هَبْني أُناجي الروحَ
حين أقولُ: أنتَ
وحينَ أصرخُ: ضيّقٌ هذا الفضاءُ
أمامَ حضنِكَ
فارتجلْ فرحاً صغيراً
كي أداريَ فيه حُزني
حينَ تخذلُني الخرائطُ
أو يسُفٌ الرملُ صَوتي
هَبْني أُناجي الروحَ
حين أقولُ يا صاحي
كبُرنا في الغيابِ
ولم يعدْ في العمرِ مُتسعٌ
لنرجعَ مرةً أخرى على «القللي*
ونرمي النرد
من سيفوزُ في الحربينِ
من يحتالُ بالتاريخِ؟
أم مَن يكتبُ التاريخَ
بعد خسارةِ الحربينِ؟
هَبْنا أخطأتنا النارُ
فاخترنا لننضجَ طلقةً أخرى
بطعمِ الريحِ
واخترنا لنكبُرَ قصةً
أبطالُها خرجوا عن المألوفِ
حيثُ تكاثروا من ذاتِهم
وأتَوا بخِرْقةِ من تصوّف يسألونَ
بأيِّ حقٍّ فارقونا من إلينا يرجِعونَ؟
ومَن يخُشُّ النارَ
من ألقى عصاهُ
فأخرجَ الحيّاتِ بالآلافِ تسعى
في الحياةِ؟
أم الذي شقّ الفؤادَ
فصبّ نهرَ النيلِ في عينِ الحياةِ
مضى وحيداً
لا غمامَ يُظِلّهُ
إلا غناءُ حبيبةٍ
خلعتْ مياهَ النهرِ
واستبقَته عندَ البابِ؟
يا صاحي: ظمِئتُ
وهذهِ الصحراءُ تترى
بينما حُلمي يطيرُ
وليسَ يُدركُ أنها «نداهة» فتنته
لا أعْطتْهُ ما أعْطتْهُ
أو أخَذَتْهُ مُذْ أخَذَتْهُ
بل ترَكتْهُ بينَ البينِ
تأتيهِ البدايةُ بالنهايةِ
وهو مكتظٌّ وشاغِرْ
يا صاحبي: انقسمَتْ أناي
فتُهتُ فيكَ
وصِرتُ أستجدي الحياةَ
صدى وصوتاً
يا صاحبي: هَبني أناجي الروحَ
حين أقولُ: أنتَ
* القللي مقهى بجوار مبنى قصر ثقافة الفيوم في مصر يجلس فيه الأدباء
شاعر وإعلامي من مصر