وفي هذا الصباح المشرق رأيت ملكا صغيرا في الحجم يتراوح عمره ما بين أربعة وستة سنوات.
في مدينة الزهراء كان يسير في الطريق وحده ويتحدث مع نفسه فتأثرتُ بهذا الموقف الذي حدث، وفضولا مني سرتُ خلف الملك حتى وصل إلى منزل من منازل الطبقة المتوسطة في المدينة.
ففتح الباب ودخل الملك وتبعته بالفعل حتى أعلم بما يفعله. دخل حجره من حجرات المنزل وانتظرتُ حتى يخرج أو يحدث شيئا ما ولكن لم أره فعندما دخلتُ الحجرة وقعتُ في بئر غامض جدا وعند لحظة سقوطي ببطء رأيت أشياء صغيرة من قصور المماليك. وأخيرا وقعت على سطح ناعم مفروشة بحريرٍ، فبعد اللحظات استيقظتُ فرأيتُ ممرا طويلا أمامي، فنهضت خلف الملك سريعا لكي أتحدث معه ولكن لن أراه في هذا الممر بل شاهدتُ العديد من الأبواب التي كانت تتزين باللؤلؤ والمرجان، وكل باب كان يقف أمامه ملك يشبه الملك تماما الذي رأيته من قبل. ولم أعلمْ من هو الملك الحقيقي للتحدث معه. وقفتُ في منتصف الممر فرأيتُ إحدى المنضدة عليها مفتاح ذهب واحد. فسألت نفسي، فهل هذا المفتاح يعبر عن أي شيء؟ وعندما أفكر كنت أنظر لعيون المماليك من هو الملك الحقيقي؟
وفجأةً رأيتُ قطا يقف على باب من الأبواب اسمه «جيسي « فتعجبتُ!! من هو القط الصغير ولماذا وقف أمام هذا الباب الأبيض (هذا المفتاح هو مفتاح الباب الحقيقي لهذا الملك وتأكيدا أن القط(جيسي) وقف أمام الباب الأبيض. فذهبتُ للملك الحقيقي فتبسم لي قائلا تفضلي يا سيدتي إنه قصري، فدخلت بالفعل رأيت مكانا مذهلا ورائعا كأنه يشبه القمر. ومليئا بالأشجار والنباتات وحتى الحيوانات وتحتوي قصور صغيرة حول الزهور. وبحر مليء بالماء من المشرق حتى المغرب. فجلستُ تحت الشجرة، فبدأتُ التفكير في الماضي وحتى مع الحاضر، هل من الممكن أن أعيش في هذا المكان الرائع؟
من اندهاشي للطبيعة وجمالها أفكر مما يحدث بعد جلستي في شتات بين قلبي وعقلي. قلبي يتذكر الماضي وعقلي يتذكر مع الحاضر.
الملك: من أنتِ يا فتاة؟
الفتاة: داليدا
الملك: ومِن أين جئتِ؟
الفتاه: من عالَم الإنسان.
الملك: وما هو عالم الإنسان؟
الفتاه: عالم يختلف عن عالمكم،
وعالم مترابط بين الخير والشر وممزوجة بالنجاح والفشل، ولن يتخلوا أحد عن بعضهم في الأزمات.
الملك: مرحبا بك في عالمك الجديد …
الفتاة: شكرا سيدي
الملك: عفوا، عليكِ أن تعلمي في عالم الملوك فإنك ستصبحين ملكة من الملكات وستكونين عضوا من أسرتنا.
الفتاة: لك جزيل الشكر يا سيدي…
الملك: تفضلي… هذه هي الخريطة يا داليدا، خريطة العالم الجديد الذي ستعيشين لاحقا.
الفتاة: شكرا سيدي…
فسِرتُ بمفردي على الطريق والخريطة في يدي لكي أكتشف هذا العالم،
وعند لحظة رحلتي في العالم الجديد
علمت بقصر صغير يعيش فيه ملك عجوز، تكلم معي فجلست معه وسألني؟
ما اسمك؟
اسمي داليدا…
وعندما علم اسمي حكي لي أن أبي كان خياطا واسمه خالد وأن ابي كان يعلمني أصول الخياطة وصنع الملابس حتى أساعده في مهنه. ولكني ذهلتُ جدا بهذا الكلام وأنه يعلم عني كل شيء، وسألته لماذا علمت عني كل شيء؟
فقالي إني عمك…
عمي!!
أجاب… (نعم، أنا عمك، والآن قد وجدتك فإن على أن أمد يد العون لك)
وقال: (ماذا ستعملين الان)؟
أجبت: (لا أعمل شيئا، بل أقضي وقتي كله في استكشاف العالم الجديد،
وهل ستظلين في استكشاف العالم هذا؟ لقد آن الاوان لكي تقوم بعمل ما، هل ترغبين في أن أشتري لك محلا تديريه وتعملي فيه.
نعم أرغب في ذلك كثيرا…
وفي صباح اليوم التالي أخذني عمي معه إلى السوق لشراء بعض الحاجات قائلا: سأشتري لك أولا بعض الثياب الجديد يا داليدا…
وبالفعل ارتديتُ ثيابي الجديد وفرحتُ فرحا شديدا، وذهبت في نزهة معه. فشاهدتُ محلا فخما تحيط بها الحدائق الجميلة وقد أعجبتُ بهذا المحل. فوعدني بأن يشتري لي مثله ذات يوم.
وقال لي: دعينا نجلس الآن لنستريح قليلا ونتناول شيئا من الطعام وكان لدى العم صرة مليئة بالفطائر والحلوى، فأكلت منها حتى شبعتُ.
ثم قال لي (أريد الآن أن أريك أجمل حديقة بين هذه الحدائق جميعا قبل أن تعودي إلى المنزل،
وهل تبعد كثيرا؟
فما أظن أني قادر على أن أمشي أكثر مما مشيتُ…
سنصل إليها في دقائق معدودة…
وهكذا واصلنا السير في الطريق فترةً، فصاح عمي قائلا (قفي…فهذا هو المكان الذي نقصده
وأنا أنظر إلى ما حولي (ولكن لا أرى أي حديقة)
أجاب عمي ستري في الحال،
ولكن لابد أن نشعل نارا قبل كل شيء.
هيا اجمعي لي بعض العيدان والاخشاب …
واشتعل بالفعل عمي النار، ورش عليها شيئا من جيبه فارتفع منها دخان اسود …
فتعجبت من عمي بما عمله. ولن تمضي لحظة حتى شاهدتُ صخرة كبيرة تحت قدمي مربوطة بحلقةٍ، فقال عمي (هيا شدي معي يا داليدا هذه الحلقة بسرعة)
وبالفعل حاولتُ أشد بكل قوتي وبكلتا اليدين، وتزحزحتُ الصخرة من مكانها. وإذا هي ليست سوى غطاء لبئر عميق تحته، وساقط في تلك البئر المظلمة، وهبط في العتمة ثم هبط إلى الأسفل، وأثناء هبوطي تذكرت كلامه. ورأيت أيضا أمامي الكهف وصناديق النقود فيه، ولكن لم آخذْ شيئا منها وفي الكهف الثاني كانت صناديق من ذهب وفضة كما حدثني عمي ولم ألمس شيئا منها.
ثم عبرت ُالطريق حتى اجتاز الباب الذي يصلني إلى الحديقة وقال لي، عندما ترى مصباحا يضيء لكِ في الطريق، ثم ألقيتُ النظرة على ما حولي فشاهدتُ على كل شجرة من تلك الأشجار أشياء كأنها نيران صغير٦ه تتوهج. ولم تكن في الحقيقة سوى جواهر باهرة الأضواء.
فشعرتُ بالاختناق خلال فترتي في الكهف فحاولتُ الخروج عندما لا أعلم عن عمي أي شيء فحاولت الخروج من الكهف من الباب الذي دخلتُ منه لم اجده بل سد فاستعجبت وبدا شعور الخوف والقلق في قلبي.
وفي محاولة سرياني في الكهف تحدث صوت عمي ولم أره أمامي
فتحدثتُ معه هل يعقل هذا الحدث يا عمي
وأصيح … يا عمي…. يا عمي
أخرجني من هنا. ولكن عمي اختفى وجلستُ أبكي، هل عمي يصنع لي هذا الحد؟
ولكن علمتُ من كل الذي يحدث معي أنه ساحر وليس عمي
ولأني من عالم آخر أخذني لكي أجيب له الجواهر والفضة واللؤلؤ والمرجان.
وهتفتُ بأعلى صوت متوسلا (خذني إلى بيتنا… أرجوك…)
فقال لي (أعطني الجواهر التي تحمليها اولا وعندئذ يمكنك الخروج)
فجلست على الأرض في العتمة ولم استسلم له. ولكن بكيتُ فكان الجو باردا من حولي وطوال رحلتي في الكهف لم أتذوق طعاما ولا شرابا
فقلتُ (لو أن لدي شعلة من النار أتدفأ بها)
وفركتُ يدي من البرد وفي أثناء ذلك فرك الخاتم في يدي الذي كان يعطيه لي الساحر،
فسمعتُ الصوت في تلك الظلمة
قائلا: ماذا تريدين؟
أنا خادم هذا الخاتم،
وكلما فركتني بيدك حضرتُ لكي في الحال كل ما تطلبيه…
وهتفتُ متوسلا: خذني إلى بيتنا أرجوك….
وتم كلامي حتى وجدتُ نفسي في المنزل وصاحتْ أمي…
رأيتك أخيرا ابنتي… كنتُ أظن أني قد فقدتكِ إلى الأبد…
وفي هذه اللحظة ندمت ندما شديدا لرجوعي إلى عالم الإنسان وأنا ليس معي أي شيء من الجواهر والمرجان والخاتم ليس معي ولا أي وسيلة لرجوعي مرة أخر إليه.
*وداعا عالمي الجديد*….
قاصة من مصر