مكناسة الزيتون موطن عشق الشعر (الجزء الثالث)

 

 

 

 

 

 

لماذا الشعر…؟؟
في مكناسة الزيتون يطهرك الماءُ ويعليك الشعر بين الجنان، أينما وليت عينيكَ تفتح لك الخضرة فردوسها، وإن أبهرتك بتراثها الإسماعيلي أو المريني، فإنها تبهرهك بجنانها المكتظة بأشجار الزيتون، هنا أشجار الزيتون يقتسم مع المدينة فضاءها التاريخي.
(أينما أولي عيني
الماءُ الباردُ يطهرني
والخضرة الممتدة خلف الأسوار
تفتح في قصر الشوق كي أمضي مبتهجا
يا مكناسة الخضرةِ
إني أهيم فيك شاعرا
أسكرته فتنتك بين الأسوار والبواباتِ منفلجا
فكيف لا أهيم في خضرتك زاهدا
أرنو إلى جلسة بين الجنان
أسرق من وقتي قصيدة تكتبني مختلجا)
لست ممن ينسون الديار، فهنا نمَوْتُ صبيا لما أتيتها في سيارة أبي من الشمال من مرنيسة ، أسوق حلمي أن أكتشف المدينة كما يحلو تاركا خلفي القرية تحرسها أعين جدتي مسعودة، لأنفتح على عالم أكبر، وفضاء أكبر، وبيت أكبر. كنت ذلك الصبي التائه الخائف أن يضيع بين دروب وأزقة المدينة، كانت القرية منفتحة على المدى، وهنا في مكناسة تستقبلك الأسوار والبنايات العتيقة، ثم الأفق الأخضر في فصل الربيع:
(أينما أولي عيني
يعانقني التاريخُ كتابا مفتوحا
يناديني أنا الصبي المفتون للمعرفة منعرجا
أكتب ذاتي على البياض
وأمضي بين الدروب
أقتفي أثر المولى إسماعيل
حاملا سيفه على جواد إلى ساحة اللقى منعرجا
كيف لي أنا الصبي أن أنسى أني بدوي الطينة
آتٍ من حقول التيهِ
كي أعانق هذا المدى مندرجا
عذرا يا مكناسة الزيتون
إن زيتونك تأصل فيَّ قصيدة
تؤرخك ملاذا يأخذني إلى أبعد الأبعادِ مزدوجا
صبي مرنيسي المولدِ
مكناسي المنشإ

أعانق الكلمات في جنان الخضرة مبتهجا)
هي مكناسة ومن غيرها تؤسس في عشق الأماكنِ
كي أتمتدُّ في المدى
تبحث عن ذاتكَ منفردا مبتلجا)
كنت أكبر رويدا وريدا وتكبر في مكناسة الزيتون قصيدة بمجازات متعددة واستعارات متفردة، لأكتشف أن شاعرا يتلبسني شيئا فشيئا، لأهيم بين الكلمات أبحث عن عبق التاريخ بين الأسوار العالية، والبوابات العتيقة والساحات الشاسعة، والجنان الخضراء، والبنايات القديمة، والمساجد المكبرة خمس مرات في اليوم، والدروب الضيقة والطويلة، وصهريج أگدال التاريخي:
(أينما أولي عيني
تبهرني مكناسة الزيتون يوما بعد يوما شاعرا
تربع على عرش الكلماتِ
لا يخاف موتا ولا رياحا عاتيهْ
أسوق أمامي أحرفي كما أشاءُ
وأختلي بذاتي أعانق الكتب الباليهْ
أنا ما أتيت من فراغٍ
بل من هذه المدينة التي تقرؤني أسرارها وخفاياها الناريهْ
فكيف لي أن أنساها إن ابتعدت عنها يوما أو سنوات
أشتاقُ إليها كأنها روح تسكني أو قصيدة طاغيهْ)

 

رئيس تحرير مدارات الثقافية

عن madarate

شاهد أيضاً

مراكش التي… (الجزء الثالث) – الحسن الگامَح

  لماذا الشعر…؟؟ (يا مراكش افسحي الطريق افتحي أبوابك العتيقهْ فقد أن الأوان أقرأ في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *