مدارات الثقافية مجلة محكمة شهرية تعني بالشأن الثقافي
هايكو الطبيعة حسني التهامي
يحدد “جورج سويد” (George Swede)، الذي شارك في تأسيسِ هايكو كندا) 1977م( ونَشِطَ في جمعية الهايكو العالمي، ثلاثةَ أنواعٍ للهايكو: هايكو الطبيعة، السنريو والهايكو الهجين؛ ويرى أن ما يميز هايكو الطبيعة هو احتواؤه على الكلمة الفصلية (kigo)، وخلوه من أي إشارةٍ للطبيعةِ الإنسانيةِ وما يتعلقُ بها، واستبعاده لروح الدعابة والسخرية. يقول الشاعر ” نويس”
( H.F.Noyes 1918-2010):
غسقُ منتصفِ الصيف:
بعد سجعِ الحمام
صمتٌ أكثرُ نعومة
تتجلى الموسمية هنا بشكل مباشر من خلالِ عبارة “منتصف الصيف”، وقد اعتمد الهايجن على حواسِه في رسمِ مشهدِ يشتملُ على منظرِ الغَسَقِ وسَجْعِ الحمامِ الذي تلاهُ صمتٌ نابعٌ من سكونِ الأشياءِ الذي يكشف عن الإحساسِ الرُوحيِ المُستمدِ من الجمالِ الطبيعيِ والكَوْني، كما تكشفُ الأشياء عن ذاتِها في حالة من الصفاء ولحظات السكون والتأمل العميق:
أول ما يسقط من الثلج
يكفي أن يحني
أوراق النرجس [1]
“باشو“
أمامنا ثلاث هايجين من مبدعي هايكو مصر تناولن الطبيعة بعناصرها وتفاصيلها الفاتنة في النصوص التالية:
1- (هالة شعار)
ربيع الغابة
للوريقات الوليدة-
حفيف وظل
شهاب باهت
ماذا لو بحت للإله
بكل عذاباتي
ياسمينةٌ ذابلةٌ
مظلةٌ
لنملة
حديث عابر
اسمعه بينما
يهمي المطر
لجوريّة الشرفة
جلّ غناء
الدوري
ريح عاتية
تلوذ بالجدار
الياسمينة
عناوين الريح
صرير الأبواب
المهجورة
وقع المطر-
جوار النافذة
لليمامة وهديلها
2- (تغريد نديم عمران)
شوارع دمشق؛
لن يكون القيقب
بديلا للياسمين
تتسع ابتسامتها
على فنجان القهوة
تحط فراشة
عملية تجميل ،
على هيئة تحبها
تصنع تمثال الثلج
بناء متهدم –
قرب دفتر مدرسي
طويلاً ينبح الكلب
زلزال-
أول الملاجىء
حضن أمي
دار العجزة
الأصغر حجما
غرفة الزوار
كاسكو
تبدد صمت العزاء
كلمات الأب الراحل
لو تكبرين سريعاً
أيتها الزنزلخت!
بالعراء قبر أبي
****
3- (خديجة وناس)
ضوء القمر-
يظهر ويختفي
دوي انفجار
غروب
قرمزي بالكامل
زجاج النافذة المقابلة!
ندى الصباح-
على زهور برية
يتناوب سرب نحل!
زوبعة رملية-
يد على النظارة
ويد على التنورة
الى الحقل المثمر-
على أكتاف بعضهن
تتكئ العجائز
خريف آخر-
وماتزال خضراء
وشمة الجدة
نافذة السيارة-
بيدي أحجب
قرص الشمس!
سور تاريخي-
على المدينة القديمة تطل
أعشاش السنونو.
[1] . صوت الماء- مجلة الفيصل – ص25
