قيل لي: من هو أحمد لمسيح…؟؟ وهذا من باب التعريف لا من باب الـتصنيف… ومن باب التأليف لا من باب التحريف.
قلتُ: هو البوهالي المسكون بالحرف الزجلي، المسافر معه في تخوم الخيالِ، ليمتد وحيدا يغربل الحروف والكلمات على مقاس الحياة والمماتِ، هو الذي سوى عرش الزجل ليتربع عليه عميدا، وهو الفاتح صدره للاستعارات كي تتخذ منه عشا وحيدا. وهو المستحم بالماء حتى صار الماء منه قريبا لا بعيدا، وهو بين ذا وذاك الهائم بين التوليفاتِ فاختار اللجوء إلى الحكمة كي يسقي روحه بلسما ووعدا وعيدا.
أحمد لمسيح اسم صنع لنفسه اسما آخر غير المربي الذي ربى الأجيال بالطبشور والسبورة، والقواعد وأسلوب التعريف والتبيان.
وهو الآتي من رياح تأتي أو لا تأتي لكنها حتما ستأتي1 شعرا… حتى هاجمه “فيضان الثلج”2 فجنى منه استعارات ضاربة في غياهب الذات باحثا عن أناه، وإن حاصره الماء يوما لم يتوقف بل بقلب عاشق يسأل من يعرف الجواب أو لا يعرفه، ولأن السؤال هو بداية الحكمة، قال: “شكون اطرز الما؟”3 “بين الظل والجسد”4، إذ أن الظل يسكنه والجسد نافر منهُ بين مدارات الحياة، فظل يبحث عن “ظل الروح”5 حتى “توحش رأسه”6 مرات ومرات، ولم ييأس من البحث المتجدد بين “حريفات”7 تعانقه مرة وتهجره مرات في جنان الذات الكاتبة الباحثة عن السكينة بين “حال وأحوال”8، ولم يتوقف هناك حيث الصمت ينخر الذات وهي في مخاض دائم بل مضى وفي “البحر ذاكرته”9 وهو يبحث عن ذكريات الطفولة بين الحلم والمستحيل، فعاد إلى الما مرة أخرى ليستحم من نهره الدافئ حيث “خيال الما”11 متربع على عرش السمو والرقي، فأخذته “ريح الكلام”12 “نجمة”14 بين النجوم لكنها مثل حلمة فريدة لا تأتي إلا مرة واحدةً بين حدود “بلادي”15، إلا أن الكلام لم يتركه بعيدا عنه بل نادى عليه ضوءا مستنيرا لما عانق “كلام ضاوي”16 وهو المستنير دوما بحكمة الآتي الذي يأتي إلا جديدا، فقال له: أنا “كلام آخر”17 غير الأول فعانقني أيها لمسيح ولا تردد وتقول لي :”أنا ماكاينش”21 بل أنت هنا موجود في “الرياح التي ستأتي”1 وفي الماء الممتد بين العينين روحا تناجيكَ، وفي الكلام وفي “ظل الروح”5 وفي كل “بسمة”22 تعيد لك الأمان أنك موجود، عاشقا متزهدا يرتدي بوردة الكلام ويمضي حتى قتلته القصيدة، وبدون شعور صرخت معترفا “قتلتني القصيدة”24 تقولها مرارا وتكرارا، وتعيدها في نفس واحد بلا انقطاع، ومن بعيد جاء صوت من خلفك قائلا: “استرها بماك”25 لكنك لازلت “تتوهم أنك عشقت”26 وفعلا عشقت هذا الكلام العاري الممتد في المدى يحاور الماء والظل والجسد والروح. ولما أعياك المسير قلت: “سطر واحد يكفي”27 كي تبوح بما لا يبوح به غيرك وأنت “في جزيرة الما”28 تقاوم الوحدة وهذا المخاض الإبداعي الذي يتركك في معبدك الصوفي تقرأ الكون بدون كلام وحريفات.
أنت خلقت لهذا الماء الآتي مع الرياح ومع فيضانات الثلجِ وطهر الروح، فاستحم كما يحلو لك على هذا البياض، ومخاضك لن ينتهي هنا أو هناكَ، بين الخيال والمحال، فاكتب قصيدتك التي قتلتك يوما، فبالكتابة نحيا ونحيي القصيدة.
فتحية له من القلب إلى القلبِ…
وسلاما له سلاما… يكفر عني ما نسيته من تذكير أو تعريف به وهو المعرف الذي لا يحتاج للتعريف.
ملاحظة: الإشارات الرقمية ترمز إلى دواوين الزجال أحمد لمسيح حسب الترتيب الزمني
أكادير: 05 يوليوز 2019