عندما نتحدث عن الأدب والمقاومة، أو مصطلح «الأَدبُ المُقاوِمْ»، فإننا نُشير إلى الفرد ومكانته في العالم، وعلى وجه الخصوص؛ نضاله ضد القوى التي تحاول إيذاء وطنه أو سحق شخصيته أو إمحاء هويته.. وقد تعرّض الشعب الفلسطيني للعناصر الثلاثة المذكورة، كما عانت شعوب أخرى وخاضت مواجهات كبرى ضد الاحتلال، اغتصاب الحقوق، طمس الهويّة، سلب الأراضي، التهجير القسري، فرض المعتقدات، الإجبار على نمط حياة معين، الاستغلال البدني والجنسي، التمييز العنصري.. وأبشعها بالطبع الإبادة الجماعية التي عانت منها شعوب كثيرة على مرّ العصور.. ناهيك عن معاناة شعب من نظامه الشمولي المستبّد وهو ما يحصل في كلّ الأزمنة تقريبًا ومستمر إلى يومنا هذا.
« تحت الاحتلالِ تعيشُ الشعوب دوما حالة مستثناة ومنفصلة تماما عن واقع الحياة الطبيعية
واليوم تحت الاحتلالِ الإسرائيلي الغاشم حيثُ يتعرَّض الشعب الفلسطينيّ بكافة فئاته وبانتظامٍ لجميع أنواع العُنفِ والقهر، فلا يخلو أي بيت من فقدان شهيد أو ألم جريح أو معاناة أسير
وقد جعلت المرأة الفلسطينيّة هنا وبشكلٍ خاص من هذا المُحيطِ المضطرّب بها، أداة تحفّيزّ لها ولقرارُتها
المرأة الفلسطينية التي أبدعت في كل الميادين بما فيها المجال الأدبي، أن المرأة الفلسطينية بصمودها وثباتها استطاعت أن تحقق نجاحات عظيمة يشهد بها العالم بأسرة».
وها هي ضيفتنا في هذه الحلقة ضمن سلسلة حلقات فقرة « إِضَاءات « والتي نسلط بها الضوء على أحد شعراء الهايكو في الوطن العربي، يسعدنا أن تكون ضيفتنا لهذا العدد؛ أديبة وشاعرة فلسطينية كان لها أيضا نصيبها من هذه المعاناة مع وجود الاحتلال البغيض، إلا إنها رغم هذا استطاعت خلق كم وافر من الإبداع الأدبي..
ورقة عن الهايكيست سائدة محمد عواد
– مواليد الكويت سنة 1978
– حاصلة على بكالوريوس تربية ابتدائية- جامعة القدس
– حاصلة على دبلوم حاسوب كلية المستقبل
* مشاركة في عدد من الإصدارات الورقية المطبوعة ومنها:
– لفلسطين نحكي. قصة الحرية على أجنحة الأمل والمقاومة.
– كتاب وميض النجوم برعاية الديوان وطن الضاد
– كتاب أحسن القصص3 برعاية الديوان وطن الضاد.
– كتاب ترانيم القصص وفيه مجموعة قصصية خاصة بي برعاية الديوان وطن الضاد.
– كتاب عن المتلازمات مع الأستاذ أيمن خليل ولم أستلم نسخي حتى هذه اللحظة لبعد المسافة.
– تعمل حالياً على إصدار كاتب خاص بالنقد والقراءات التحليلية لنصوص الومضة القصصية.
-1 الأستاذة سائدة محمد الاديبة والشاعرة: كل تجربة ولها بداية كيف كانت بدايتك مع هذا الحلم الشعري .. ؟
في البداية ومنذ دخولي على موقع فيس بوك كانت تجربتي بمجموعة أقلام تتحدى الصمت ثم طلبت الانضمام لثاني مجموعة وهو نادي الهايكو العربي كنت أدخله كثيرا وأقرأ ما يكتب هناك وأعجب به كثيرا وأتساءل ماذا يكتبون؟
وكان زميلي الأستاذ رائد العمري معنا في إدارة أقلام وكان أول من علمني الهايكو واستمرت تجربتي بالقراءة أكثر وأكثر عندما شعرت بأن نصي يرقى لمستوى الهايكو بدأت أنشر نصوصي لكن مع مرور الوقت نكشف أننا كل ما نعلمه لا يساوي شيئا ما دمنا لم نصل إلى عمق العلم وأصوله وجذوره وعدت من جديد أقرأ عن الهايكو وشعرائه وأنواعه. وجدت أن الهايكو لحظة انفعال وجدانية عاطفية حسية تصف مشهدية يرسمها الكاتب بريشة من قوس قزح يلونها كما يراها ويسمعها ويحسها ويتدوقها وليس كما يراها الآخرون فيعطيها رونقا وجمالا حرفيا وشاعرياً..
2 – كيف أقنع شعر الهايكو الأستاذة سائدة محمد ليترافقا بظل واحد ليكون ضمن تجربته الشعرية؟
الهايكو فن مثير وجميل وهناك الكثير من الكتاب المبدعين والمدهشين في طريقة عرضهم ووصفهم لما يرون. وهنا يكمن الجمال أن تقرأ للجميع وتتابع الكثير وتنقل أثرك وتأثرك لما تراه.. الشيء المثير الأكثر أن لكل كاتب أسلوبه الخاص الذي يضعه في نفس القالب ويعجنه بأحاسيسه ويمزجه بثقافته يضيف عليه نكهته الخاصة ليقدمه للقراء تحت مسمى(هايكو) والكل يبدع بأسلوبه.
3 – كيف ترين ما وصل إليه هذا المولود « شعر الهايكو « الذي نما في الأرض العربية إلى غاية الآن؟
طالما أن هناك أساتذة كبار وقامات موثوقة وكبيرة تتكفل بنشر هذا النوع من الفنون وهم على قدر من الأهمية والجدية ويعملون بجدية لإرساء ثوابت تمكن هذا الفن وتبني عليه صرحا يبقى قائما لما هو قادم فسيبقى مستمرا.
طالما أن هناك مجموعات أدبية تتبنى إنشاء دورا ثقافيا أو مؤسسات رسمية وتعمل جاهدة على الاعتراف رسميا بهذا الفن فسيبقى راسخا طالما أن هناك كتاب قديرين مخلصين قائمين على الحفاظ على هذا النوع من الفن ويعملون على نقله للأجيال القادمة بشكل سليم وصحيح وبعيد عن الرداءة والتكلف سيبقى مستمرا وسيجني ثماره (وهنا أشيد بنادي الهايكو في الأردن) والذي كان من أوائل من عمل جاهداً على ترسيخ أسس نادي للهايكو معترف به رسميا وتحت عمل دؤوب وجهد متواصل حقق مساعيه بكفاح ونجاح..
وهنا أحب أن أشير إلى أن هذا الكيان القائم (نادي شعراء الطبيعة هايكو الأردن) كان مجرد حلم صغير بدأ بطرحه الأستاذ توفيق أبوخميس وسعى بكل جهده ومعه مجموعة رائعة من الأصدقاء أ. فاتن انور أ. حسن أبوقطيش أ. رائد العمري أ. عصام الحاج عزمي وزوز أ. ثراء محمد أ. منتى السوداني أ. متى طه أ. محمد طارق محمود أ. محمود ابو جابر.. وبمباركة من مجموعة من القامات الأدبية الأردنية وعلى كان على رأسها المرحوم الفقيد البروفسور الأستاذ المبدع عز الدين مناصرة «طيب الله ثراه» والذي يعتبر من أوائل الذين كتبوا الهايكو في الوطن العربي.. وأرجو ألّا أكون نسيت أحدا.. لتحقيق هذا الحلم ليصبح صرحا أدبيا قائما بحد ذاته ومعترف به رسميا.
4 – هل يمكننا أن نقول إن هناك هايكو عربي (بنظرة ناقدة متفحصة لهذا الشأن لا بنظرة شاعر هايكيست) …؟
النقد لأي نوع من الفنون الأدبية ليس بالموضوع السهل لأن الناقد عليه أولا أن يكون ملما إلماما بطرق النقد الأدبي والأسس التي يرتكز ويتطلبها النقد ليكون نقدا حقيقيا، لذلك فإن لم يكن دارسا نقدا أدبيا عليه أن يطلع بجدية على طريقة النقد الآدبي وتحليل النص.
ثانيا عليه أن يكون قادرا على كتابة هذا النوع من الأدب وبالإضافة أن تكون له الذائقة الأدبية.
أقرأ بعض الآراء للكتاب عن نصوص الهايكو ولكن لا أراها قراءة تحليلية نقدية أقول البعض وليس الكل..
الناقد عليه دراسة تاريخ الفن الأدبي المعنى به أولا حتى تكون لديه النظرة الثاقبة والرأي السديد في إعطاء الحكم على النص وشروط رفضه أو قبوله.. وتأويلات التي يتضمنها النص إن كانت موجودة بالإضافة إلى القدرة الإبداعية في تحليل النص.
5 – ما سر براعتك في معانقة هذا النوع الشعري وتذهبي به بعيدا حيث لا يسعنا ان نقول على أقل تقدير لنص من نصوصك بإنه رائع؟
القراءة الكثيرة لكل النصوص الأدبية هي المحفز وهي المحرك الذي يدير ويدر فيوض الإبداع عند أي كاتب التواضع هو الذي يرفع قيمة الكاتب باهتمامه بأي نص لأنه يتعلم من النصوص القوية بغض النظر من كاتبها والنصوص الضعيفة تجعله يقوم بتقويمها وهذا بحد ذاته يوفر تغذية راجعة للكاتب بإعادة كتابة النص على طريقته وبأسلوبه..
الإحساس الشديد ومدى انفعال الكاتب وتأثره بما يرى ويشاهد.
الظروف البيئية أو الأسرية التي يعيشها الكاتب تؤثر بشدة بنصوص الكاتب.
أنا شخصيا حتى لو كان المشهد كرسي فإني أضع نفسي مكانه وأحاول أن أستشعر ماذا سأفعل في تلك اللحظة..
6 – كلمة توجهها الأستاذة سائدة إلى المبتدئين لكتابة هذا الجنس الأدبي الراقي..
أحب أن أقول لكل مبتدئ في أي نوع من الأدب أن يقرأ كثيرا قبل أن يكتب ويفكر كثيرا بالنص ليس عيبا أن نتعلم ممن سبقونا فهم أيضا تعلموا ممن سبقهم، فن الهايكو يعتمد على قوة الملاحظة وقوة الإحساس ومدى تأثرنا بالمحيطات من حولنا كلما كان الانسان بسيطا عميق الإحساس بالأشياء والمخلوقات كلما أبدع في كتاباته وكانت نصوصه خالدة…
في النهاية أحب أن أشكر الأستاذ توفيق أبو خميس على هذا اللقاء الجميل وأشكر وأوجه التحية والشكر لجميع العاملين وأعضاء هيئة تحرير مجلة مدارات الثقافية وأقول لكم جميعكم مبدعين وأتمنى لكم التوفيق والنجاح الدائم.
محبتي لكم.
وارف المحبة والتقدير لضيفتنا الفاضلة وكل الشكر لها على إتاحة الفرصة لنا بهذا اللقاء الشيق والراقي.
وتاليا إليكم مجموعة من النصوص الشيقة والرائعة للأستاذة سائدة محمد:
نيران مشتعلة-
فستانها القرمزي،
ولهيب الأشواق!
**
التفاحتان الشّهيتان-
يسيل لعابه،
طفل جائع!
**
ياقة القميص-
طوق الياسمين،
لحظة عناق!
**
في جيب المعطف-
منديله الحريري،
ليتني دودة القزّ!
**
منتصف الشهر-
وجهك أم القمر،
هالة نور!
**
لعبة خشبية-
ماذا فعل بك النجار،
يا أغصان الشجرة!
**
مصنع العطور-
متنقل،
يا لعبق شداه!
شاهد أيضاً
ترجمة كتاب الهايبون ” الطريق الضيق إلى أقاصي الشمال” لماتسو باشو (الجزء الثامن) – حسني التهامي
ترجمة كتاب الهايبون ” الطريق الضيق إلى أقاصي الشمال” لماتسو باشو (الجزء الثامن) حسني التهامي …