نتغيا من وراء هذه المقاربة قضيتين أساسيتين، الأولى هي تجريب منهج نقدي محدد لمقاربة قصيدة الملحون، حتى يتمكن الباحث في هذه القصيدة من طرح أسئلة مضبوطة وحية، تجعل الإجابة عليها تفيد المتلقي وتنسجم مع رغبته في رفع الغموض عن جملة من القضايا التي تضفي على النص غموضا كبيرا، ونقطع الطريق على التيهان والعبثية التي طبعت البحث في هذا الجانب، مع الإشارة إلى كوني مقتنعا بأنه لا يمكن تفضيل منهج على آخر اعتبارا من كونه الأصلح لهذه المقاربة، أبدا، فكل المناهج قابلة للتجريب وحتما سيكون تجريبها مفيدا يضيف أشياء جديدة للبحث في هذا المجال، والقضية الثانية تتمثل في الكشف عن المعين الذي متح منه شيخ الملحون، واستقى منه صوره الشعرية التي تُغرق غالبا في المبالغة بل والفانطازيا، حيث غالبا لا ينتبه إلى هذه القضية، وإذا لفتت انتباه أحد اعتبرها وليدة التأثر بأساطير غربية، كما حدث مع الحاج أحمد سهوم وهو يتحدث عن قصيدة «ذات العرعار» لمحمد بن الصغير.
انسجاما مع ما أشتغل عليه من قراءة وتحليل لنصوص الملحون التي اعتبرت نصوصا شعرية بامتياز، نظرا لما تتوفر عليه من مقومات الشعر الواضحة، واعتبارا لاعتراف منظمة اليونيسكو بالملحون كتراث عالمي إنساني، واتفاقا مع اعتبار المغاربة هذا الملحون ديوانا لهم، وسجلا لأحداثهم وعاداتهم وتقاليدهم، ومرجعا في إنسيتهم ومقومات هويتهم، سارعتُ لمحاولة مقاربة بعض قصائد هذا اللون الأدبي من أجل التوصل إلى مغربية هذا الإبداع، من خلال اتصاله ببيئتهم، ومعبرا عن حياتهم الخاصة والعامة، إضافة إلى تقديم إطلالة موضوعية على الجوانب المساهمة في تكوين مخيالهم الشعري، ومرجعيتهم التي ينطلقون منها في غالب الأحيان، والتي تعتبر أصيلة متأصلة في الواقع المغربي،ولابأس من أن يكون الموضوع فيه لفتُ نظر إلى بعض التصورات الخاطئة والأحكام الجاهزة حول بعض القصائد التي لم تفهم بواعثها بالشكل السليم.
لقد كان شيخ/شاعر الملحون أشد احتكاكا بالواقع المعيش، وأكبر معبر عن البيئة التي يعيش فيها، مؤرخا للأحداث الماضية، ومواكبا للوقائع المستجدة، مستفيدا في كل ذلك من اطلاعه على الكثير من قضايا عصره، ومستفيدا من ثقافة وأدبيات السابقين عليه والمعايشين له، حتى كان مؤرخا صادقا بامتياز، بل ومستشرفا لما يمكن أن يحدث في القادم من الأيام عن طريق قصائد الجفريات(3)، وغالبا ما كان الباحثون والمهتمون يحدثوننا عن أمية هذا الشيخ/ الشاعر، حيث ينسبون هذا الشعر لفئة اجتماعية هي طبقة الحرفيين والمهنيين، وكأن هؤلاء لا يجالسون فقهاء ولا يحتكون برجال الدين والفكر، وأكبر دليل على تأثرهم بما كان يجري في بيئاتهم، ما نجده في طيات القصائد الدينية ـ سواء ما تعلق منها بالمديح النبوي، أو التوسلات، أو المواعظ وغيرها ـ من آيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة التقطوها من مجالستهم لعلماء الشريعة والاستماع لدروسهم العلمية، ويكفي أن نقدم كدليل على ذلك، ما جاء في السجال حول «الشهادة» بين الشيخين/ الشاعرين المدني التركماني(4) وأحمد الغرابلي(5) رحمهما الله، في قصيدتيهما المشهورتين، «اللايم»(6) و»الداعي»(7)، واللتين تستحقان بالفعل تشريحهما وتقديمهما كدرس في العقيدة، ومرجعا في علم الكلام الذي يعتبر مدخلا للفلسفة العربية الإسلامية(8)، والأمثلة عديدة على هذا وما يماثله.
ومن الجوانب التي استفاد منها شيخ الملحون في تكوين مخياله الشعري، الأساطير المستمدة من الخوارق(9) التي كان يتابعها في حلقات الحكواتيين في الساحات العمومية المشهورة في المدن المغربية، مثل ساحة جامع الفناء بمراكش، وساحة باب أبي الجلود بفاس، وساحة الهديم بمكناس وغيرها، حيث يتناول الحكواتيون موضوع هذه السير الشعبية ويرددونها على مسامع المتابعين الذين يكون أشياخ الملحون من بينهم، حيث يتابعون بشغف كبير هذه الخوارق، ويستفيدون منها في نظم قصائدهم التي تتناول أغراضا متنوعة، مستعيرين منها بعض أحداثها، وموظفين أسماء أبطالها مما يناسب الموضوع الذي يتناولوه، وهذا يستوجب من نساخ(10) القصائد المعرفة والاطلاع على هذه الخوارق، ومعرفة أحداثها وأسماء أبطالها، حتى لا يخطؤون في كتابتها، ويفوتون المعنى المراد من وراء توظيفها، وقد صادفت أثناء قراءتي للعديد من القصائد مثل هذه السقطات التي تنم عن جهل الناسخ لهذه الأسماء، مما دفعهم لكتابة غالبية الأسماء بطريقة مغلوطة وجب الوقوف عندها وتصحيحها(11)، ومن هذه الأغراض التي يوظف فيها الشاعر هذه الحكايات على سبيل المثال، قصائد «الحجام»(12)، التي تتناول غرضا على جانب كبير من الأهمية، يتمثل في احتفاء العاشق بجمال معشوقته الذي يفتتن به لحد الجنون، ويسعى إلى تخليده من خلال «وشم» يوضع بدقة وعناية على جسد المحبوبة، تخليدا للجسد الفاني بواسطة النقوش الخالدة، على نحو ما نجد عند الشاعر طرفة بن العبد(13) في معلقته(14) التي يقول في مطلعها:
لِخـــولة أطــلال بِبـُــرْقـــة ثهمَــد ** تلوحُ كباقي الوشم في ظاهرِ اليدِ(15)
فرغم انهيار الجسد وفنائه، ظل الوشم بارزا في ظاهر اليد، وكأنه يتوسل بالوشم الخالد لحماية الجسد الفاني، مما التقطه شيخ الملحون وهو يوثق لعادة مغربية متأصلة في المجتمع المغربي ألا وهي ظاهرة الوشم عن طريق الإبر أوالنقش بالحناء، والتي تعتبر لدى المغاربة وسيلة من وسائل إبراز جمال المرأة وإظهار مفاتنها، ومادام الاعتقاد في أن عين الحسود والمبغض يمكن أن تحدث أضرارا بالغة بالنسبة لهذا الجمال الفاتن، فالواجب يتطلب حماية له، وذلك باستحضار وسائل الحماية العالية حسب ما يعرفونه وما يعتقدونه، وليس لشيخ الملحون من وسيلة لذلك سوى استحضار حجام ليشم ما يمكن أن يحمي به هذا الجسد المعشوق، متوسلا بالخوارق العربية، ومستحضرا أسماء من الفرسان الكبار المذكورين فيها، والسحرة العظام وملوك الجن القادرين على تحقيق المبتغى، فهذا الشيخ محمد بن علي ولد أرزين(16) يخاطب «الحجام» من خلال قصيدته التي يقول في حربتها:
صــل أحجام الباهية طامــو(17) *
لله في اصـــدر من نهــــوى لوشام نِيّْلـــو(18) زِيَّــــنْ لِهْ احـــروفْ
وفي القسم الخامس من هذه القصيدة، يطلب من الحجام أن يشم له جملة من الأشياء الخارقة استمدها من الأساطير العربية ذات الخطاب الفانطازي(19)، يرهب من خلالها كل شرير يسعى لإيذاء محبوبته، ويدافع عنها بقوة واقتدار، حيث يقول في هذا الصدد:
فصدرها ديـر الظاهــر(20) اهمامو *
هَــــزَّامْ مَـــنْ اطغَـــى سُلطــــانْ العـــربْ طاعتــــو مِئَاتْ وُلألـُـــوفْ
دير ابني عبس(21) اخْلافْ حُكـَّامُو *
وعمل عنترة(22) في خلفو شيبوبْ(23) مشتْمَرْ في زردو(24) معْرُوفْ
دير أولاد اسْمَاعيلْ(25) في إيامُو *
اجمَالْ الدين شيحا(26) والعلقاوي(27) امعاهْ وابراهيمْ وُمعرُوفْ(28)
لقد أورد الشيخ/الشاعر محمد بن علي ولد أرزين جملة من أسماء شخصيات خوارق عربية، سواء من سيرة الظاهر بيبرس أو من سيرة أبو الفوارس عنترة بن شداد العبسي، وهم كلهم من الشجعان الخوارق الذين يحمون الذمم، ويرفعون الضيم، وينصرون المظلوم، ويذوذون عن الأعراض، لذلك فَهُمْ ـ حسب اعتقاد الشيخ ـ لهم قدرة على حماية جمال المحبوبة عندما نضع أسماءهم على صدرها، حيث أن هذه الأسماء لوحدها كافية لطرد كل شرير حسود، ولم يتوقف الشيخ/ الشاعر فقط عند وضع الحماية لمحبوبته وجمالها ونقشها من الإنس فقط، بل وضع لها حماية من الجن والسحرة أيضا، ووضع عليه طلاسم حتى لا تستطيع الجن الاقتراب منه، الشيء الذي استوحاه من سيرة الأمير سيف بن ذي يزن، وسيرة الملك الظاهر بيبرس وغيرهم.
ولم يقف الأمر عند الشيخ محمد بن علي ولد أرزين، بل تعداه إلى جملة من المشاييخ/الشعراء الذين أتوا بعده، والذين كتبوا في نفس الموضوع، فهذا الشاعر محمد بن علي الدمناتي المسفيوي(29) في قصيدته «الحجام» والتي تقول حربتها:
أَ الحجام إلى كُنــتِ الـْبِيبْ فَصْــدَرْ الطـَّامْ(30) * زِدْ نِيَّـــلْ لـُـــوشـــــامْ *
بَاشْ تَعمَلْ فِي خَدّْ الريـــمْ خــالْ أوُشَامَة(31)
يقول ابتداء من القسم الثالث من هذه القصيدة:
دير امدافع تنبا(32) من الشرارف(33) كتَبطش بالرقيبْ * وعْمل عسَّا بها إيجولْ كل افدَاوي(34) * مثل الهمام بيبرس(35) مع معروف * دير علال العلقاوي(36) * وبن ادْبل وابراهيمْ(37)
امْعَ المِيرْ شيحة جمال الدين(38) دير شجعان ازعام * واقـفـــة باحتـــرامْ *
كـــل بطــــل اجـــــوادُو للحـــــرب كــيتـــــرامــــــى
دير بـــنْ ذي يــــزانْ(39) اقبالهــمْ ماســــكْ لعـــــلامْ * ديـــرْ قـُومو بتمام *
ديرْ وَلـــدُو دُمَـــــرْ(40) واللــــي يَشْــــرَبْ الدَّمَــا(41)
دير سعدون(42) امع ميمون(43) والدمنهورْ(44) لهمام * من اتقلـــد لحسامْ *
مــــن اتّْسمَّى مصــــر(45) ومْعَــــاهْ شـي حكمــــا(46)
دير برنــوخْ(47) امْعَ عَقلة(48) وبانياسْ(49) الضرغامْ * كيسحْــــرُوا لأنَـامْ *
دير مُلـــــــوك الجــــــن اقبالـــهـــــم حــــــوَّامــــــة
……………………………………….
ليك انعلم لرصاد
باش ترصـــد مُلـــــوك الجــــن عايشيــــن ولقـــــدام * دير رعد(50) الهَمْهَامْ *
دير أويــــس القافـــــي(51) سَــــرْبْتُـــــــو هــــزَّامـــة
دير عفاشــــــة بويَادْ(52) ديــــر صاحـــب الغمــام(53) * دير أسود دمــدام(54) *
دير عاقصــــــة(55) مـــــن فالخـــــد ليهـــــا شـــامـة
دير ساحــب(56) امعَ العطيــبْ(57) دير برْدَرْ(58) زطام * والصميدَعْ(59) هــزامْ *
دير شيهـــوبْ(60) وُعرفشـــــة(61) اكبيـــــر الهـــامة
وهكذا فكما وضع شيخ/شاعر الملحون حماية لمحبوبته ونقشها من العين الحاسدة ومن أشرار الإنس، كذلك وضع لها حماية من الجن والسحرة مما استفاده من سيرة الملك الظاهر بيبرس وسيرة الأزلية التي أورد شخصياتها من الإنس أبطال الحرب الشجعان من أمثال الظاهر بيبرس وعلال العلقاوي والأمير شيحة جمال الدين، وكذلك الملك سيف بن ذي يزن، وابنه البكر دمر، والفارس شارب الدماء خراق الشجر، إضافة إلى سعدون الزنجي وميمون الهجام ودمنهور الوحش، وابن الملك سيف من زوجته منية النفوس والذي سماه مصر وغيرهم، وكما أورد شجعان الحرب من الإنس، أورد كذلك الأبطال من السحرة من أمثال برنوخ الساحر صاحب فج النار، والكاهنة عقيلة حكيمة مصر وأم زوجته طامو التي أنهت أسطورة أمه بقتلها بمساعدة أخته الجنية عاقصة، إضافة إلى هؤلاء جميعا، سارع إلى وضع حماية أعظم من طرف ملوك الجن من أمثال الملك رعد الذي صادفه في رحلته إلى كنوز نبي الله سليمان بن داوود عليهما السلام، وأويس القافي ملك من جبال الواقواق، وكذا الملك عفاشة بن عيروض من الجنية عاقصة، والذي ولد بيد زائدة في صدره يقسم عليها فتنيله ما يريد، ولذلك سمي بعفاشة أبو اليد الزائدة، وكانت كل ملوك الجن وحكماء الإنس تخافه، ثم الملك الجني صاحب قصر الغمام الذي قتله الملك سيف ليخلص بنات الإنس التي كان يختطفهن ويضعهن في قصره طغيانا وتجبرا، ثم عاقصة الجنية أخت الملك سيف من الرضاع، وباقي أسماء ملوك الجان الذين لهم سلطة وقدرة كبيرة على حماية أي شيء استؤمنوا عليه ولو تذهب فيه أرواحهم، وهذا كله كما أشرنا حماية لهذا الوشم من الابتذال، ولجمال المحبوبة من التمييع.
ومن الغريب في هذا الأمر أنه رغم كل هذه النقوش والطلاسم المكثفة التي يطلب العاشق من الحجام أن يضعها على جسد معشوقته لتخليد جمالها الفاتن المبهر، ورغم ما يعرفه من قساوة الحفر على الجسد وما يترتب على ذلك من آلام، إلا أن العاشق يطلب من الحجام أن يترفق بالمحبوبة وألا يعذبها، مرة يطلب منه ذلك بالحسنى، كما فعل الشاعر حمود بن إدريس(62) في حجامه الذي تقول حربته:
صل أ حجام العانــس(63) الدامي *
لوشام ركمو(64) فصدر من نهوى المالكاني لغزال الطام
حيث يخاطبه في القسم الرابع من قصيدته قائلا:
وعمـل لريــام شهــود لــــوشامـي *
زهـــرة أوفاطمة وحليمــة مينة أوراضيــة فنهايت لقسـام
لِيَّـن لـــــوشــام ارقيــــق أدامـــــي *
عنـــداك لا تعـذب مـولات الخــال لالــة ســرديت لنيــام(65)
وأحيانا يغضب من الحجام ويثور ويرفع أمره للقاضي كما فعل الشيخ/ الشاعر بابا أحمد بن الواعر(66) المراكشي في قصيدته «الحجام» والتي يقول في حربتها:
يا الحجام اظلمتي عانسي أم ادْلالْ(67) * أشْ رامكْ(68) ابلا سبة اعْلى اغْزَالِي
وفيها يقول واصفا هذا الحجام مظهرا طباعه الفظة وقساوة قلبه:
مالك أ حجام الخودات ليس تنضال(69) * من ازعـاما دون اســلاما ولا اتبالي
مالك امحـزم لســواق الريـــام محتــال * مالك امــوجـــد لنكـالي مع اهـــوالي
مالك افعلتــي بالميلاف بيـــس لفعـــال * مالك ادميتـي لي ذات البها اغــزالي
أش جابك تقرب ولفي اسبيــغ لنجـــال * أو لاش غيرتي ميلافي اضيا انجالي
أش جابك تدمي طــب الحشا ولدخـــال * ولاش جرحتيهـا وتْجــرحــوا ادخالي
لاش هــولتــينـــي وأنا اكثيــر لهـــوال * شف تجياح القلب مع اضنا اهــوالي
ياك تعــرفني مسقـــوم الحـوال والحال * في اطريق اهوايا فاني انحيــل حالي
إن الشيخ/ الشاعر يشكو من قساوة قلب الحجام الذي تقدم وأخذ جسد محبوبته وجرحه دون رحمة، وأنه مع كل جرح كأنه يجرح أحشاء العاشق وقلبه، الشيء الذي لم يتحمله، وجعله يأخذ بتلابيبه ويرفع أمره إلى القاضي ليقتص منه، وقد جاءت مرافعته أمام القاضي حول النازلة على الشكل التالي:
له قلــت أ لفقيه هـــذا اصليـب قتـــال * جــرح الدامي ودماها اضيا انجالي
دون سبــا وتـــرك دم الغـــزال هطال * ما شاورني ما حاداني ولا ادنى لي
غير زاد ناري يا الفقيـه حضــر البال * دار غــرضُ وشطــن يا لعبـاد بالي
فالخلايــــق شفا فيَّا اعــــدو وُعـــذال * ما ارتـى لبكـــا لخليلة ولا ارتى لي
كيف تصبــر ذات اصبيا لســم لنصال * طال يا الفقيه هجـراني مع انكــالي
وهكذا نلاحظ أنه ورغم رغبة العاشق في إثخان جسد محبوبته بالنقوش لأجل الغاية التي سبق أن كشفنا عنها، إلا أنه لا يريدها أن تتعذب أو تتألم، ولذلك يختار أفضل حجام يملك آلات للنقش دقيقة ودخيلة من بلاد الإفرنجة حتى تكون أكثر جودة، وإن حدث عكس المأمول فإن العاشق يتألم كثيرا.
وكما تحدثنا سلفا عن تأثر شاعر الملحون بالعلماء والأدباء والمثقفين، مما جعل قصائده مليئة بما يثبت أنه لم يكن شاعرا أميا كما يقول البعض، وما تكشف عنه نصوص الملحون من أحداث ومواقف بل وأفكار أحيانا وأساطير كلها تثبت أن هذا الرجل كانت له معرفة هامة بالثقافة التي كانت منتشرة في عصره وفي بيئته، ولم يقتصر الأمر على تأثره بالخوارق التي أشرنا إليها سلفا، بل كان شديد الاحتكاك بالمرددات الشعبية وبالأحاجي التي كانت منتشرة في البيئة المغربية، وهي أحاجي الجدات التي لطالما تحلقنا حولها، وتابعناها ونحن صغار بنوع من الحب والشغف، ولا شك أنها تركت أثرا لدى شاعر الملحون يمكن أن نكشف عنه من خلال نموذج واحد من إبداعات هذا الشاعر الفذ، تلك هي قصيدة «ذات العرعار» للشيخ محمد بن الصغير(70)، والتي يدخلها أهل الملحون في غرض «الترجمات ـ أو التراجم»(71)، والتي برع فيها بشكل كبير، لكن قبل أن نتحدث عن هذا النص، أورده لكم كاملا من أجل الاطلاع عليه قبل إصدار أي حكم.
قصيدة: «ذات العرعار»
نظم الشيخ: محمد بن الصغير
بحر السوسي(72) / المرمة الثلاثية
الحــربــة:
هَــــاذْ هِــــيَّ مَـــاهِيَــــا غِيــرْ مَنْ اجْــدَرْ ذَا العَــــرْعـَــارْ*
نَـحْـــتْ مَـاهَــــرْ عِـيـَّــــارْ * دَمّْ وَلـحَـــمْ رَجْــعَــتْ احْـــيَاتْ وَلاتْ امْـــرَة *
القســم الأول:
كـانـوا باثـنــيــن امســافـريــن * فاطـريــق الخيـر امرافــقيــن
واحد فيهم نحات * صانع ارفيع ابْهَـرْ جَمْعْ العقول * ما عند ابنادم مايقول * من غير اصويري * ما يطوع العرعار الهشيش * من غير افشـر * من دون فيش * كيصنع بالعرعار شي عْجَايب * ما يشريها لويز* ولا جوهر ولا يبريز* والثاني كان امجادلي * وفكــل افـراح امواولي * واتجـر دغيا دغيا اغناه ربي * وصار من اللباب * إبيع ويشري فلثياب * عنـده لحـرير مع الصابـرة * وعنده الملف مع الكامرة * وعنـده لغوالي العاطرة * واعكـر والحركـوس * والسواك ولكحول * وما على الجمال من احمول * زاروا امقام سيــدي مكــدول * وسكــدوا خـرجوا فالســرويــة *
مـــن الصـويـــرة جــــدوا فالــسيـــر فالـفــيـافـــي واقـفـــار*
كايغــنــيــــوا اشــــعـــــــار* قاصـدين بـاعـــزم ونـيـــة البهــجـة الحمــرة *
القســم الثاني:
في اعــوينـت سيــدي ياسيــن * صابــوا صاحبنا ابـن الـزيــن
هـروه وقال اكـلام * ما انـقـد انقوله * واللي اقوى عليه افضوله * زعمة ابغى يسمعو * إيجي حتى العندنا * ويرافقنا فاجمعنا * وانجيبوا ليه خينا * واحداه انهـروه ليه * ويسمع أش يقول ليه * عنداك يقول على اسفيه * لحديث اقياس * وغايته ادراوهْ(73) قابـط ذيك الطريـق * وارجع حتى هو ارفيـق * يا محـلاها ذيـك المرافــقة * من احْكاياتو الخارقة * والمغــربات رايــقــة *
والضـــحــــك ولـقـــجـــــام فالـطــــريــــــق الســـيــــــــــار*
هـــكـــــذا داز انــــهــــار* روحوا فيه الفــــــرح اعـــــريس للــمـســـــرة *
القســم الثالث:
راحــت شمس انهــار لثـنيــن * دكــوا كـيـطــون(74) امعاونيــن
واتوضاو وصلاو* عاد جـبـدوا لعشة * وبعدها اتـرايوا(75) * إقسموا ليلهـم * على العسة ما بينهم * بالمشخــرة (76) ضربوا العـود * عاود ثاني ضربـوا العود * وبان اشكون اللــول * واشكون الثاني * وجا العود فالتيجاني * واخـرج من الكيطون إيـدوز نويبته * يحـرس بالجـد ارفاكـتـه * باش إيدوز وقـته * وباش يَـتْـوَنَّـسْ * صاب اصنيعته * صاب اجـدر دا العـرعـار* غير مرمي * واطول من طولته * اجبـد أدواته وزاد لِه * يـنـقـش ويـدقـدق * ويمري بالملاكـيـة *
كــان مـسكـــون مــع الصــنــعـــة امْـخَـلـْخْــلَا لـُــه لـفـكــارْ*
ولا ابـحــــالــه صـبـــــــار* صانـع اتــقي وانــقي وامعيشتـه امعيشة مُــرَّة *
القســم الرابع:
عَـــسّْ اسويـعــاتــه كامــليــن * وانـحـت قامــة تسبــي العــيــن
امرة خمرية كاملة * وَقَّفْهَا وقفة صايلة * ومْشى فِيَّـقْ من نوبته يْعَسّْ * وتَّـكـَّى فـفـريشه انعـس * والتاجر من حيث شافها * اجمـد فيه الدم وَافْهَا(77) * واتـراجع دغية واعـرفها * ذات من العـرعار* اصنعها ذاك الجـن * وبْـدَا يْخمَّم ويتمكـنْ(78) * وبعدها امشى يجــري لصنـادقه * وجـبـد قـفـطان اخضر* من الموبـر وقميـص من الحـريـر* والسبنية ازواقها امشجـر* وسْقليها اكـثير* والعبروق وعصابته ذا الـويـز* والشربـيـل الكـبيـر* لبسها نبتها *
وزيــــن لــهــــا خــــلاهـــا فــيـــن صابـــهـــا للـتــبـــهــــار*
وفــــيــــق بـــا عــمــــــــر* ابـــن الـــزيــن يـعــــس النوبة ويـلقـــى لمرة *
القســم الخامس:
افهـــا فـيهــا يـــا فــاهـــمـــين * وداخــت بيـــه الـدنيــا فـحيـــن
زكا راسه دغية وزاد ليها * واخـزر فيها امليح * طيـر سبنيتها الـريـح * وعلى راسه غادي اتـطيـح * غماته فـزعاتـه * وهـوساتـه * وافـلـت ليه الـرتاج * زاد اتـفاكـم ليه المـزاج * ومــن هاذي موحــال واش باقي يـفـلـت * اتـلاحقات فيه انـفاسه * وطـاح فالــوطـا كايـلـهـث * لــو كـان شاهـــدوه وناسه * مسكـيـن كــيف كايـتـمرت * اشحال عاد عـــرا راســه *
امنين شاف فاجــنابــه صاب اشحــال من اشــلاخ العــرعار*
الكــــبـــــار والصـــغــــار* ابحال من جــاه ومرمــق له واعـــرف الجـرة *
عــــاد ولــــى عـــنــــه لـعـيـــا وعـــاد مسكــيــــن انــهـــار*
وعـــاود ارفـــع لــبـــصار* باش ينظــــر هـــاذ الخشبـــة وجاتــه حكـــرة *
كــيـــف حـــتــــى يـــتـــفـــزع بالخــــوة وهـــــو عــــيـــار*
ما ابـــحــــالـــــه عــــيــار* وباش من كـــيــــد إيــرد الصاع بألف عـبــرة *
ابـــــدا يخمـم كــــيفــاش وباش خــص ياخــــذ بالــــــثـــــار*
مــن الخــسيـــس النجــــار* على اللي ما خـــبـره واتخانــقـات فيـه الحسرة *
بعــد ساعـة اضـــرب بكــفــوفــه الأرض ضربــت تطهــار*
اتـــيـــمـــم باخــــتــــصـار* ودار للقبلــة يـــرجى خالقه اعــظـيـــم القــدرة *
غــيــر كــبــر واسجــد سجــدة اسمــع عــطســـة بجـــهـــار*
احيـات بــنــت العـــرعــار* غيـر سلـــم طاحــت بيـن إيـــديه عـذرة سمرة *
قــال ليهـــا نبـــغـــيــــك اتــــفيـــقي اعـــديـــــم اليـــضــمار*
مـــــع الــذيـــب النـجــــار* غـــيـــر فاقــــوا شعشـع لحماق فـلـثنيـن ابمـرة *
اشكـــون من حـقـه ياخــــذهـا مــــن الثــــلاثـــــة يـــذكــــار*
واهــيـا هــــل لــــفــكــــار* يا الــودبـــة يا هــــل لعـــلــــوم نـعـــم القــــرة *
قـــال محـــمــــد بـــــن الصغيــــر والســـلام فـــلـشــعـــــار*
إيــــعـــــم سـايــر لـبـــرار* والجــــواب إيصيبه مـن راد فالبيــات العـشـرة *
هذه هي القصيدة (الحجاية)(79) بكل أحداثها الأسطورية وشخوصها وزمانها ومكانها، وكل المقومات التي تجعل منها خطابا سرديا، فهي تدور حول شخصيات عَرَّفتنا عليهم (الحجاية) عن طريق مهنهم أو ما كانوا يشتغلون به، حيث الأول كان نجارا ماهرا وحاذقا في حرفته، يُخرِج من بين يديه الأعمال المعجزة، أما الثاني فقد كان تاجرا يبيع الحلي والثياب، وقد قررا معا أن يخرجا في رحلة من مدينة الصويرة في اتجاه مدينة مراكش، وعندما وصلوا مكانا اسمه (اعوينتْ سيدي ياسين)، وجدوا رجلا آخر اسمه (ابن الزين)، متجها هو الآخر لمدينة مراكش، وما دامت الوجهة واحدة، فلابأس أن يجعلوا منه مرافقا لهم في الرحلة، ويكون عونا لهم على التخفيف من أعباء السفر، ولو أن (ابن الزين) هذا لا يملك من حطام الدنيا سوى الحكايات العجيبة، والمُغرَّبَات المضحكة التي كان يتحف بهما رفيقيه بين الفينة والأخرى، وعندما غابت الشمس وهم في وسط الطريق، نزلوا في مكان مناسب ليستريحوا، ونصبوا خيمة، وَأدوا صلاتهم المفروضة، ثم تناولوا عشاءهم، واتفقوا على أن كل واحد منهم يحرسهم ثلثا من الليل، واقترعوا بينهم، فأسفرت القرعة على أن يحرس النجار الثلث الأول، والتاجر الثلث الثاني، في حين أن (ابن الزين) يحرس الثلث الثالث، وقام النجار لتأدية واجبه، في وقت نام صاحبيه كما كان الاتفاق بينهم، ولكي يستطيع هذا النجار أن يقضي وقت حراسته بدون كلل ولا ملل، وجد جذع شجرة من العرعار ملقى أمامه، فأخذه ونحث منه صورة لفتاة رائعة الجمال، من رآها يعتقدها امرأة حقيقية، ثم أوقفها واتجه لمكان صاحبه التاجر ليوقظه قصد أن يحرس الثلث الثاني من الليل، وبمجرد ما رآها، أخذ يفرك عينيه ليتأكد من صحة ما يرى، وأصابه الرعب في البداية، لكن بعد لحظة تأمل، تفطن لما فعل النجار، وأنه سعى بعمله ذاك لإظهار براعته وحذقه لحرفته، ويفاخر بإتقانها، عندها قرر التاجر أن يكشف له عن جانب من ثروته، وما يملكه في خزائنه من أموال وتحف، ففتح صناديقه وأخرج الألبسة والحلي من الذهب والفضة، وألبس هذه الفتاة حتى صارت فتنة للناظرين، وكل من رآها لا يصدق أنها مصنوعة من العرعار، وبعد أن انتهى من عمله، اتجه إلى المكان الذي ينام به (ابن الزين)، وأيقظه ليسلمه مسؤولية حراسة الثلث الأخير من الليل حسب الاتفاق، وبمجرد ما شاهد (ابن الزين) هذه الفتاة، انخلع قلبه، واعتقد أنها جنية، وأخذ يبسمل ويحوقل وهو في خوف شديد، لكن سرعان ما اكتشف الأمر، فاقترب منها، ولمسها، وتعرف على ما فعله صديقيه السابقين من مقالب، فالأول يفاخر بصنعته، والثاني يباهي بثروته، وهو لا يملك شيئا يجاريهما به، فحزن كثيرا، لكنه لم ييأس، بل قرر التوجه بدعائه إلى الله تعالى حتى يمنحه ما يبز به صاحبيه، وبالفعل تيمم صعيدا طهورا، وصلى ركعتين لله سبحانه وتعالى، واتجه إليه بقلب خاشع سليم راجيا منه ألا يخذله أمام هذين الصديقين، وأن يحيي له هذه المرأة، وما أتم دعاءه حتى استجاب الله له، وزرع الروح في هذا الجذع، فقفزت أمامه فتاة رائعة الجمال، وجلست إلى جانبه تبادله الحديث وتباسطه، عند ذلك استيقظ النجار والتاجر معا، وشاهدا الفتاة جالسة إلى جانب (ابن الزين) وقد زرع الله فيها الروح، فلم يصدقا بداية الأمر، بل ظنا أنهما يحلمان، ولما تأكد عندهما صحة الخبر، أخذا يتشاجران، كل واحد منهم يريدها لنفسه، وهنا ينهي الشاعر قصيدته بسؤال للمتلقي، مَنْ مِنْ هؤلاء الأحق بالتزوج بهذه الفتاة، هل هو النجار الذي صنعها؟، أو التاجر الذي ألبسها وزينها؟ أم هو (ابن الزين) الذي رجى الله فأحياها له؟، وهو سؤال ظل حائرا على ألسنة أهل الملحون ولم يحيروا له جوابا إلى اليوم.
هنا تجدر الإشارة إلى أن الغاية من كتابة هذا الموضوع الآن ليست هي الإجابة عن هذا السؤال الإشكالي الأزلي، والذي يماثل سؤالا ميتافيزيقيا مؤداه: من الأسبق للحياة البيضة أم الدجاجة؟، بل سنسعى وراء هدف آخر هو فك بعض ألغاز هذه القصيدة، والتي تتمثل في قضية أساس تتفرع عنها قضايا كبرى، وهذه القضية الأساسية هي التي تنطلق من السؤال التالي: من هو الناظم الفعلي لهذا النص؟ هل هو بالفعل من إبداع الشيخ محمد بن الصغير؟، أم أنه انتحل له بعد أن كتب من طرف شاعر آخر؟.
انطلاقا من تعليق للشيخ المرحوم أحمد سهوم(80) حول هذا النص والذي يقول فيه: « {بِيكْ مَاليُونْ} كما لا يخفى على مثقف، ينحث تماثيل الأجسام من الحجر، ومن غير الحجر، وقد نحث مرة تمثال امرأة فأبدع فيه كما لم يبدع في أي تمثال آخر قبله، ولما فرغ من العمل، وأصبحت المرأة ماثلة أمامه تكاد تخاطبه، أحبها، وطلب من الآلهة أن تهبها الحياة ففعلت، وارتمت المرأة في أحضانه وجن جنونه، وقرر أن يتزوجها … فصبت عليه اللعنات … وسمع الأصوات تردد من كل جانب {بيك ماليون الملعون … أوَ يتزوج الخَلَّاق من مخلوقاته}، هذه في سطور هي أسطورة «بيكماليون» وكما ترددت في اليونان قبل آلاف السنين …
وسوف يأتي «برنادشو» فيستوحي من الفكرة مسرحيته المشهورة «سيدتي العزيزة» وستأتي السينما، فتنتج المسرحية في أكثر من فيلم …
ويأتي «بن الصغير الصويري» … وقد شاهد عهد السلطان العلوي الحازم مولانا الحسن الأول فيستوحي من الفكرة هذا الإبداع الخفيف المرح…»(81).
انطلاقا من هذا التعليق الذي كتبه الحاج أحمد سهوم حول هذا النص نجزم أو نكاد على أن ناظم القصيدة ليس هو الشيخ محمد بن الصغير، ذلك أن هذا الشيخ عاش على عهد السلطان محمد الرابع العلوي، وثقافته لا تؤهله لكي يطلع على مثل هذه النصوص والأساطير اليونانية والعالمية ويستفيد منها بهذا الشكل، وإذا أضفنا إلى هذا لغة النص القريبة من عصرنا هذا، والحبكة الفنية المتطورة لهذه (الحجاية)، يصبح من المستحيل أن يكتب الشيخ محمد بن الصغير مثل هذا النص بهذا العمق الفلسفي، إذن هل أخطأ الذين نقلوا هذا النص إلينا في نسبته لغير ناظمه؟ وهل كان الخطأ مقصودا؟ أم أنه خطأ عفوي؟، هل يمكن القول بأن الحاج أحمد سهوم رحمه الله هو ناظم هذا النص الفعلي ونسبه لمحمد بن الصغير؟، وما الذي يحمل الشيخ أحمد سهوم على فعل مثل هذا الأمر؟ وما الذي يمكن أن يستفيده من كل هذا؟.
أسئلة جد محيرة تدخلنا في متاهات يصعب الخروج منها، وفك مثل هذه الطلاسم لا يمكن أن يحدث إلا في حالة واحدة هي التي ارتحنا لها ونبرزها من خلال هذه المقالة، فمن الممكن أن يكون الشيخ محمد بن الصغير هو صاحب فكرة هذا النص، وكتبه كتابة بسيطة لم يعتمد فيها على بيكماليون ولا غيره، ولم يستفد في ذلك من الأساطير اليونانية والعالمية كما ذهب إلى ذلك المرحوم الشيخ أحمد سهوم، بل اعتمد على (حجاية) مغربية من حجايات الجدات التي تملأ التراث المغربي، تلك هي (حجاية بنت الحطاب»(82)، والتي وردت في التراث المغربي على الشكل التالي:
«يحكى أن رجلا كان عنده ثلاثة أولاد، وعنده صديق يعمل حطابا بالغابة، هذا الرجل استشار ولده الأكبر قائلا له: إني أريد أن أزوجك قبل موتي.
قال الولد الأكبر: يا أبي بعد طول العمر أريدك أن تزوجني بنت الحطاب.
سأل الأب: الثاني والثالث وكلهم أجابوا نفس الجواب، يريدون بنت الحطاب.
احتار الرجل وذهب عند صديقه الحطاب وحكى له مشكلته وما طلبه منه أبناؤه الثلاثة.
قال الحطاب: المشكلة سهلة، سأستشير ابنتي وهي التي ستختار واحدا من أبنائك الثلاثة للتزوج به.
شاور الحطاب ابنته فقالت له: كلهم ما فيهم خيار إنما أريد كمهر لي أن يأتي كل واحد بهدية والذي أتى بهدية أحسن من الآخر هو من سأتزوج به ويكون عرسي.
أخبر الأب أبناءه بطلب البنت ووافقوا على ذلك، فسافروا كل واحد ذهب لبلد، وبعد شهور اجتمعوا في بلد غير بلدهم وجلسوا مع بعض.
سألوا أخاهم الكبير: ما هي هديتك؟.
قال لهم: أنا جلبت مرآة، لكن ليس مثل كل المرايا، إنها بمجرد ما تريد أن ترى أي شخص في أي مكان، تقف أمام المرآة وتنادي عليه وأنت تراه أمامك في المرآة.
وسألوا الثاني: وأنت ما هي هديتك؟.
قال لهم: أنا جلبت حصانا خشبيا، لكن ليس مثل كل الأحصنة، هذا الفرس يوصلكم للبلد الذي تريدون، إنه يطير في الهواء بسرعة البرق.
سألوا الصغير فيهم قال لهم: أنا جلبت برتقالة، لكن ليس مثل كل البرتقال، إنها إذا مات أحد وقبل أن يضعه أهله في القبر تعصر البرتقالة في فمه يرجع حيا من جديد.
فطلبوا من أخيهم الكبير أن يأمر المرآة لكي يروا فيها بنت الحطاب.
وبالفعل أمر المرآة، وفجأة رأوا بنت الحطاب وهي على فراش الموت.
طلبوا من أخيهم الأوسط أن يحملهم الحصان الخشبي للبلد بسرعة قبل دفنها.
حملهم الحصان بسرعة الريح ووصلوا لبيت الحطاب وعصر الأخ الصغير البرتقالة في فم بنت الحطاب، فرجعت في صحة جيدة ومتعافية من الموت.
في نظرك: من في الإخوة الثلاثة يتزوج ببنت الحطاب؟.»(83).
هذا هو نص (الحجاية) كما ورد في التراث المغربي، ولاشك أن الشيخ محمد بن الصغير قد استفاد من هذه (الحجاية)، وكتب نصا شعريا ملحونا مستفيدا منها، ولما اطلع عليه الشيخ المرحوم أحمد سهوم، قام بإعادة صياغته بطريقته الخاصة، وحمَّله تلك الأسئلة التي طرحتها أسطورة بيكماليون، وبذلك يستقيم الأمر إلى حين ظهور معطيات تفند ذلك.
والخلاصة، فكما لاحظنا أن استعمال المنهج الأسطوري في استنطاق نصوص الملحون يمكن أن يجيبنا على العديد من الأسئلة الشائكة، ويحل العديد من المعضلات، وللحق نقول، شخصيا ونظرا لضيق الحيز المكاني المخصص لهذه المقالة، ولرغبتنا في التجريب ثانيا، اقتطفت لكم جانبا ونموذجا من استعمال هذا المنهج وكيفية تطبيقه أثناء التحليل، مشيرا في ذات الوقت إلى أن هذا المنهج ليس وحده المنهج الصالح لمقاربة قصائد الملحون، بل لابد من القول على أن كل المناهج العربية والغربية المتوفرة لدينا قابلة للتجريب على مثل هذه النصوص، حيث كل منهج يصدر عن سؤال يطرحه الناقد، يؤطر من خلاله بحثه بين الانطلاق والوصول، وللموضوع صلة.
ـ
الهوامش:
* باحث من مراكش مهتم بدراسة التراث المغربي عامة، وفن الملحون على الخصوص.
1/ الشيخ: والمقصود به هنا حسب أهل الملحون هو الشاعر، ولا علاقة للكلمة بالعمر.
2/ الملحون: نوع من الشعر المغربي المنظوم باللسان المغربي الفصيح (التامغربيت).
3/ الجفريات: حسب التعريف الذي أورده محمد الفاسي في كتابه معلمة الملحون ـ القسم الأول من الجزء الأول
السفر الرابع عشرـ أبريل 1986 ـ الصفحة 81/82 يقول: «الجفــــرية قصيــدة يذكر فيها الشاعـــر الأخبار
المستقبلية على سبيل التنبؤ، وعامة أهل الملحون يعتقدون صدق هذه التنبـؤات ويؤولــون الأحداث التي تقــع
حسب ما يروونه في هذه القصائد.
4/ الشيخ المدني التركماني من الشعراء الكبار الذين أنجبتهم مدينة مراكـــش، ةلد بحي أزبـــزط سنة 1230 هـ
الموافق لسنة 1814م، كان فقيها ورعا تقيا…..وتوفـي بمدينــة فاس عــام 1302هـ الموافق 1885م، هــذا
حسب ما أورده الأستاذ الباحث المصطفى برادي في كتابه «شعـراء الملحون بمدينة مراكــش بهجة لمتــون»
الطبعة الأولى 2024م الصفحة 102.
5/ في كتابه معلمة الملحون الجزء الثاني القسم الثاني «تراجم شعراء الملحون» الصفحة 324 كتب المرحــوم
محمد الفاسي حول الغرابلي قائلا: الحاج أحمد الغرابلي شاعر من أهل فاس من الفحــول، كـان أيام مولاي
الحسن الأول وأدرك مولاي عبد العزيز وشعره مشهور.
6/ تقول حربة قصيدة «اللايم» للشيخ المدني التركماني المراكشي:
أ اللايم خلي لعباد كل واحد في حالو * الشهادة بالله وبالرسول تكفي مولاها
7/ تقول حربة قصيدة «الداعي» للشيخ أحمد الغرابلي الفاسي:
أ الداعي بالعرف اصغى لهل العلم فما قالو * الشهادة من غير اعمال ليس تكفي مولاها
8/ القصيدتين تشهدان على دخول صراع علماء الكلام في المشرق إلى المغرب، وأن الشيـخ الغـــرابلي ينطلق
من فكرة المعتزلة حول مفهوم الإيمان، ويتهمه الشيخ التركماني بكونه ينتمي لفرقة الخـــوارج الرافضة، في
وقت يستند الشيخ المدني التركماني إلى فكرة الأشاعرة، وبين الفرقتين اختلاف كبير حول مفهوم الإيمان.
9/ الخوارق العربية هي مجموعة من الحكايات المتســم بالعجائبية، ونذكـــر من بينها: (الأزليـــة ـ العنتـــرية ـ
الفيروزية ـ الحمزاوية ـ سيرة الأميرة ذات الهمة وولدها الأمير عبد الوهاب………).
10/ صفة «النساخ» تطلق على كل من ينسخ ما يحفظه من قصائد الملحــون في «كناش» حفظا لها مـن الضياع
أو التحريف.
11/ كنموذج لبعض هذه الأخطاء التي توجد في الدواوين التي أصدرتها أكاديمية المملكة، ما ورد في حجام
محمد بن علي المسفيوي، عندما كتبت بعض أسماء الأعلام بطريقة خاطئة، وكمثال على ذلك:
دير جمال الدين شيخ دير شجعان ازعام ……حيث كتب اسم جمال الدين شيحا محرفا، والأمور سارت في
هذه الدواوين على هذا النحو.
12/ قصائد «الحجام» هي قصائد يتحدث فيها الشاعر عن حفل وشـم ذات محبوبته، ويكــثر هـــذا الغـــرض في
في ديـــوان الشعــر الملحون، لدرجة أنه يعتقد أن لكل شيخ من شيوخ الملحون حجامه مع بعض الاستثناءات
طبعا لكن لابد من الإشارة إلى الفرق بين القصائد التي تسمـــــى ب»الفصادة» والأخــــرى التي يطلق عليها
«الحجام»، فقصائد «الحجام» هي قصائد وشم ذات الحبيبة وتزيينها من أجـــل إبــــراز مفاتنها، في حيـــن أن
قصائد «الفصادة» توثق لحفل إخراج الدم الفاسد من الجسد، فهي شبيهة بالحِجَامة.
13/ طرفة بن العبد شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات.
14/ المعلقات قصائد جاهلية طويلة سميت بالمطولات والمذهبات والأسماط، وهناك اختلاف بين الباحثين حول
عددها، فهناك من يقول بأن عددها سبعة وهناك من يقول عشر وآخرون رفعوها إلى إحدى عشر قصيدة.
15/ يقول القاضي أبو عبد الله الحسين الزوزني في الصفحة 61 من كتابه شـرح المعلقات السبــع شارحا هـــذا
البيت: « خواة اسم تمرأة كلبية (أي من قبيلة بني كليب)، لهذه المــرأة ديار بالموضع الذي يخالـــط أرضـــه
حجارة وحصى من ثهمد (وثهمد اسم مكان) فتلمع تلك الأطلال لمعان بقايا الوشم في ظاهر الكف….
16/ يقول عنه محمد الفاسي في كتابه معلمة الملحون: «الشيخ محمد بن علي الشريف ولد أرزين، شاعــر مـــن
أكابر فحول شعراء الملحون … ولد بفـــاس سنة 1154هـ المـــوافق 1742م وتـــوفي بها سنة 1237هـ
الموافق 1822م عن سن تناهز 83 سنة.
17/ طامو: اسم من أسماء المرأة المغربية منذ القديم، وهو منحوث عن اسم فاطمة، فيما يسميه أهل الملحون ب
التصريف.
18/ نيلو: اللون النيلي هو اللون الأزرق ممزوج بالأخضر ، وهو المفضل لدى النساء حتى بالنسبة للحناء.
19/ الفانطازيا: أو الفانطاسيا: نطلق اليوم هذا اللفظ على كـل تخيل وهمي متحـــرر من قيـــود العقـــل، أو على
كل فاعلية ذهنية خاضعة لتلاعب تداعي الأفكار، أو على كل رغبة طارئة لا تستند إلى سبب معقول،
من كتاب المعجـــم الفلسفي للدكــتور جميل صليبا ـ دار الكتاب اللبناني ـ بيـــروت ـ الطبعة الأولى 1973
الجزء الثاني ـ الصفحة 168.
20/ الظاهر: هو السلطان محمود المكنى بالملك الظاهر بيبرس الذي خاض حروب تحرير مصر من يد التتار.
له سيرة أسطورية هي سيرة الظاهر بيبرس.
21/ ابني عبس: إشارة إلى قبيلة بني عبس الجاهلية والتي اشتهرت بشجاعة فرسانها.
22/ عنترة: وهو عنترة بن شداد العبسي، واحـد من شعراء الجاهلية الشجعان مــن أصحاب المعلقـــات، ومــن
ومن فرسان المرحلة المعدودين، كتبت حوله الأساطير مثل سيرة العنترية.
23/ شيبوب: هو أخو عنترة وعياره في سيرة العنترية، كثير الحيل، وغالبا ما كان ينقذ عنترة من المهالك.
24/ زردو: الزرد هو الحديد.
25/ أولاد اسماعيل: هم مجموعة من العيارين الشجعان يوصفون بالفداويين، من أبطال سيرة الظاهر بيبرس؟
26/ جمال الدين شيحا: وهو أيضا من أبطال سيرة الظاهر بيبرس، يأتي بالخوارق.
27/العلقاوي: علال العلقاوي بطل لا يشق لع غبار من أبطال سيرة الظاهر بيبرس.
28/ إبراهيم معروف: وهو من الفداوية أبطال سيرة الظاهر بيبرس.
29/ الشيخ محمد بن علي الدمناتي المسفيوي، ولد بأسفي وأصله من دمنات، عاش أيام مولاي الحسن الأول…
بعد خروجه من السجن توجه إلى مدينة سلا واستوطنها … وكان يلازم الشيخ إبراهيم الطرابلسي ………
توفي في مستشفى مولاي يوسف بالرباط، ودفـــن بشالة رحمـــه الله، عن معلمة الملحـــون لمحمد الفاسي
الصفحة 267.
30/ الطام: اسم للمرأة المغربية منحوث أيضا من فاطمة.
31/ خال وشامة: الخال نقطة سوداء كالعنبر تكون في الخد أو في أي جزء من أجزاء الجسد، أما الشامة،
فهي نقطة أقل سوادا من الخال، وما يميزها عنه هو أنها تحمل شعيرات دقيقة.
32/ تنبا: بمعنى تظهر.
33/ الشرارف: أي النوافذ.
34/ افداوي: هو الحكواتي البارع في الحكي والبارع في الحيل.
35/ بيبرس: هو السلطان محمود الذي كان مملوكا، واستطاع بشجاعتــه ودهائه أن يسود مصر ويحررها مـــن
هيمنة التتار، أطق عليه اسم الملك الظاهر بيبرس، وله سيرة من الخوارق باسمه.
36/ علال العلقاوي: وقد سبق أن أشرنا إلى أنه شخصية من شخصيات سيرة الظاهر بيبرس.
37/ ابن ادبل وإبراهيم: وهما من شخصيات سيرة الملك الظاهر.
38/ شيحا جمال الدين: واحد من شخصيات سيرة الملك الظاهر.
39/ بن ذي يزن: هو الملك سيف بن ذي يزن التبعي اليمني الذي له سيرة من أشهر سير الخوارق وهي الأزلية
40/ دمر: ابن الملك سيف الأكبر من زوجته شامة بنت الملك أفراح حسب ما ورد في السيرة.
42/ سعدون: هو من أبطال سيرة الأزلية، وأول أصدقاء الملك سيف، وكان يلقب بسعدون الزنجي.
43/ ميمون: هو ثاني أصدقاء الملك سيف والمحارب إلى جانبه في كل معاركه، لقبه هو ميمون الهجام.
44/ دمنهور: واحد من فرسان الأزلية، فارس من الشجعان، كان يسمى دمنهور الوحش.
45/ مَصْر: وهو اسم ابن الملك سيف من الملكة منية النفوس بنت الملك العبوس، والتي خـاض لأجلهـــا حـربا
ضروسا في مدينة البنات بجبال الواقواق.
46/ حُكمَا: أي سحرة، وكان الملك سيف حسب ما جاء في سيرته يتبعه المثير منهم.
47/ برنوخ: ساحر خطير من منطقة تسمى (فج النار)، وكان يحكم على أربعين ساحرا بخدامهم من الجن.
48/ عقلة: واسمها الحكيمة عاقلة حكيمة مصر وأم طامة إحدى زوجات الملك سيف، يسمونها أم الحكماء.
49/ بانياس: واحد من حكماء سيرة الملك سيف وخادمه.
50/ رعد: ملك من ملوك الجن العتاة الوارد اسمه في الأزلية.
51/ أويس القافي: ملك من ملوك الجن بجبال قاف، وخادم الملك سيف في الأزلية.
52/ عفاشة بوياد: هو عفاشة أبو يد، جني من ملك الجن عيروض خادم الملك سيف وعاقصة أخته، سمي أبو
يد نظرا لأنه ولد بيد زائدة في صدره، وكان يحقق بها ما يريد، ويسيطر بها على الحكماء والجن.
53/ صاحب الغمام: ملك من ملوك الجان، بنى قصرا سماه الغمام لأنه كان شاهقا في الجو، وكان يسرق بنات
الإنس ويضعهن في هذا القصر إلى أن قتله الملك سيف.
54/ أسود الدمدام: ملك من ملوك الجان في جبال الواقواق حسب ما ترويه السيرة.
55/ عاقصة: جنية بنت الملك الأبيض، وأخت الملك سيف من الرضاع.
56/ ساحب: من ملوك الجان في الأزلية.
57/ العطيب: جني جبار من الجن المذكورين في السيرة.
58/ بردرزطام: من الجن الجبابرة، الأزلية
59/ الصميدع: أيضا من ملوك الجن المذكورين بسيرة الملك سيف.
60/ شيهوب: جني من كنوز نبي الله سليمان مذكور في الأزلية.
61/ عرفشة: هو أيضا جني من حراس كنوز نبي الله سليمان.
62/ يقول عنه الأستاذ محمد الفاسي في كتابه معلمة الملحون: «من شعراء مكناس، وكان يسكن القصبة،
وحرفته بناء، … كان يشتغل بفرنسا حيث غاب في الخمسينيات وسنه آنذاك حوالي 26 سنة………
معلمة الملحون الصفحة 172.
63/ ومعناها في الملحون المرأة الفاتنة الجمال، عكس ما تدل عليه في اللغة العربية المدرسية.
64/ ركمو: انقشه وزينه
65/ سرديت لنيام: سوداء العيون.
66/ يقول الأستاذ المصطفى برادي في كتابه شعراء الملحون بمراكش بهجت لمتون: «الشيخ أحمد بن الواعر،
المعروف ب بابا أحمد بن الواعر بن الفاطمي، توفي أواخر خلافة مولاي الحسن الأول.
67/ أم ادلال: ذات الحسن والجمال التي تتيه بجمالها.
68/ آش رامك: ما الذي رماك وأغراك بهذا الفعل.
69/ تنضال: تتعب من كثرة العمل.
70/ أصله من مدينة أسفي، تنقل بين مراكش والصويرة وعاش أيام السلطان محمد بن عبد الرحمن، وتوفي أيام
وتوفي أيام السلطان مولاي الحسن الأول.
71/ الترجمة أو التراجم في الملحون، هي قصائد تروى من خلالها حكايات، أو تجسد صراعات بين نقيضين،
وفي كل الحالات، فهي سميت ترجمات لأنها تترجم ما يجيش في دواخل الشيخ من قيم معنوية.
72/ بحر السوسي: أحد البحور الأربعة التي نظم فيها شيخ الملحون، ويتميز بكون قصائده نثرية شبيهة بالشعر
الحر، أو الشعر المنثور.
73/ ادراوه: عرفوه وعلموا بما هو مقدم عليه.
74/ كيطون: خيمة.
75/ اترايو: ناقشوا بعضهم وأدلى كل واحد برأيه.
76/ المشخرة: الهزل والمزاح.
77/ افها: اندهش من هول الصدمة. وفغر فاه.
78/ يتمكن: يفكر بعمق
79/ هناك فرق بين (الحجاية) و(الحكاية)، فالحجاية تختـــم بســـؤال يطلـب مــن المتلقي الإجابة عليه، عكـــس
الحكاية التي تنتهي بنهاية سرد الأحداث، فتؤخذ منها عبرة.
80/ أحمد سهوم: من شعراء الملحون المعاصرين، هو من أهــل فاس وأصله من تافيلالت وسكن بسلا قبــل أن
ينتقل إلى مدينة الصويرة ومنها عاد مرة أخرى إلى سلا حيث توفي رحمه الله تعالى، له اطلاع واسع على
الملحون» ينظمه ويتذوقه ويتكلم عنه، أصدرت له أكاديمية المملكة ديوانا هو الأضخم على الإطلاق…….
من كتاب معلمة الملحون الصفحة 351 بتصرف.
81/ كتاب الملحون المغربـي من منشــورات «شؤون جماعية» صحيفة الجماعات المحلية بالمغــرب، والبلديات
العربية والدولية ـ الطبعة الثانية مطبعة النجاح ـ الدار البيضاء: دجنبر 1993 الصفحة 205.
82/ لابد من الإشارة إلى أن (حجاية بنت الحطاب) تتنوع وتختلــف في روايتها وأحـــداثها نظـــرا لأنها انتقلت
إلينا عن طريق المشافهة، لذلك ستجــد اختلافا في معناها بين قصائد الملحـــون والكيفية التي استخدمها بها
الأشياخ.
83/ من كتاب «أروع الحكايات من أفواه الجــدات» ل(عبـــد الحــي بنيس) ـ موسوعة الثقافة الشعبية (2) ـ دار
الأمان ـ الرباط ـ الطبعة الأولى 2011 الصفحة 169.
ناقد من المغرب