً لتفكيرٍ تالٍ. فكل فكر -يقول بورس- “هو فكر ناقص بالضرورة، ويحتوي على الضمني والكامن”(3)؛ معنى ذلك، يشرح بنكراد، “ليحيلَ فكرٌ على فكرٍ آخر، فهو يحتاج إلى فكرٍ سابق، وهكذا إلى ما لا نهاية”(4).
  3. 2. في سميائياتِ بورس تُفسَّرُ كلُّ الأنساق في علاقتها بحركية الفعل الإنساني؛ فالإنسانُ علامةٌ، وصانعٌ للعلامةِ وضحيةٌ لها في الآن ذاته، كما أنها (العلامةُ) تشتغل وهي حيةٌ، ثم وهي ميتةٌ (موت لا نهائي طبعا)؛ فعندما تؤسِّسُ العلامةُ لعادةٍ ما، قد تموت هي وتظل العادةُ، ويكون حضورُها بالقوة لا بالفعل. مما يعني أن العلامة تتجاوز نفسها.
  4. 3. من العلامة ندرك العالم، باعتباره نسقا (أنساقا) غير قابل للوصف الكلي والنهائي، أي إن قراءتَه تظل نسبيةً، أو بتعبير هيدغر “التأويلُ لا يعتبر خاطئا إلا إذا اعتُبر واحدا”، فهي قراءةٌ متعددةٌ ومختلفةٌ بين “مَؤُولٍ (5) مباشر، ومَؤُولٍ ديناميكي، وآخر نهائي”(6). ثم إن الأشياء والأشكال والأفعال والكائنات … علاماتٌ لا معنى للقول بأنها مستقلةٌ عن تفكيرنا فيها باعتبارها كذلك (أي علامات)، فهي “تولد وتنمو وتموت في الأشياء”(7).
  5. 4. يذهب بنكراد في قراءته لنظرية بورس السميائية إلى أن الأساسَ فيها (أي ما يجعلها فاعلةً وعلميةً)، ليس هو مصطلحاتُـها وأدواتُـها؛ إنما التعرّفُ على أصولها الفلسفيةِ، ولعلّ ذلك ما يسوِّغُ القولَ بوجود تقاطعاتٍ في جوانب عدة بين نظرية بورس ونظريات معرفية أخرى.

السميائياتُ (تبعًا لذلك) علمٌ شاملٌ، يُعنى بالتجربةِ الإنسانيةِ في كليتِها. ولا تفكير سميائي خارج هذه الرُّقعة؛ إنها المنطلقُ والغايةُ. وعليه فالعلاماتُ سيروراتٌ لا حدّ لها، مادام الواقعُ يتوقف معناه (المعنى) على وجود فاعلٍ (منتج)، ومنفعلٍ به (مستهلك)، ومروجٍ له.

السميائيات إذن “تساؤل حول المعنى، وتساؤل حول شروط إنتاجه وأشكال تجليه”(8). ومن خلال ذلك تكون السميوز فعلا ناقصا؛ لأنها تحتوي “لحظة الإحالة على الضمني والمحتمل والكامن”، ولا تدّعي القبض على المعنى النهائي؛ الذي يحيط بنا ويشتغل بدواخلنا، أي ما نحن صورة له. والقولُ الفصلُ سميائيا: لا معنى للحياة (للدلالات) خارج نظام العلامات. يقول بورس “إن السميوز في هروبها اللا متناهي من علامة إلى علامة، ومن توسّط إلى توسّط، تتوقف لحظة انصهارها في العادة، لحظتها تبدأ الحياة، ويبدأ الفعل”(9).

إن السميوز ليست مجرد تفكير فحَسْبُ، بل هي فعلٌ (الامتداد)، وتتبُّعٌ لصور العلامة فيه (التمظهر)؛ فعندما نقرأ إشهارا، ويحيلنا إلى معنى ما، لم تعد لنا بالإشهارِ – العلامةِ صلةٌ تُذكَر (فهو يموت)، ليحيا فيما أحالنا عليه، وهذا المعنى الذي توصّلنا إليه (بفعل التأويل) هو ما يعنينا نحن، مع العلم أن العلامةَ تلك قد تتضمن معنًى أهم؛ لذلك فـ”الدلالةُ عند بورس مستوياتٌ، وإن السميوز لا متناهية احتمالا [إلا أنّ] الحاجاتِ الإنسانيةَ تُقلِّصُ من حجمها وتفرض عليها حدودا”(10). بناءً على ذلك تكون السميائيات عند بورس «نظرية في التأويل»؛ إنها كما تحيل على موضوعٍ ما، فهي تكشف عن معرفةٍ جديدةٍ، لا يكونان نهائيَيْن، إنما يرتبطان بمؤوِّلٍ دون آخر.

  1. 5. إن الموضوع الذي تحيل عليه العلامةُ يكون أكثر تمثيلا ووجودا من العلامة ذاتِها؛ ولأنها محيلةٌ من جانب محدد، فهي لا تستطيع أن تُلِمّ بكل ما يملكه الموضوعُ من دلالاتٍ وإفاداتٍ قد تظهر بفعل محيلٍ آخر (ماثول). الموضوع إذن عند بورس أنواعٌ: “إنه في المقام الأول ما يبدو من خلال العلامة بشكل مباشر، وهو ثانيا ما توحي به العلامةُ من خلال فعل التمثيل ذاتِه”(11). ثم إن العلامة لا تحيل على موضوعٍ واحدٍ، بل قد تحيل على ما لا نهاية له من المواضيع. وهنا يظهر دورُ التأويل وتعدُّدُ المؤوِّلين.
  2. 6. إنّ التصنيفاتِ والتسمياتِ التي تخضع لها العلامةُ عند بورس تجعل الباحثَ (في نظر بنكراد) غير مُدْركٍ لقيمة نظرياته السميائية المعرفية. ذلك أنها (خلاف ما هو معلَنٌ) نظريةٌ “تُقَدِّمُ لنا إسهاما فعليا في قراءة النصوص وتأويلها وإدراك ما أمامها وما خلفها”(12). فالنص ليس مجرد خزّانٍ لدلالات عديدة، بل في كل دلالة أسرار، والسر يحيل على سر آخر، في سيرورةٍ غير منقطعةٍ ولا متناهيةٍ. والحال تلك، لا مجال للحديثِ عن فهمٍ أو تأويلٍ قطعِيَيْن أو نهائيَيْن، فلا معنى نهائي، ولا مجال للحقيقة في المعنى، وما يظهر لي أن النص يقولُهُ، قد لا يظهرُ لَكَ. ذلك لا يعني (بالمقابل) دعوة للعبث في التأويل. فكلُّ تأويلٍ أساساتُهُ ومنطلقاتُهُ ومسوِّغاتُهُ، هي التي لا تحمِّلُ العلاماتِ (والنصوص نوع من ذلك) ما لا تحتمل. ولا معنى لِلَيِّ عُنُقِها وتطويعِها، وإلا فتلكم أدلجةٌ تأسر المعنى في دائرة لها بدايةٌ ولها نهايةٌ. فـــــ “الوصول إلى الدلالة يقتضي إلماما بقوانينها وأشكال وجودها ومستوياتها … وإلماما بمنطقِ الإحالات ومنطق الانتقال من الزاويةِ المؤوِّلةِ إلى موضوعِ التأويلِ”، لذلك نبَّهَ أمبرتو إيكو لِمَا تتميز به نظريةُ بورس من مفاهيم تحد من غلواء التأويل، ونظر إلى السميوز (بخلاف التفكيكيين) على أنها “مبدأ للتعددية لا اعتبارها تأويلا بلا نهاية”(13). فالقولُ بالتأويل اللا نهائي ليس معناه تجريدُهُ من أية غاية، فهو لا نهائي لأنه ليس مقصودا في ذاته، بل فيما يضيفُهُ من معرفة إلى “نقطة انطلاق سيرورة التأويل”.
  3. 7. النصُّ عند بورس هو ملتقى لإحالاتٍ عديدةٍ على نصوص أخرى. لا معنى (إذن) للقول بالنص المفرد/ المتفرّد، فما نعتبره نصًّا هو مجردُ إمكانٍ لإمكاناتٍ أخرى (حاصلة ومتضمّنة). فالعلاماتُ إما أن تقولَ مباشرةً أو تتضمنَ قولا آخر. إن المسألةَ هنا مرتبطةٌ بمنطِقِ التعدُّد في أمر الإحالة.

لَمّا يذهب التأويلُ إلى اختيار دلالةٍ دون أخرى؛ فلأنَّ ذلك منطقُ ما، لمؤوِّلٍ ما، ولأن الدلالةَ تلك ترتبط بسياقٍ ما، والدلالاتُ الأخرى تتوارى أو تتراجع لتظهرَ مع مؤوِّل آخر، في سياق آخر؛ إلى ما لا نهاية من التأويلات، تبعًا لتعدّدِ السياقات. وهذا جانب تداولي في النظرية السميائية عند بورس. ويبقى المؤوّل الخبيرُ (=الـمَؤول الديناميكي) هو ما لا يحيل على دلالةٍ واحدةٍ، بل ما يحدِّدُ المساراتِ المختلفةَ، الظاهرةَ والثاويةَ للدلالةِ.

  1. نظرية السميائيات عند بورس.
  2. 1. الأصل الفلسفي لنظرية بورس السميائية.

السميائيات عند بورس جزءٌ من المنطق والفينومينولوجيا؛ باعتبار الأول “القواعد الأساسية للتفكير والحصول على الدلالات المتنوعة”. والثاني على أساس أنه “المنطلَقُ الصلبُ لتحديد الإدراك وسيروراته ولحظاته”. كما أن الركيزةَ الرئيسة في تصوره للسميائيات تتعلق بالموضوع/ المرجع، المفقود في رؤية “دو سوسير” المنطلِقة من ثنائية الدال والمدلول.

العلامة إذن ثلاثية لا ثنائية، وهي “صيغة تنظيمية للتجربة الإنسانية… الكيانُ المنظَّمُ من خلال مقولات ثلاث هي الأصلُ والمنطلَقُ في إدراك الكون وإدراك الذات وإنتاج المعرفة وتداولها”(14)، إذْ لا معنى للمعطى الحسي خارج صوغه في قالب مفهومي/ وجودي؛ والحال تلك، يكون الفهمُ والإدراكُ وإنتاجُ الدلالة ثم تداولُ الأفكار منطلِقا مما يسميه بورس بــ “التوزيع الثلاثي للعلامة”؛ أي من الإحساس إلى الوجود إلى التوسط. بصيغة أخرى يتعلق ذلك بــــــ: وجود الإمكان النوعي الموضوعي/ وجود الواقعة الفعلية/ وجود القانون الذي سيحكم هذه الوقائع استقبالا.

يوضح بنكراد ذلك بالعبارة السردية “لم يكن عيسى يتوقع أن هذا اليوم سيأتي”.

أولا؛ فهي تعبير عن وجود إمكان (ما يمكن أن يُفْهَمَ ويدرك من العبارة، كأن نفترض أنّ عيسى لم يتوقع: أنه سيغادر مدينته، أو أنه سيجد عملا، أو أنه سيتزوج، أو أن تقوم الثورة في بلاده، أو سيُعتَقَل، إلى غير ذلك من الإمكانات الواردة).

ثانيا؛ وجودُ الواقعة الفعلية (التحقُّقُ)، حالَ انتقاءِ إحدى الممكنات السابقة، وإبعادِ البقية؛ ومن ثَـمّ إغلاق السلسلة (سلسلة الإمكانات).

ثالثا: عند اختيار إحدى الإمكانات تصبح بمثابة (قانون)، سيتحكم في الواقع استقبالا.

يُفهَمُ من ذلك أن “الأول مرتبط بالكينونة، وهو ما يعني التعبير عن الموجود في ذاته في استقلال عن أي شيء آخر. والثاني معبِّرٌ عن الكينونة في علاقتها بشيء آخر. في حين يُعهَدُ للثالث القيام بمهمة التوسُّط الذي يربط الأول بالثاني ضمن علاقة تشيرُ إلى القانون والضرورة والفكر”(15).

إن العلاقةَ بين الإمكانِ والتحَقُّقِ لم تعد عرضيةً ولحظيةً (اعتباطية كما عند “دو سوسير”)، بل أساسية وضرورية لكل إدراك أو تواصل، إنها القانونُ الذي يُفسِّرُ الما قبل والآن والما بعد (المستقبل). بورس يُعَبِّرُ عن الموجودات الثلاث بالأولانية (النوعية)، والثانيانية (العلاقة)، والثالثانية (التوسُّط). ويرى بنكراد أن بورس في نظرية المقولات متأثّرٌ بالفيلسوف كانط، خاصة ما يتعلق ب “مجال الإدراك القائم على المقولات القبلية”، تحديدا تلك المسافة بين ما هو حسي وما هو مفهومي.

يوضّح بورس منطقَ العلاقةِ الثلاثيةِ بالمثال التالي:

كلمة “رجل” = علاقة أحادية (لأن الإحالةَ فيها تكتفي بتحديدِ كيانٍ منفصلٍ عن أيِّ شيءٍ، وهو كيان محدّدٌ من خلال خصائصه الذاتية فقط). العلاقة الثنائية (يحبُّ)؛ الإحالة فيها تتم من خلال ربط الذات بموضوعها، أو ربط الذات بالمحمول، فالشيء لا يتحدد من خلال خصائصه الذاتية، بل بتحقُّقِهِ في شيء آخر، فهو كما هو في علاقته بشيء يحيط به. أما العلاقةُ الثلاثية (يعطي) فوجود الإحالة ضمنها يستند إلى إبراز ما يتوسّط كيانيْن (16).

سؤال: كيف يحدد بورس الأولانية والثانيانية والثالثانية؟

  1. 1. 1. الأولانية.

هي الشيء باعتباره هو، لا شيء آخر، فهو هو غيرُ مرتبط بشيء آخر، ولا محيلٍ على مرجع ما، وهي نوعان: الأحاسيس (الألم والخوف والفرح والحزن مثلا). والنوعيات (كالأحمر والأخضر والخشن واللِّين). هذه الكلمات لا تعني غير ما تعنيه بشكل مباشر، من غير أيِّ تحقُّقٍ أو تجسُّدٍ في الواقع، أو تمظهر في ذاتٍ أو حالةٍ أو صورةٍ ما. ومِنْ ثَـمَّ يحضُرُ بُعْدُ الاحتمال/ الافتراض، بسبب العمومية التي تتميز بها الأولانية.

الأولانية عندها علاقة بالأوّل، أي البداية والأصل، لا تحديد لها ولا توجّه ولا لون؛ إنها البداية وفقط، من غير تلبُّسٍ ولا معنًى، إنها تمتاز بالحرية والإمكان والقَبول للتحقّق والتجسيد من غير تحقّق مسبَقٍ ولا تجسيد قبلي. يقول بورس “إن النوعية (الأولانية) خالدةٌ ومستقلةٌ عن الزمان وعن كل أشكال التحقق”(17). وهل عدم التحقق معناه ألا إمكانية مطلقة لذلك؟ الجواب مرتبط بها هي، وبعلاقتها مع الزمان والمكان. وهل ذلك يعني موتها؟ الجواب بالنفي، فهي (للتقريب) في حالة خمول، قد تستفيق في أيِّ لحظةٍ لتربط علاقة بالثانيانية والثالثانية.

  1. 1. 2. الثانيانية.

ترتبط بتحقُّقِ الأولانية وتجسُّدِها، بها نكون أمام تجربة فعلية، لا معنى لـ “الألم” فيها (مثلا) إلا وهو حدثٌ فعليٌّ، في ذاتٍ واقعيةٍ؛ أي له صورة. هنا تظهر علاقة الأولانية بالثانيانية، فـــــ “القولُ بأن هذه الطاولة موجودة [مثال يقدمه بورس] معناه القولُ أنها صلبة وثقيلة وتُحدِثُ أصواتا (…)؛ إنها تنتج آثارا تنعكس مباشرة على الحواس، وتحدث آثارا من طبيعة فيزيائية صِرفة”(18).

لا مجال إذن للاحتمال الوارد في الأولانية – الطاولة، ولا حرية عندها بعد صَبِّها في قالبٍ محدَّدِ الأوصاف (الثانيانية). لم يعد هنالك احتمال، والسلسلة المفتوحة اللا متناهية باتت محدّدة ومرسومة المعالم، ومرتبطة بزمان ومكان محدَّدَيْن، موجودين بوجود الأولانية في الثانيانية.

سؤال يفرض نفسه قبل الانتقال إلى الثالثانية من المقولات الثلاث التي تشكل الأصل الفلسفي لنظرية بورس السميائية. السؤال هو: هل تكفي الأولانية والثانيانية لإدارك التجربة الإنسانية ولفهم الوجود؟

مع الأولانية واضح ألا إمكان لذلك. وبإضافة الثانيانية يحصل اختلافٌ بين المنظرين، وإذا كان البنيويون/ اللسانيون يتوقفون في هذا المستوى، ويعتبرون الفهم ذاك ممكنا، فلأنّ تصورهم قاصر. وهنا تظهر إضافة بورس؛ أي لا بد (لفهم الواقع وإدراكه وإنتاج الدلالة وتداولها) من الثالثانية. أما المقصود بها فسيتوضَّحُ في الفِقرة التالية.

  1. 1. 3. الثالثانية.

تعني التوسُّط (العلاقة) بين الأولانية والثانيانية. فالبنيويون يعتبرون العلاقة اعتباطية أو عادية، لا يُـخْضِعونها لأيِّ تفسيرٍ ممكنٍ، في حين بورس يرى أن العلاقة لها من الأهمية القصوى ما للأولانية والثانيانية في تحديد نظرية سميائية؛ أي “الكشف عن القانون الذي يجعل من تحقُّقِ الإمكان (الأولانية) داخل الوجود (الثانيانية) أمرا ممكنا ومعقولا”، لا مجال فيه للاعتباطية والعرضية.

الثالثانية (إذن) هي التصوُّر الرمزيُّ للوجود والإمكان؛ إذ لا معنى للاحتكاك المباشر بالموجودات، ولا معنى للتوقف في حدود الإمكانات. فالحياة، كما العالم، والدين، واللغة، يتم التعامل معها بالرموز لإدراك تحقُّقاتها وللحد من سلسلة إمكاناتها المتعدّدة.

ترتبط الثالثانية بالمفاهيم، قصد إنتاج المعرفة وتداولها، أو كما يقول بورس “إن الأولانيةَ تحيل على الثانيانيةِ عبر الثالثانية”(19). هنا يحضر كذلك الفكر، وبه، كما من خلاله، يتم التواصلُ والتفكُّرُ. إن الثالثانية هي القانون المنظِّمُ للفكر، وللعلاقة بين الأولانية والثانيانية. فــــ “السيارة” باعتبارها مجرد أصوات (س.ي.ا.ر.ة)، أو إمكانات/ احتمالات، لا يمكنها أن تحيل على (السيارة) كما نعرفها نحن، إلا من خلال مفهوم (السيارة)، كما هو مُتَدَاوَلٌ بيننا الآن، والتفكُّرُ كما التفاهم عن موضوع “السيارة” لا يتطلب دوما وجودها فعليًّا أمامنا. فيكفي مفهومُها لإنتاج معرفة ذات علاقة بها، لأجل التواصل. هكذا يتشكل القانونُ (العادة) أو الدلالةُ.

يعني القانونُ التعريفَ الذي يُقَدَّمُ لوجود ما، ويصبح معرفةً متدَاوَلَةً، تسمح بالتعرف على ما يدل عليه التعريف، بتجريد عن الزمان والمكان المحصور بهما الوجود في مستوى الثانيانية. “إن الإنسان (في نظرية بورس) يوجد داخل الرمزية. إن فكره يتشكل من علامات، وبواسطة السّنن (الثالثانية) يستطيع الإمساك بالواقعي (الثانيانية) وبالممكن (الأولانية)”(20).

الثالثانية هي التصورُ الرمزيُّ العامُّ للموجوداتِ المطّرَدَةِ، لذلك فهي تعني الفكر، لأنها تُغطّي مساحة واسعة من الثانيانيات، وتَـحُدُّ من الاحتمالات اللا متناهية للأولانيات.

  1. 2. السميائيات عند بورس.

إن المنطَلَقَ الفلسفي المحدَّدَ في «نظرية المقولات» هو عمادُ نظرية بورس السميائية، وما قيل في ذلك ينطبق تماما على مفهوم العلامة السميائية.

العلامةُ السميائيةُ تمثيلٌ، ولا إمكان بأن يدل الشيءُ عن نفسه، فهي إحالةٌ، لذلك ترتبط بمفهوم الإدراك أساسًا، من خلالها ندرك العالم؛ بل كل العالم (وما فيه) علامة، ولا شيء قابل للفهم والإدراك خارج نظام العلامة، فـــــ “الإنسان علامة وما يحيط به علامة وما ينتجه علامة وما يتداوله هو أيضا علامة”(21).

بناء على نظرية المقولات ذات الجذور الفلسفية، فـــــ “العلامة تشتغل في ذاتها كأوَّلٍ وثَانٍ وثالثٍ، فهي تحتوي على الإمكان والتحقق والقانون (الفكر أو الدلالة) (22)، وبمنطق الإحالة فهي تتكون من ماثول (سلسلة من الأصوات، إحساس)، وموضوع الماثول، ومَؤُول (ما يفسّر العلاقة بين الماثول-الإمكان والماثول-المحقّق).

إن إدراك العلامة وفهمَها لا يمكن أن يتم (كما سبقت الإشارة) من خلال علاقة الماثول بالموضوع، وبالتالي توقُّفُ السيرورة، بل لا بد من ثالثانية (الـمَؤُول)، لتتأكد العلاقةُ، وتصبح فكرا أو عادةً، وتُـحَقِّقَ الامتدادَ والتواصلَ؛ إذْ هما أساس التجربة الإنسانية، ومنطلَقُ الفهم الكلي للعالم.

يطلق بورس على العلاقة الثلاثية، باعتبارها سيرورةً في إنتاجِ الدلالةِ والمعنى «السميوز»، ذلك أن سميائياتِه هي رؤيةٌ للعالم، وللتجربة الإنسانية في كليتها، لا اختزالها في الجانب اللغوي فقط (اللسان)، كما عند سوسير. والعلاقةُ بين الإنسان ومحيطه عند بورس غيرُ مباشرة، يحكمها مبدأ التوسُّط، وعلى هذا الأساس “فإنّ السيرورةَ السميائية (حقل السميوز) تستدعي الماثول كأداة للتمثيل، وتستدعي الموضوع كشيء للتمثيل، وتستدعي مَؤُولا يقوم بالربط بين العنصريْن، أي ما يوفّر للماثول إمكانية تمثيل الموضوع بشكل تام داخل الواقعة الإبلاغية”(23)؛ أي التواصلية.

تتحدد السميوز إذن من خلال العلاقة التي تربط بين الماثول والموضوع والـمَؤُول.

  1. 2. 1. الماثول (Représentamen):

يُكَثِّفُ بنكراد التحديدَ الذي قدمه بورس للماثول في نقط دقيقة:

فهو ليس واقعة لسانية بالضرورة، إنه يَـحُلُّ محل شيء آخر، إنه أداة للتمثيل، لا يوجد إلا من خلال تحيينه داخل موضوع ما، لا يستطيع الإحالة على موضوعه إلا من خلال وجود مَؤُول يمنح العلامةَ صحتَها (توفير شروط التمثيل) (24).

  1. 2. 2. الموضوع (Objet).

هو التجسيدُ الفعلي للماثول (الثانيانية بالنسبة للأولانية) المترتِّبُ عن معرفةٍ مسبقةٍ مشتركة بين مرسلٍ ومتلقٍّ، في إطار عمليةٍ تواصليةٍ، والتجسيد المقصود يمكن أن يتحقق ويمكن أن يُفتَرض، على حسْبِ طبيعة حقل الموضوع. كما أن الماثول لا يمثل الموضوع تمثيلا كليا، فهو يحيل إلى جانب معيّن من الجوانب التي تتحقق في الموضوع، فقد تحيل الماثول (السيارة) إلى جانب (السرعة) فقط، في سياق تواصلي ما، دونما إحالةٍ لِمَا تتميز به من خصائص أخرى (الراحة، الأمان، الاستقلالية في السفر …).

إن الموضوع عند بورس يشتغل أيضا باعتباره علامةً جديدةً وفق نمطين: مباشر وديناميكي. الأول هو ما تقدّمه العلامة من معلومة جديدة. الثاني ما نملكه عن العلامة في موسوعتنا المشتركة.

  1. 2. 3. الـمَؤُول (Interprétant).

يعتبر العنصر الثالث في العلاقة الثلاثية التي تشكل نسيج السميوز؛ إنه الواسطة بين الأولانية والثانيانية، ما يُسَوِّغُ طبيعة الإحالة من الإمكان إلى التحقُّق، وبتعبير بورس “كل ما هو معطى بشكل صريح داخل العلامة نفسها في استقلال عن سياقه وعن الشروط المعبرة عنه” (25). ولأن فهم هذه القولة من قِبَلِ الدارسين حصل فيه اختلافٌ بين توسيعٍ لها تارةً، وتضييق تارة أخرى، عمد بنكراد إلى التوقٌّف عندها شرحا وتبيينا وتوضيحا لمقصد بورس منها. نحدد ذلك (من خلال ما أشار إليه هو) في النقط التالية:

– “إنه عنصر توسطي يقوم بربط الماثول بموضوعه، ولكنه في الآن نفسه، يبرر المساحة التي لا يمكن ملؤها أبدا بين الماثول والموضوع”(26).

– الـمَؤُول يقوم بإحالة واحدة من إمكانات عديدة لإحالات لا حصر لها، يكشف عن بعضها السياق المختلف وطبيعة المؤوّلين.

– الـمَؤُول لا علاقة له بالمؤَوِّل (الشارح) (27)؛ إنه وسيلةٌ يستعملها المؤَوِّلون للوصول إلى تأويلٍ ما، لذلك نكون أمام عديدٍ من التأويلات ما دامت الـمَؤُولاتُ تختلفُ.

– اعتماد الـمَؤُول ضمن نسيج السميوز هو إبعاد لمفهوم الاعتباطية بين الماثول والموضوع. إنه يحدد قانون العلاقة ويفسّر طبيعتها، ويدفع بها إلى الشيوع.

– الماثول محدّد للتأويل؛ إنه حاملٌ للقانون الذي يسمح بتأويلٍ ولا يسمح بآخر.

– الـمَؤُول سلسلةٌ من القيم ذات العلاقة بالحقل الثقافي؛ في مستوى تحيينها المكاني والزماني، لأن “العلامة لا تُدْرَك إلا من خلال استحضار [ذلك] الحقل”(28).

يختلف حضورُ الـمَؤُول في مسألة تحديد العلاقة بين الماثول والموضوع، وهو بقدر ما يفسر نوع الارتباط، فإنه أيضا يكشف عن فراغاتٍ ممكنةٍ لارتباطات أخرى لا نهاية لها، تتحدّدُ بحضور نفس الماثول في سياقات مختلفة، من زوايا نظر مؤوّلين عديدين، بناءً عليه فالـمَؤُول أنواع ثلاثة (بتحديد بورس):

– مَـؤُول مباشر: أو ما يُقصد به معنى العلامة؛ هو منطلَقُ تحديد الدلالة، هو ما تقوله العلامة بعيدا عن أيِّ سياق، لا علاقة له بالشخص المؤوِّل. بتعبير بورس هو “لحظة بدئية داخل سيرورة تأويلية لا متناهية”(29).

– مَـؤُول ديناميكي: أي “الأثر الذي تولّده العلامةُ بشكل فعلي في الذهن”. حسْبَ بورس يأتي بعد الـمَـؤُول المباشر، ينطلق منه ليعبِّرَ عن لا نهائية سيرورة الدلالة. هو بوابةُ فعل التأويل بمعناه الواسع.

– مَـؤُول نهائي: يرتبط بالعادة، ما يُتَوصَّل إليه من خلال الـمَـؤُول الديناميكي، فلمّا يحدد هذا الأخير تأويلا معينًا، يكون هو الـمَـؤُول النهائي. إنه “الأثر الذي تولده العلامة في الذهن بعد تطور كافٍ للفكر”(30)، ولا معنى لكلمة “النهائي” بما قد يُفهَمُ منها، من أنها نهائية داخل الزمن، فالـمَـؤُول النهائي سيشكل بدوره علامةً ضمن سيرورة لا متناهية من الإحالات، يخضع بدوره للثالوث السميوزي البورسي.

إن العادة التي تَنْتُجُ عن مَـؤُول نهائي “تَحُدُّ مؤقتًا الإحالة اللا متناهية من علامة إلى علامة أخرى لكي يتسنى للمتكلمين الاتفاق سريعا على واقع سياقٍ إبلاغي معيّن”(31).

  1. عودٌ على بدء (أو استمرارُ القولِ في «المَؤُول» و«الدلالة» و«التأويل»).
  2. 1. يقول بورس “العلامة تضع للتداول ثلاثة عناصر: أوّل يحيل على ثانٍ عبر ثالثٍ هو نفسُه سيتحوّل إلى منطلق لتوليد سلسلة من الإحالات الأخرى”(32)، في تتابع لا نهائي من الإحالات. والدلالةُ التي تنتُجُ عن الـمَؤُول الديناميكي تكون نهائيةً في علاقتها بسياق ما، وزمان ما، ومكان ما؛ لتعدُوَ هي الأخرى علامة ضمن سيرورةٍ تاليةٍ تتولّد عنها إحالات أخرى غير نهائية.

إن الـمَؤُولَ هو منطلَقُ أيِّ تحليل دلالي، “ما يشكل نقطة إرساء أولى للمعنى”(33)، من خلاله نكثِّفُ العالمَ في رموزٍ بها نتواصل، ونفهم تجاربنا وتجارب غيرنا، ونكوِّن رؤيتَنا عن العالَم، فالإحالةُ تبعا لذلك لا يمكن أن تكون ثنائيةً اعتباطيةً لحظيةً، لها علاقة بزمان ومكان محدّدَيْن.

  1. 2. إن الدلالةَ التي تنتُجُ عن العلاقة الثلاثية المركبة للعلامة، لا تكون نهائيةً؛ لأنها بالأساس تندرجُ ضمن نسقٍ معيّن، والنسقُ أنواعٌ، ما يعني اختلافُ الدلالة باختلاف النسق. رغم ذلك فلها معنًى مباشرٌ تقريري يتسم بالثبات، فــــــ “قد يتغير معنى «شجرة» من سياق إلى آخر، بل قد تحيل «الشجرة» على مضامين بالغة التباين، إلا أن النواة المعنوية الصغرى تظل ثابتة، وهي التي تسمح بالعودة من جديد إلى الأصل لتوليد مزيد من الدّلالات”(34).
  2. 3. إن الحديث عن الدلالة باعتبارها مادّةً للتداول يجعل العلامةَ في علاقةٍ بفعلِ التأويلِ، من هذا المنطلق يتوزعُ التأويلُ تبعًا لأنواع الـمَؤُول (من مباشر إلى ديناميكي إلى نهائي). وما قيل سابقا عن تلك التحديدات يتطابق حين تناولِ موضوع علاقتِها بالتأويل.

هناك إذن التأويلُ المباشرُ؛ أي “ما يتم الكشف عنه من خلال إدراك العلامة ذاتها (…)، إنه يتحدد باعتباره ممثَّلا ومعبَّرًا عنه داخل العلامة”(35)، فهو لا يتجاوز ما يُقدمه الماثول بشكل مباشر، أو ما يعني (المعنى الحرفي للكلمة)، فــ«الشجرة» لا تعني غير كونها «شجرة».. بعده يوجد التأويل الديناميكي؛ ويعني ما تنتجه العلامةُ من دلالة ذات روافد سياقية (تاريخية، وثقافية، وإيديولوجيا، وأسطورية، ودينية، …)، صحيح أنه تأويل مرتبط بالأول في إطار العلاقة الثلاثية التي هي لُبُّ نظرية بورس السميائية؛ إلا أنه يتميز عنه بكونه “متجدد باستمرار (…)، وأنه قراءة متجاوِزة للمعطى المباشر للعلامة”(36). وهو بطابعه غير القار يعبر عن السيرورة اللانهائية للدلالة؛ فاختلافُ السياقات ومواقعِ وِجْهات النظر تؤدي (حتما) إلى اختلاف الدلالات، وذلك ما يفسّر لا انتهاء ولا نهائية السيرورة الدلالية للعلامة. الأمر هنا لا علاقة له بالعبث التأويلي (كما سبقت الإشارة إلى ذلك)، كما لا علاقة له بتوجّه التفكيكيين، ويبقى جانبُ الممارسة هو ما يحدد نهايةَ العلامة، أي اعتبارُها مؤسِّسَةً للعادة والفكر والقانون، أو ما يصطلح عليه بورس بالتأويل النهائي، الذي يقلل من جدوى المآخذ التي وُوجه بها(37)، بخصوص ما يمكن الاصطلاح عليه بــــ “فوضى التأويل”؛ حين الحديث عن “لا نهائية السيرورة التأويلية”، لذلك يكون الـمَؤُول النهائي هو “الوَقْعُ الذي تولده العلامةُ في الذهن بعد تطور كافٍ للفكر” (38)، وتصبح آنئذ بمثابة «العادة» (أو القانون)؛ التي تتفق بموجبها جماعةٌ ما، وتتبالَغُ من خلالها. هنا إذن تُكبَحُ فعاليةُ الـمَؤُول الديناميكي، وتستقر بناءً على سياقٍ محدّدٍ.

  1. 4. العلامةُ تمثيلٌ لدلالة ما، تحضُرُ في وجهيْن متكامليْن، أو بتعبير بورس في مستويَيْن. الأول خارج-سيميائي، ويتضمن مجمل التصنيفات القيمية المجرّدة والقارّة […وهي] قيمٌ توجد خارج الممارسة السميائية لأنها انفصلت عن الفعل الخاص، وهو عما يحدّدُ هويتَها المميزة. الثاني ينتمي إلى البُعد السميائي بحصر المعنى (ويعيِّنُ هذا المستوى كل ما يُدرَك كتحقّق محسوس ضمن سياق خاص”(39).
  2. خلاصة.

أوضحت لي قراءتي لهذا الكتاب أن فهم العالم (بكل أشكاله وأنواعه ومرجعياته وعناصره وترتيبه ونظامه والفاعلين فيه والمنفعلين به) لا يتأتّى بما هو خارج-طبيعي فقط؛ إنما اعتمادا على المادِّي أيضا (تحديدا العلامة؛ وهي واقعية أو مفترضة أو متخيلة). وإذا كان الإنسان في سعيه لالتقاط المعنى يعود إلى مرجعياته الدينية في معظم الأحيان باعتبارها معطى ربّاني. فإنه أيضا ينطلق مما أنتجه هُوَ؛ أي مما خلَّفَ جنسُه من عادةٍ أو قانونٍ أو عُرفٍ.

في فهم نظرية بورس يكون الإنسانُ أقدرَ على فهمِ نفسِه (باعتباره علامة)، وأمكنَ مِنْ أن يقرأ النصوصَ وهي ذاتُ امتدادٍ خاضعٍ لسيرورةٍ تأويليةٍ.

الهوامش:

[1]: بنكراد سعيد “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس” المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء-المغرب، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى2005م.

2: نفسه، ص27.

3: نفسه.

4: نفسه.

5: “الـمَؤُول” = (interprétant)، ص74، لا “الـمُؤَوِّل”/ الشارح (l’interprète)، ص89. يرد عند بنكراد “أنه إذا كان الـمَؤُول يشير -من بعيد أو من قريب- إلى عملية التأويل التي تسمح للمتلقي بإدراك العلامة، فإنه لا يتطابق مع الشخص الشارح (l’interprète)، ذلك أن الـمَؤُول لا يشترط وجود الشخص الشارح، لأنه يشكل فقط «الوسيلة التي يستعملها الشخص الـمُؤوِّلُ من أجل إنجاز تأويله. وهكذا يمكن أن يعطي شارحون كثيرون تأويلات مختلفة لنفس الشيء/ العلامة إذا كانوا ينطلقون من مَـؤُولات مختلفة»”، بنكراد سعيد “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس”، مرجع سايق، ص89. ورد أيضا في الصفحة 187 “لقد نبهنا بورس مرارا أن الـمَؤُولَ لا يعني الشخص الذي يقوم بالتأويل، فالعلامة تنتج معناها حتى في غياب أيِّ شارح”. عموما نحن فهمنا من هذا على أنه تفريقٌ بين الكلمتَيْن، فتعمَّدنا شكلهما كلما وردا في المقال.

6: نفسُهُ، ص28.

7: نفسه، ص29.

8: نفسه، ص30.

9: نفسه، ص31، وصاحب “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس” أخذ التحديد من Umberto Eco: Le signe, éd labor, Bruxelles, 1988, p. 205.

10: كلام لبنكراد، المرجع السابق، ص31.

11: نفسه، ص32

12: نفسه، ص33.

13: نفسه، ص35، وصاحب “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس” أخذ التحديد من Umberto Eco: Lector in Fabula, éd Grasset 1985, pp 112 et suiv.

14: بنكراد سعيد “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس”، مرجع سابق، ص41.

15: نفسه، ص47.

16: نفسه، صص52-53، مع بعض التصرف من قِبَلنا لأجل التوضيح.

17: نفسه، ص57، وصاحب “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس” أخذ التحديد من Peirce (cs): Ecrits sur le signe. Ed seuil Paris 1978 P: 89.

18: نفسه، ص61.

19: بنكراد سعيد “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس”، مرجع سابق، ص66.

20: نفسه، صص68-69.

21: نفسه، ص72.

22: نفسه، ص73.

23: نفسه، ص77.

24: نفسه، ص79.

25: نفسه، ص88.

26: نفسه، ص89.

27: يقول بنكراد “لقد نبهنا بورس مرارا أن الـمَؤُولَ لا يعني الشخص الذي يقوم بالتأويل، فالعلامة تنتج معناها حتى في غياب أيِّ شارح”، نفسه، ص187.

28: نفسه، ص92.

29: نفسه، ص95.

30: نفسه، ص101.

31: نفسه، ص102.

32: نفسه، ص129.

33: نفسه، ص139.

34: نفسه، ص145.

35: نفسه، ص146.

36: نفسه، صص148-149.

37: ورد في الصفحة 130 ما نصه “وهناك من رفض من هذا التصور [المقصود ما يسميه بورس بالـمَؤُول النهائي] جملة وتفصيلا واعتبره سيرورة منافية لطبيعة الفعل السيميائي. فلقد استهجن بنفنيست مثلا هذا الأمر، في نهاية الستينيات من القرن الماضي، وعده نوعا من المضاربة الفكرية التي لا تؤدي إلى نتيجة. ولهذا لم ير في هذه الإحالات التي يتحدث عنها بورس سوى حركة تشير إلى تهرب دائم من إرساء لحظة يمكن فيها للمعنى أن يستقيم ويستقر على قيمة دلالية تطمئن لها الذات …”، بنكراد سعيد “السميائيات والتأويل؛ مدخل لسميائيات ش.س. بورس”، مرجع سابق.

38: نفسه، ص152.

39: نفسه، ص160.

 

باحث في تحليل الخطاب من المغرب

 

عن madarate

شاهد أيضاً

تجربة الاستنارة في رواية ” الظل الأبيض” لعادل خزام (قراءة عاشقة) – لحسن ملواني

  تجربة الاستنارة في رواية ” الظل الأبيض” لعادل خزام (قراءة عاشقة) – لحسن ملواني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *