بورتريه حكم حمدان: قديس القصيدة الحسَن الكامَح
قيل لي: من هو حكم حمدان…؟؟وهذا من باب التعريف لا من باب الـتصنيف… ومن باب التأليف لا من باب التحريف.
قلتُ: هو حاكم الحمدان كما يحلو لي تلقيبهُ، الغني عن التعريف في الشرق والغرب وفي الشمال، أما في الجنوب فلا حاجة أن تسأل عنه، فهو يذكر كلما ذكر الشعر، ويدعى إلى الأمسيات بلا استفسار عنه.
هو صاحب صهوة المجد. ونوتات عاشقة، وغيوم تقتفي أثر النهر، ألمٌ… يروي غابة شعر وفي انتظار الخامس، نقول له متى الخامس يا حكم …؟ فيقول بين الرفوف.
قيل لي : هذا نعرفه والكل يعرفه…؟
قلتُ: هو شاعر لا يحب أن يشار إليه بالبنان… محب للبيان.. لا ينطق شعرا إلا بالأوزان… وإن قطع شعره بدون صدر أو عجز فهو يلتزم بالعروض وحداثي التجربة .
قيل لي: وماذا بعد…؟؟
قلتُ: حين يقرأ الشعر تعرفه بنبرات صوته شاعرا… حين يتحدث عن الشعر تدرك أنه شاعر… وحين يلقي السمع للشعر تتيقن أنه بكل بساطة شاعر بالفطرة لا ب(الجبهة) كما يقال.
هادئ الطباع … طيب الكلام… لا يحب الضوء.. ينسحب في هدوء إن تراءى له أن الضوء كثيف سيصيبه بالعمى، يحب أن يسبح في بحر الكلام البسيط… لكنه بالمعاني عميق…
يحب المجاز كما لا يحب الإعجاز.
هو الموجود بين الحاءين: حاء الحكمة والحكم … وحاء الحمد
فهو الحاكم الحامد وعاشق الحكمة والحكمْ…وهو بين الحائين طبعا شاعرٌ
حسبته في الأول شاعر رودانة… ومن بعد حسبته شاعر سوس العالمة.. وفي الأخير تيقنتُ أنه شاعر فوق الألقاب، وبدون ألقاب شاعرٌ وكفى.
فهو القديس الذي يقدس القصيدة… وهو المعتكف في حضن القصيدة…
وهو المحلق في الدنى من خلال القصيدة.. ولأنه كذلك أقولُ له:
(سلامٌ لك قصيدة أينعت بين نوتات نبضكَ..
فاستوت على رأسك عرشا
سلام لك قصيدة أزهرت بين أناملك شعرا…
تسافر بالنبضات إلى أبعد حدٍّ عمرا
سلام لك محبة على البحر الطويلِ أو المديد…
أو ما شئت من البحور التي تعشق سرا وجهرا
محبة إن صرفتها كلمات
لا يكفيها بياض السنين..
وإن صرفتها ألوانا
لا تكفيها كماشات اللحن الحزين..
وإن صرفتها قبلا
فلا تكفيها شفاه الحنين..
وأنت صاحب قصيدة “قبلة”
من رسمت على الجبين…)
فتحية له من القلب إلى القلبِ…
وسلاما له سلاما… يكفر عني ما نسيته من تذكير أو تعريف به وهو المعرف الذي لا يحتاج للتعريف. لأن شعره يعرف به، ومن لم يعرفه إبداعه نسي قبل أن يموت.
وسلاما لك سلاما…
أكادير: 6 ماي 2016