شعرية المناخات المشهدية – في الهايكو الأصيل محمد بنفارس
هايكو خديجة وناس من المغرب نموذجا ترجمة وقراءة: محمد بنفارس،
عرس قروي-
تحت حوافر الخيل
تقضي شقائق النعمان!
–
mariage de campagne-
sous les sabots des chevaux
finissent des anémones !
–
boda de campo-
bajo cascos de caballos
¡mueren anémonas!
مشهد يتشكل من صورة فوقية تموج بالحركة وتطاير نقع الغبار وفرحة صاخبة، وصورة تحتية مقابلة تشي بنهاية صامتة وكآبة غامضة.
صورة (تحت حوافر الخيل/س.2) التي تؤشر للقوة توحي بأن حدثا غير سعيد سيقع. خبر (شقائق النعمان س3) التي تحيل للرهافة والهشاشة لن يتأخر لنصدم بأنها (تقضي س3) رفسا تحت في تباهى الفرسان على صهوة خيولهم كي تكتمل فرحة القرويين بعرسهم القروي وقد حل ربيع التجدد والتزاوج.
الإنسان يدمر ويقتل ليس فقط نزوعا للتحكم والسيطرة والتهديد بالقوة والحصار والتجويع والحرب، بل وأيضا حتى وهو يحتفل، وكأن الفرحة لا تكتمل عند بعض الناس إلا بمخلفات سلبية وآثار ضارة على حساب عناصر طبيعة مسالمة وضعيفة.
هايكو حسي (عينا وأذنا) وبشعرية مناخات مشهدية تجعل المتلقي المرهف لا ينتبه لأجواء العرس الصاخبة وفرسانه الأشداء، بقدر ما يؤخذ للمآل الصامت ولكنه عنيف لشقائق النعمان الجميلة والرهيفة.
بتنح كلي ولكن بحضور وجداني ملموس في أوار الحدث، جاء الهايكو أصيلا بالمادة المحلية والجماليات الكونية، وأيضا كونه من النوع المتقن الذي يبدي أكثر مما يقول.
الهايجن المغربية خديجة وناس
سيكون لنا اليوم وقفة مع هايجن تنتج في صمت دون دقات طبول ودون كثير أضواء. وللحقيقة لم يحض إنتاجها الهايكوي بما يكفي من عناية إعلامية وتناول نقدي، وخاصة عندما نستحضر ماكينة إعلامية صماء وغير مهنية تطبل شرقا وغربا في تجاهل تام لتجارب تستحق الاحتفاء. وتجربة خديجة وناس في الهايكو ترجع لسنوات، تجربة سقلتها بهدوء عبر التواصل والاطلاع والإنصات والكتابة اليومية. ولقد حان الوقت لتفرح وتبرز أقلام لها لمستها الخاصة وحضور صامت كي يطلع الجمهور الواسع وخاصة القارئ على أسماء ومسارات غير مألوفة في المشهد الإعلامي، ومن هده الأقلام: خديجو وناس.
1/ نبذة
خديجة وناس:
- من مواليد الدار البيضاء- المغرب
- إجازة في اللغة العربية وآدابها
- محبة للهايكو والومضة والقصة القصيرة جدا
- لها مشاركات في كتب ورقية والكترونية
- مسؤولة ومنشطة بإدارة فضاء هايكو العالم
2/ نصوص مع ترجمات وتعليقات سريعة:
وقفتنا اليوم مع حفنة من نصوص هايكو من تأليف خديجة وناس، وتتميز بتاثير حياة البادية وبأصالة المادة الشعرية المحلية التي توظفها وكذا إتقانها لفن الهايكو فلسفة ولغة وصياغة وإيجازا وعمقا جماليا.
1
كرسي الحديقة-
عن الزلزال يطول
حديث العاشقين
–
banc de jardin-
à propos du tremblement de terre
échange les amoureux
الزلزال قد يفرق أحباء بجلال قوته، ولكنه من جهة أخرى، قد يكون نقطة التقاء تجمع وتوحد وتوثق العرى لتحقيق الاستمرارية. نص ينبض بالرغبة في الحياة واستمرارها رغم مآسي الدمار: الموضوع زلزال والحديث عشق.
2
مقهى بحري
على أجنحة النوارس
يبزغ النهار!
–
café maritime
sur les ailes des mouettes
s’annonce le jour!
أن يحل يوم جديد بإشراقته على أجنحة نوارس، فتلك لقطة شفيفة تزف الجمال والفرح بولادة متجددة. مشهد ساحر تمنحه الطبيعة لمن يحسن التأمل ويطيب له الاستمتاع بطلوع يوم جديد.
3
الى الحقل المثمر،
على أكتاف بعضهن
تتكئ العجائز
–
champ de fruits,
sur les épaules des unes des autres
s’accoudent les vieilles dames
توليفة هايكو من توليفة بشرية تنم عن تناغم اجتماعي وتكامل وارتباط بالأرض مع مسحة من كآبة لشباب ولى وتحول طبيعي علينا القبول به وإحساس عميق بمرور الوقت.
هبة نسيم عليل وسلة فاكهة بلون الورد من حقل شعرية المناخات..
4
نسيم بارد-
من شراشف النافذة
يتسلل الفجر
brise fraîche-
par les rideaux des fenêtres
se faufile l’aube
5
مقهى المتقاعدين-
حول صديقات الأمس
حديث الرفاق
–
café des retraités-
des amies d’hier
bavardent les camarades
6
أرض خلاء-
الريح تطارد
الريح
–
terrain vide-
le vent chasse
le vent
إحساس عميق بالفراغ وحيوية وقوة الطبيعة في تدوير نفسها بنفسها.
7
خريف آخر-
ما تزال خضراء
وشمة الجدة
–
autre automne-
encore frais
le tatouage de grand-mère
8
عاملة الحقل-
وحده ينصع بياضا
أثر الخاتم
–
ouvrière des champs-
seule luit de blancheur
l’empreinte de la bague
9
زخات مطرية
على السقف القصديري
سمفونية وجع
–
averses
sur le toit de tôle
une symphonie de douleur
–
chaparrón
en el techo de lata
una sinfonía de dolor
10
زوبعة رملية –
يد على النظارة
ويد على التنورة
–
tempête de sable-
main sur les lunettes
l’autre sur la jupe
11
خريف-
يختلط الواقع بالخيال
أحاديث الجدة!
12
ندى الصباح-
على زهور برية
يتناوب سرب نحل!
13
يا لجمال أزهار اللوتس
يفسد الدهشة
سرب بعوض …
14
مشفى-
ذابلة تؤنس وحدته
باقة ورد!
15
ممشوقة القد
لا تنتظر اهتماما
أزهار برية
16
تتراقص طربا
عروس ترفل بثوبها الأبيض
زهر سوسن
17
قطرة ندى-
على الجورية الحمراء
تغفو فراشة.
18
عام ونيف-
لا تزال متفتحة
ورود المزهرية!
19
جانب الطوار-
على الزهرة البنفسجية
يتبول كلب.
هايجن ومترجم وباحث في الهايكو من المغرب
شكرا لدعمهم وإتاحة الفرصة لنشر وتطوير وتنمية ثقافة هايكوية واعية وواسعة بهذا الفن العظيم
كل الشكر والتقدير أستاذ محمد بنفارس للترجمة والقراءة الماتعة لنصوصي والتي احاطت إحاطة شاملة بمرئيات النصوص الى جانب خلفياتها واعطت صورة تكاد تكون فلسفية لمضامينها
فشكرا جزيلا لنثرك الفرح في دروب إبداعات لم تجد فرصتها في الظهور