الرئيسية / ابداعات / عاشــــقةُ الليلْ – جواد وادي

عاشــــقةُ الليلْ – جواد وادي

(إلى الرائدة نازك الملائكة)

عاشقتيْ…
الفراشاتُ التي
أنهكَها الانتظارُ
حملتْ وساوسَها
وبعضَ المتاعِ القليلِ
لتندّسَّ في غيمةٍ ماطرةْ
أو قلبٍ تولّهَ
في دلعِ النساءْ
اخبريِها
حينَ تحطُّ
في خاتمةِ الليلِ
على وسنِ الذكرى
ووهجِ الشوقِ
أنّي وصلتُ هُنا
زحفاً على الكلماتِ
حاملاً بينَ أضلعيْ
كربةَ وطنيْ المعفّرِ
بالدمِ والياسمينْ
قابضاً بيديْ
جمرةً للعبورِ
ودموعَ المآقيْ الذارفةِ
دماً وحسراتْ
***
عاشقتيْ…
بدنيْ يخفقُ
حينَ يجودُ الدمعُ بليلاً
يهرقُ شغافَ
القلبِ الموجوعْ
وضلوعيْ تتمطى
بحثاً عن قارعةٍ في الليلٍ
تتوسّدُ فاصلةً
تركتّها حنّاءُ الكفينِ
حينَ تركتُ اللونَ البنّيَ
يعلو صراخَكِ وآنتِ تنطّينَ
بينَ صبايا الحيِّ … لتشدو:
ها أنّي فتنةُ بلدي الأبهى
ها أنّي خارطةٌ للوجعِ المرِّ
ها أنّي عاشقةٌ ترفلُ
بالنشيدِ الذي لم يُعزفْ بعدُ
والكلماتُ تنسجُ بهاءَها
لشفاهكِ العذبةِ
فافردي من ألوانِكِ الخفافِ
لوناً تهفوا لهُ القلوبُ
أواهْ… كمْ تبعثرتْ
فوقَ الشفاهِ زغرودةٌ
كنّا نلملمُها من هفهفةِ الريحِ
أو حفيفِ السعفِ
نعمّدُها في مياهِ الفراتِ
قبلَ الوداعِ الأخيرْ
***
سحنتُكِ عاشقتيْ…
لم يُخفها ضبابُ السنينِ العجافِ*
على هيكلٍ آدميٍ عجيبْ*
قدْ تكونينَ أنتِ منْ
يتشهى جذوةَ اللّثمِ
للترابِ الذي حفرَ
أخاديدَ في كوةٍ من سطوعْ
أو فتنةً من رضابْ
خديني عاشقاً غضّاً
يندسُّ في حُلمةِ الليلِ
حينَ يفيضُ الحنانُ
لا كما البحرُ حينَ يغّيرُ ألوانَهُ*
لكنْ مثلما الشعراءُ
حينَ يلوذونَ تحتَ جلودِهمْ
طلباً للنجاةِ من لسعةِ
المحوِ أو رغبةً في البكاءْ
لعلّنيْ انأ من يختبئُ
في رموشِ عينيكِ
أو سحنتَكِ الفائرةْ
انأ من يتصيدُ من عاشقتيْ
باكورتَهُ للحنينْ
مثلما شجرُ الكستناءِ
يعرّشُ فوقَ جسدينا
أو قربَ رمسٍ ظليلٍ
نعشقُ مسامراتِ الموتى
ضمّينيْ عاشقتيْ…
زهرةً فواحةً
تبرّعمُنيْ عسجداً
أو ترفاً لغنجٍ
كانَ فيما مضىْ
فتنةً للأقاصيْ،
لجيدِها الشهيْ
تعاليْ مائعةً كما أنتِ دائماً
مرّيْ من هُنا
لتفتحيْ نافذةً
تكترينيْ لحظةً
لهمسِ الظنونْ
يكونُ الغديرُ ملذتَنا
والوشوشاتِ لغةٌ حانيةْ
عاشقتيْ…
تتعامدُ أفلاكُنا
فنمسكُ ما تاهَ بهذا الطيفِ
ليدنوْ من ملكوتِ الروحِ
شجناً وعناقيداً
وزهواً يعرّجُ
حيثُ تكونُ الكبواتُ
بوصلةً وظلالاً
تلملمُنا من هذا التيهِ
ترشُّ ماءَ الروحِ
هالاتٍ من قبسٍ
يوقدُ رغباتِ الليلِ المسروجِ
من زيتِ قناديلكِ
***
ها أنّي أتمرغُ عاشقتيْ…
لا زهواً بالعشقِ
لكنْ ثملاً
من عطر محياكِ…
***
عاشقتيْ…
كمْ يمكثُ هذا الضيمُ
في ايماءآتِنا
نمدُّ لهُ حزنَنا
فيحملُنا بعيداً
عن متاريسنا
والكلامْ…
لُمينيْ من خوفيْ
واحملينيْ الى معراجِكِ
لنصغيْ معاً
الى حفيفِ النخلِ
قبلَ الرقدةِ الأخيرةْ
بأرضٍ اسودَّ ترابُها
لا فرحاً بالعشبِ
ولكنْ باكتظاظِ الرزايَا
عاشقتيْ…
ها…أينعَ الخوفُ
في مرابعِنا
من غدرِ الرزايا
فاستيقظَ فينا الحنينْ
ها هو ظليْ يهفو إليكِ
فامكثيْ في طراوتهِ
حتى نسمعَ صوتَ العراقِ
يعرّجُ صوبَنا
ونحنُ نترنحُ ولهاً
ممسكَينَ
بشارةِ البدءِ
لأطيافِنا القادمةْ.

*- عنوان الديوان الأول للراحلة
*- تضمينات من شعر الرائدة

شاعر من العراق

عن madarate

شاهد أيضاً

معانٍ مجنّحةٌ – ريما آل كلزلي

معانٍ مجنّحةٌ ريما آل كلزلي   عند الطّيرانِ تهربُ المسافاتُ فيقفزُ الحبلُ والهبوطُ سرابٌ   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *