الرئيسية / دراسات / تداخل الأجناس الأدبية في رواية «في انتظار مارلين مونرو» لمحمد أمنصور – حميد بومزوغ

تداخل الأجناس الأدبية في رواية «في انتظار مارلين مونرو» لمحمد أمنصور – حميد بومزوغ

تقديم:
تعد الرواية الجنس الأدبي الأبرز القادر على نقل كل تفاصيل الحياة و خصائصها وسماتها عبر صفحاتها و فصولها، فالرواية قطعة من الحياة، و لكن صيغت بطريقة فنية خاضعة لاعتبارات الفن الروائي وقواعده وتقنياته، فهي «أحد الأشكال الفنية القادرة على تقديم أكبر عدد ممكن من القضايا الاجتماعية، نظرا لأن حجمها و اتساعها يسمحان بمثل هذه النظرة الشمولية، بالإضافة الى أنها تستفيد من جميع التقنيات التي تستخدمها الفنون الأخرى» (1)، و قدرة الرواية على استيعاب الأجناس الأدبية الأخرى، راجع لكونها جنس أدبي لم يكتمل بعد، و يوجد في حالة تجدد و تطور مستمرين، و هو ما جعلها «الجنس الأكثر تحررا، لأنه جنس غير مكتمل لا حدود له ولا ضفاف، أمواجه ممتدة دون شواطئ ،فهو جنس ما ينفك يجهز على الأجناس الأدبية التقليدية القديمة ليجعلها في خدمته»(2).
و تعد رواية «في انتظار مارلين مونرو» للأستاذ «محمد أمنصور» من بين الروايات المغربية التي تضمنت مجموعة من الأجناس الأدبية وغير الأدبية، مما جعلها رواية متميزة شكلا و مضمونا.
أولا: تداخل الأجناس الأدبية في رواية «في انتظار مارلين مونرو»
المسرحية:
إن أول ما نقرأه و نحن نتصفح الرواية، هو عنوانها «في انتظار مارلين مونرو» الذي يحيلنا مباشرة على مسرحية «في انتظار جودو» للكاتب صامويل بيكيت» مما يجعل أفق انتظارنا يخبرنا أننا سنجد مسرحية في الرواية ، و هو ما سيتحقق فعلا من خلال الفصل المعنون ب»امرأة خارج الدور في جزئه الخامس، من خلال قراءة زهرة لمخطوط المسرحية« دخلت إلى غرفتها و هي تكاد تطير من الفرح، ألقت بكل شيء في يدها و ارتمت فوق السرير، تمددت على بطنها و شرعت تقرأ مخطوط المسرحية على الفور»(3).
و تتكون المسرحية من فصل واحد و ثلاثة مشاهد، و «شخصيات المسرحية :
مارلين مونرو: نجمة سينمائية من هوليود.
مديرة منزلها و مرافقتها في حلها و ترحالها.
المخرج جون هيوستن.
4- الممثلان مونتغومري كليفت وكلارك جيل.
5- مللير الزوج الثالث لمارلين مونرو»(4)
و يدور المشهد الأول في غرفة نوم مارلين مونرو «و هي عاجزة عن النهوض من النوم لأداء دورها في فيلم «غير الأسوياء« استغرقتها الحبوب المنومة و الكحوليات و الأدوية، فبدأت تفقد قدرتها على التمثيل»(5) ، فيحاول المخرج هيوستن تشجيعها و تحفيزها لتعود الى التمثيل .
أما المشهد الثاني فيدور في الأستوديو مُظهرا فريق العمل في حالة انفعال جراء غياب مارلين مونرو «سنظل أيها السادة أسرى وحش يفترس ذاته ،سنقضي أيامنا و ليالينا ننتظر عودتها بعد الإفلات من جنونها …أي جنون هذا؟…كيف ورطنا أنفسنا مع كائن بهذه الهشاشة»(6).
أما الشهد الأخير فيدور في بيت «مارلين مونرو» و هي تتحدث مع «ميللر» زوجها السابق مشتكية من أنانية المحيطين بها «جون هيوستن مخرج مزعج و أنا لا يريدني أن أنام»(7).
إن إدماج الكاتب مسرحية «في انتظار مارلين مونرو» في الرواية أكسبها جمالية من خلال جعل الأحداث تبرز لحظة وقوعها، مما يولد لدي القارئ إحساسا بالمشاركة في هذه الأحداث من خلال تعطيل زمن السرد أو توقيفه مدة زمنية معينة.
الرحلة:
من أهم التقنيات التي عرفتها الرواية في عملية التجريب، انفتاحها على الرحلة لكونها قابلة للانسجام و التداخل معها لمرونة كل منهما و انفتاحه على الأخر، إضافة إلى كونهما ينتسبان الى حقل السرد، مما يجعلهما يتقاطعان في عدة زوايا، و تعد رواية في» انتظار مارلين مونرو» نموذجا لهذا التداخل من خلال عودة البطل من رحلة من دولة الإمارات «عدت لتوي من دولة الامارات على إثر مكالمة هاتفية تلقيتها من أختي مريم زوال اليوم» (8) .و من بين أهم خصائص الرحلة نجد الوصف، فالرحالة يتميز بدقة الملاحظة كي يصف للقارئ كل ما شاهده و تعرف عليه من عادات وتقاليد وأنماط المعيشة « الإمارات بلد غني مليء بناطحات السحاب و السيارات الفارهة، وأنا كنت في إمارة الشارقة، منشآت و بنايات هائلة، لكن الطابع العشائري هو المهيمن على نمط العيش ،لا مقهى مختلطا بالمعنى الذي عندنا، لا قطار سريعا أو بطيئا لا حافلة مهترئة تشم فيها روائح الناس و عرقهم»(9) ، و لا بد لكل رحلة من هدف: إما علمي أو تجاري أو سياحي… و البطل في الرواية سافر إلى دولة الإمارات بغرض العمل و تحسين دخله و مساعدة أسرته في المغرب « لم يكن ذهابي الى الخليج بمحض إرادتي، البلد أغلق أمامي كل الآفاق، و دولة الإمارات فتحت لي أبوابها، بعد اشتغالي هناك صار بمستطاعي أن أعين أسرتي ..أن أوافيهم شهريا بحوالات، لا تستهن بما يمكن أن يفعله المال الخليجي»(10)، كما يعد استخدام ضمير المتكلم ركيزة أساسية لصاحب الرحلة أثناء حديثه ووصفه، لأنه الراوي الأول لحكايته «شوف آصاحبي المكي ، أنا قلت لك ذهبت من أجل طرف» دالخبز» و أنا أعرف أن من يذهب إلى أي بلاد خليجية كيفما كانت من مكناس مدينة الماء و الهواء حاضنة العنب و الزيتون، لن يعثر على ما يرضيه»(11).
إن توظيف الرحلة في رواية «في انتظار مارلين مونرو «ساهم في اكسابها جمالية فنية خصوصا من خلال استخدام تقنية الوصف التي تميز أدب الرحلة .
سيرة المكان:
يعد المكان من أهم العناصر المساهمة في تشكيل جمالية النص الروائي، لأن المؤلف تربطه معه علاقة وطيدة منذ الولادة و مرورا بجميع المراحل العمرية ، و نجد المكان حاضرا في رواية «في انتظار مارلين مونرو» بشكل واضح بصورته الجغرافية من خلال غيرة البطل على مدينته مكناس التي ولد و ترعرع و عمل فيها، فنجده ينتقد لوبي العقار الذي ساهم في طمس و هدم بعض معالم المدينة التاريخية « قبل سنوات، التهمت صفقة الماكدونالز غابة الشباب التي تعتبر رئة مكناس و متنفسها البيئي، فرأينا الأشجار تقطع و العشب يتحول الى إسمنت، و ما كادت الأفواه تفتح حتى تم إخراسها»(12).
و لم يقتصر الأمر على الغابة بل تعداه الى بناية البنك التي تعرضت للهدم و تعويضها ببنايات اسمنتية« بعد ذلك رأت ساكنة المدينة البناية الكولونيالية المدهشة لبنك المغرب تهدم أمام أعينهم، فقيل مرة أخرى لمن رفعوا عقيرتهم بالاستنكار، أهل البنك أدرى بحاجياتهم العمرانية، و استبدل المعمار الكولونيالي الباذخ بفرقاطة اسمنتية ضخمة»(13)، و تتوالى عمليات هدم المعالم التاريخية للمدينة وصولا الى سينما «ريجان» التي لم « تكن مجرد مكان عادي بل فضاء كوسموبوليتي للقاء و التساكن لحوار الثقافات و التعايش بين الأديان »(14) ،إن هدم هذه السينما شكل صدمة للبطل، لأنها تعني له الشيء الكثير ثقافيا و تاريخيا و معماريا فهي «أول ما أنشئت زمن الإستعمار، كانت مسرحا يحمل اسم المسرح البلدي، و قد ظلت الجالية الفرنسية المقيمة في مكناس بأعداد كبيرة ترتاده و بشكل خاص جمعية أصدقاء المسرح الفرنسي les ATF))»(15).
إن رواية «في انتظار مارلين مونرو « رواية تسعى لرد الاعتبار لمدينة مكناس التاريخية ، التي طالها التهميش جراء هدم المآثر التاريخية ، من أجل إقامة المشاريع تحقيقا للمصالح الشخصية دون مراعاة لتاريخ المدينة ف« المؤكد أن بيننا وحوشا آدمية ضارية تتربص بنا و لا تنتظر إلا الفرص المواتية، آلهة جدد يتصارعون حول المواقع و المصالح الظرفية و الضيقة ،عميان و جهلة بدون ذاكرة و لا ضمير يعبثون بهويتنا الثقافية و مرتكزاتنا الحيوية»(16) .
إن حضور المكان في رواية «في انتظار مارلين مونرو» متمثلا في مدينة مكناس التاريخية بكل معالمها و أحيائها هو حضور متميز، فمن خلاله نفهم سلوك البطل و موقفه الانفعالي متمثلا في غيرته على المدينة و نقده كل من ساهم في طمس بعض معالم المدينة التاريخية لكونها تشكل ذاكرة جماعية، و بالتالي فالمكان في الرواية « ليس عنصرا زائدا فهو يتخذ اشكالا و يتضمن معاني عديدة بل انه في بعض الأحيان هو الهدف من وجود العمل كله»(17).
الامثال الشعبية:
تعد الأمثال الشعبية من أهم مكونات الثقافة الشعبية لكونها تعكس رؤية المجتمع لنفسه و للأخرين، و هي تمتاز بالأسلوب البليغ فهي« نوع من أنواع الأدب يمتاز بإيجاز اللفظ و حسن المعنى و لطف التشبيه و جودة الكناية، و لا تكاد تخلو منها أمة من الأمم، و مزية الأمثال الشعبية أنها تنبع من كل طبقات الشعب» (18) و هي تمتاز بكونها عبارات مختصرة تشبه القصة القصيرة جدا، و تتحدث عن تجربة معينة ، إضافة الى كونها سهلة الحفظ، و تساهم في تعليم الفرد عن طريق التجربة التي يتضمنها المثل، و من بين الأمثال الواردة في رواية» في انتظار مارلين مونرو» نجد المثل الشعبي «قطران بلادي و لا عسل البلدان» هذا المثل الذي آمن به بطل الرواية و فضل البقاء في المغرب بعد عودته من دولة الإمارات العربية المتحدة التي كان يشتغل فيها، فرغم المستقبل المضمون و الأموال الطائلة التي كان يجنيها هناك، إلا أنه فضل البقاء في المغرب رغم الظروف القاسية و الصعوبات «أما انا فأعتبرني من المنادين بالمثل القائل « قطران بلادي ولا عسل البلدان» ..افضل البقاء في المغرب بأي ثمن على الهجرة من أجل المال»( 19) ، إن اتخاذ البطل هذا القرار ليس اعتباطيا ، و إنما هو نابع من حبه لمدينته مكناس التي ولد و ترعرع فيها و عاش فيها أجمل ذكرياته «لا أخفيك، قررت عدم العودة إلى هناك نهائيا ..بعد هذه المصيبة، لم تعد لدي رغبة في مغادرة المغرب، و هل يوجد في الكون أحسن من مدينة مكناس؟» ( 20) .
كما ورد في الرواية مثل شعبي آخر «اللي خلاتك خليها «عندما قرر البطل عدم السفر الى أية دولة أوربية أو أمريكا لعدم تقبله أية إهانة من سكان هاتين القارتين خصوصا بعد تفجيرات 11شتنبر 2001 «كنت ما أزال تلميذا بالثانوي و قد فهمت للتو بشكل غامض أن يوم 11 شتنبر 2001 سيكون يوما أسود في تاريخ البشرية له ما بعده »(21) و نتيجة لذلك قرر تغيير وجهته نحو دول الخليج، و تقبله البعض من الاحتقار فيها لكونها في نظره دول مسلمة «و لأنني شخص واقعي جدا أو هكذا يخيل إلي، فقد اتخذت مع الأيام قرارا صارما مع نفسي «اللي خلاتك خليها «لن أفكر في السفر إلى أرض أوروبية أو أمريكية مهما حدث. قد أتنازل و أقبل بعض الاحتقار و الكراهية عند الضرورة لكن شريطة أن لا يكون مصدرها هؤلاء الكفار»(22) و يقابل هذا المثل الشعبي باللغة العربية المثل القائل «كم حاجة قضيناها بتركها» و هي تقال عند العجز عن القيام بعمل ما و ذلك بالتخلي عنه.

ثانيا: تداخل الأجناس غير الأدبية مع رواية «في انتظار مارلين مونرو» :
التقرير الصحفي:
وظفت الرواية تقنيات عديدة بلغة نثرية مما أكسبها جمالية و تشويقا، و من بين هذه التقنيات تداخل الخطاب الصحفي مع الرواية مما جعل التأثير يكون كبيرا في نفسية المتلقي، و يعد التقرير الصحفي « شكلا من أشكال الكتابة الصحفية التي تهدف إلى تفسير و تحليل و شرح و عرض كل ما يتعلق بالأخبار اليومية الجارية »(23 ) و الهدف منه هو توفير معلومات جديدة عن حدث معين، و هذا ما يظهر جليا في رواية «في انتظار مارلين مونرو» لكون الحدث البارز فيها هو انهيار صومعة أحد المساجد، و عودة بطل الرواية الى المغرب لكون والده من بين الضحايا «عدت لتوي من دولة الإمارات على إثر مكالمة هاتفية تلقيتها من أختي مريم زوال اليوم تقول إن أبي قد لقي حتفه جراء انهيار صومعة مسجد لالة خناثة بنت بكار بزنقة البرادعيين الموجودة داخل أسوار المدينة العتيقة لمدينة مكناس»(24 ).
و تعد التقارير الصحفية سواء في الجرائد أو في المواقع الإليكترونية أهم مصدر للمعلومات التي كان يتزود بها البطل خصوصا من موقع «هسبريس» « عدت الى منزل العائلة و رأسي يكاد ينفجر اسئلة حارقة و لدتها لدي المعلومات المتجمعة من ابناء الحي لجأت الى الانترنيت استقصي و استزيد الاصداء و ردود الفعل في المواقع الاليكترونية فعثرت على التقرير التالي:
«أفاد أهالي الهالكين و سكان الحي بأن حصيلة شهداء حادث انهيار صومعة مسجد «باب البرادعيين» بالمدينة العتيقة بمكناس بلغت 41 قتيلا و 80 جريحا و هو رقم قابل للزيادة في الساعات المقبلة نظرا لبعض الحالات الخطيرة حيث أضاف المصدر ذاته ل «هسبريس» انه تم نقل الشهداء و المصابين بجروح خفيفة الى مستشفيات مكناس»(25)، و نظرا لكون البطل كان مهتما بكل الأخبار الخاصة بهذه الحادثة، فإن تتبعه لهذه الأخبار لم يقتصر فقط على المواقع الاليكترونية بل تعداه إلى البحث في الجرائد الورقية التي أصبح الإقبال عليها يقل « أمام الكشك الثالث الجاثم لصق سينما كاميرا توقفت أجول ببصري في ركام الجرائد الورقية التي لم يعد يقرأها أحد، أدرت عيني في كل الاتجاهات، فاستوقفني عنوان كبير في جريدة الأخبار، يقول العنوان انطلاق محاكمة مندوب الأوقاف و الناظر السابق بمكناس المتهمين بالإهمال في فاجعة انهيار مسجد باب البردعيين»(26 )، و بما أن الخبر يهم البطل فهو لم يتردد لحظة واحدة في اقتناء الجريدة للتأكد من الخبر من خلال التفاصيل الدقيقة التي تشفي غليله فقرأ « بالتزامن مع ذكرى فاجعة انهيار مسجد خناثة بنت بكار بحي البردعيين بمدينة مكناس قبل سبع سنوات التي خلفت مقتل 41 شخصا و إصابة أزيد من 70 آخرين شرعت المحكمة الابتدائية بمكناس أخيرا في عقد أولى جلسات النظر في هذا الملف الجنحي الذي يتابع فيه كل من المندوب الجهوي لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية و الناظر السابق للوزارة بالمدينة……حيث يتابعان من أجل تهمتي القتل و الجرح غير العمديين» محمد الزوهري /مكناس»(27).
الشهادة التاريخية:
تعد الشهادة نوعا من أنواع الكتابة التاريخية، و هي تختلف عن السيرة الذاتية رغم الصلات التي تجمع بينهما، نظرا لكون السيرة تروي قصة و حياة كاتب السيرة عكس الشهادة التي تهتم قبل كل شيء بوصف الأحداث وتقديم العلل لها، خاصة تلك التي شارك فيها صاحب الشهادة و لعب فيها دورا من خلال معايشته للأحداث و اعتباره شاهدا عليها ،و يعد والد بطل رواية «في انتظار مارلين مونرو» محمد أومالك من بين شخصيات الرواية التي عاشت فترة المقاومة بالمغرب ضد المستعمر الفرنسي، مما حفز الابن عصام إلى كتابة شهادة والده لكي لا يطالها النسيان و تبقى ذكرى يفتخر بها أفراد العائلة « تردد اسم علال الفاسي مرارا على لسان أبي طيلة طفولتي و صباي نفس الحكاية ظل يرددها على مسامعي بطرق مختلفة يضيف إليها و ينقص، فلا أستطيع التمييز هل هو بطل أم ضحية؟ إلى أن شارف عمره السبعة والثمانين عاما، خشيت إن هو مات أن تضيع الحكاية فقلت مع راسي لابد أن أفعل شيئا ،هل ما يحكيه تاريخ أم مجرد حكايات ؟ ماشي شغلي المهم أن أفعل شيئا من أجله، قلت لابد أن أستغل وجوده في الحياة وأسجل شهادته عن تلك الأحداث»(28)، وتعد ميزة الحياد من أهم مميزات الشهادة التاريخية لكي لا تشوه الحقائق و هذا ما جعل «المكي» المخرج المسرحي صديق عصام يرفض تحويل شهادات محمد أومالك إلى عمل فني « لنفرض أنني اشتغلت على هذا النص الشهادة سيكون علي أن أظل وفيا للرسالة التي أراد المرحوم ايصالها و هو صوت يحترم تجربة حياة و كفاح تستحق أن تروى .. هناك نوع من المسرح الكلاسيكي يمكن أن يتجاوب مع مضامينها و حقائقها التاريخية »(29).
كما تميزت شهادة محمد أومالك التاريخية بتعزيزها بالتواريخ و ذكر أسماء شخصيات معروفة تاريخية مثل علال الفاسي و أماكن لها دلالات تاريخية مثل كورسيكا « حزب الاستقلال عام 1946 كان حزبا قويا لم يكن عمري آنذاك قد تجاوز تسع عشرة سنة شاب أمازيغي يافع متحمس لحفظ القرآن و تحصيل العلم ستشاء الصدف أن أكون شاهدا على كيرة امريرت الشهيرة هي الأولى من نوعها في مغرب الاستعمار»(30)
الأغنية الشعبية «فن العيطة»:
يعد فن» العيطة» من الفنون الغنائية الشعبية المغربية التي تتناول مواضيع تهم المواطن المغربي البسيط كالفقر و مقاومة المستعمر .. وتعد أغنية «خربوشة» من أبرز هذه الأغنيات في التاريخ المغربي لما لها من دلالات و معاني « بالنسبة الي باش فنان مغربي يمشي حتى لهوليود كي يدافع عن الحلم فراه هذا هو الاحتقار للذات و التراث ديالنا تبغي الصراحة كون بقات عليا أنا كون بدلنا مارلين بخربوشة و الله حتى الشيخة ديالنا احسن معها نمثلوا الكفاح والصمود و النخوة و نشبعوا غير غنا مع راسنا»(31) فخربوشة هي شيخة دعمت و ساعدت انتفاضة قبيلتها من خلال لسانها اللاذع الذي كان بمثابة سلاح ضد القائد عيسى بنعمر الذي كان ظالما و متسلطا ضد السكان البسطاء فغنت «
سير أعيسى بن عمر
وكال الجيفة قتال خوتو
محلل الحرام(32)
خاتمة:
إن انتماء الروائي محمد أمنصور الى تيار التجريب الروائي في المغرب ،هذا التيار الذي يدعو الى تحطيم الحدود بين الأنواع الأدبية، جعله يستفيد من تقنية تداخل الاجناس الادبية في روايته «في انتظار مارلين مونرو» فاستطاعت الرواية أن تتخطى المألوف و تحطم القوالب المعيارية التي وضعتها الكلاسيكية، مما ساهم في التعبير عن القضايا المطروحة فيها بواقعية دون أن يفقد الرواية خصوصياتها و جمالياتها الفنية والأسلوبية.

الهوامش:
حميد لحميداني: من أجل تحليل سوسيو- بنائي للرواية «رواية المعلم علي» نموذجا منشورات الجامعة السلسلة الادبية3 فبراير1984 ص:6
كمال الرياحي :حركة السرد الروائي ومناخاته دار امية توني 2004 ص:7
محمد أمنصور: رواية «في انتظار مارلين مونرو دار الفنك للنشر الطبعة الاولى اكتوبر 2019 الصفحة :97
محمد أمنصور : نفسه ،ص:98
محمد أمنصور: نفسه، ص:98
محمد أمنصور :نفسه ،ص:105
محمد أمنصور:نفسه، ص:110
محمد أمنصور نفسه ،ص:9
محمد أمنصور نفسه، ص:66
10-محمد أمنصور : نفسه ،ص:65
11-محمد امنصور:نفسه ،ص:66
12-محمد امنصور:نفسه ،ص:57
13-محمد أمنصور:نفسه،ص:57
14-محمد أمنصور: نفسه،ص:49
15-محمد أمنصور:نفسه ، ص:58
16- محمد أمنصور : نفسه ص :60
17حسن بحراوي : بنية الشكل الروائي ، المركز الثقافي العربي ط:1السنة 1990 ص33
18- محمد امين عبد الصمد :القيم في الامثال الشعبية الهيئة المصرية العامة للكتاب 2014 ص 28
19-محمد أمنصور :رواية في انتظار مارلين مونرو ص :66
20-نفسه :ص :67
21-نفسه : ص:12
22-نفسه: ص: 13
23-عبد الله عبد العزيز : المقال الصحفي انواعه و خصائصه بتاريخ 12 دجنبر 2022 الموقع اليكتروني شبكة محرري الشرق الاوسط و شمال افريقيا.
24- نفسه :ص:9
25-نفسه : ص : 23
26- نفسه : ص : 256
27-نفسه : ص : 257
28- نفسه : ص : 73
29- نفسه : ص: 81
30- نفسه :ص: 75
31- نفسه: ص : 117
32- نفسه ص: 117-118

عن madarate

شاهد أيضاً

الرواية القصيرة جدا مبررات الولادة وآفاق التطور – حميد الحريزي

الرواية القصيرة جدا موجبات الولادة، وأشتراطات التجنيس الأبداع الأدبي مرتبط إرتباطا وثيقا بحياة الأنسان، ومنذ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *