أقف أمام الباب. دفعته. دخلت. سمعت صوت أمي تخبر أخي: أمس، أفقت في الرابعة صباحا، رأيت أباك متكئا على الحائط، يمسك بقلبه. سألته: لماذا تجلس في الظلام؟
قال: أحسست كأنها سكتة قلبية، قلت لك سأموت قبل العيد.
قالت: فمك لعقه جرو أسود.
أخبرت أختي بما سمعته، فسبّت أختي الكبرى. قالت: إنّها سبب المشاكل، لينسها، فلتعم في بحرها. أما عندما سألت أمي، قالت: إنّها” الغدايد”، “المسخوط كيرد لقلبو، البارح مانعس ماشافو”.
مشكلة أبي معروفة، إنّها النقود التي تشق الطريق في البحر. يفكر في فاتورات الماء والكهرباء، الطبيب، دواء أختي، وهو بدون عمل. الدنيا غدّارة، والصحة كذلك. لكن، اللّه كبير.
في الخامسة صباحا، هبطتُ. أمي تصلي في الزاوية. أبي نائم. تأملت ذاك الوجه المبتسم دوما، وتلك اليد التي تربت على ظهري، والفم الذي يقبل جبيني. صعدت إلى غرفتي. شغلت التلفاز، لم يشتغل. جلست. اغرورقت عيناي. بكيت.
سمعت صرير الباب، لابد أن أمي خرجت. سقطت دمعة أخرى على خدي. في عقدها الخامس، ومازالت تشتغل. قالت لي: ” على من أنا صابرة، راه غير على ودك نتي وختك”. تشكو، مساء، من آلام في ظهرها، وكتفها. تقول:” ولاد الحرام حرثوا علينا اليوم”.
رفعت الوسادة، كانت عشرون درهما تحتها. قبيل خروجها. قالت لي أن أشتري بها دجاجا وخبزا.