الرئيسية / على سبيل البدء / العمل الجمعوي الثقافي بين التفكير والممارسة

العمل الجمعوي الثقافي بين التفكير والممارسة

تعتبر المسألة الثقافية جزءا من التفكير الجمعوي ولا يمكن فصلها عنه بأي حال من الأحوال ، فالفاعل الجمعوي مهما كانت طبيعة ممارسته الجمعوية لابد له من خلفية ثقافية تكون له سندا في فعله الجمعوي ، ومعول يشق به تربة ممارسته ، ومن هنا يأتي شعارنا الذي يعتبر أن أي سمو تنموي لا يقام إلا من خلال التثقيف والمثاقفة ، والتفكير الجدي في المسألة الثقافية في سلوكيات وآليات الاشتغال داخل الجمعية واعتبار المسألة الثقافية جزء لا يتجزأ من التفكير الجمعوي خلال ممارستنا الجمعوية من هنا نطرح السؤال حول العمل الجمعوي الثقافي ، هل هو مفكرا فيه ، وإن كان كذلك فكيف تبدو لنا ممارسة الفعل الثقافي الجمعوي ، وهل هناك جمعيات ثقافية بالمعنى الدقيق للكلمة « ثقافية « أم أنها مجرد عنوان تضعه الجمعية إما كتسمية لها أو كبند عريض يكون بنود الأهداف العامة المبنية عليها تلك الجمعية ؟
ومساهمة منا تقاسم بعض الإجابات حول ما سبق من تساؤلات والتي نعتبرها إشكالا يحتاج منا الإبحار في تفكيكه بشكل جماعي ، من خلال طرح سؤال جوهري : ما المقصود بالثقافي داخل الجمعيات ، وهل من الضرورة حضوره في ممارستنا الجمعوية ؟ .
الثقافة تفكيرا
نرى ان حضور الثقافي في الحقل الجمعوي يبدأ من أولى الخطوات التي يفكر فيها الراغب في تأسيس أي اطار جمعوي ، لأن أي تأسيس لابد أن يكون منطلقه طرح أسئلة التأسيس والتي يعتمد على إجاباتها في صياغة أرضية التأسيس للجمعية المولود ، وهي أسئلة ضرورية علينا طرحها كمقبلين على التأسيس .
-من نحن ؟
-ماذا نريد؟
-كيف سنكون؟
من هنا ينطلق التفكير بالثقافي في أولى منطلقات فعلنا الجمعوي ، لاعتباره تفكير يقوي ممارستنا ويمنح رؤية واضحة لسلوكنا الفعلي داخل الجمعية ، فأي جمعية لا تملك أرضية قوية لعملها محكوم عليها بالبقاء في مكانها وجعل من تأسيسها نسخة مكررة لجمعيات مثلها .
غالبا ما يسقط الجميع في ضبابية الأهداف المتوخاة من تأسيس جمعية ما، أول هذه الضبابية هو غياب إجابة قوية وسليمة عن سؤال : ما الهدف من خلق جمعية ؟
كلنا نتفق على أن الجمعية هو فعل من خلاله نساهم على تنظيم النفس المجتمعي ، وتقديم خدمات اجتماعية ، ثقافية ، رياضية، تعليمية ، فنية ، فكرية عبر ممارسة تطوعية خالية من السعي النفعي المادي .
كلما – نقول – أننا نتقاسمه لكن يبقى التفكير فيه وكيفية تصريفه مختلفا من جمعية إلى أخرى عبر أهداف ووسائل مفكر فيها بشكل لا يسقط في عملية نسخ لصق لأهداف جمعيات أخرى وتبنيها بدون وعي.
فنجاح أي جمعية مقرون بقوة أرضيتها الثقافية، فلا سبيل للاستمرار السليم بدونها ولا فعل متماسك إلا من خلالها وهي التي تحدد التصورات الثلاث الضرورية لحياة أي جمعية
* المبادئ
*الأهداف
*الوسائل
فالتفكير في حضور الثقافي هو أساس -في نظرنا – البناء وقوة لبنات الجمعية، ونبض التصور العملي المتوخى من تواجد الجمعية في الحياة الجمعوية ، لذا نطرح السؤال التالي: هل لنا داخل جمعياتنا تفكير فعلي بالمسألة الثقافية وهل بناء إطاراتنا الجمعوية ارتكز في أولى خطواته على الثقافي في صياغة أرضية التأسيس وهل لنا فعلا أرضيات توجه فعلنا الجمعوي ؟.
الثقافة ممارسة
ندرك ـ ومما لا شك فيه ـ أن ثمة غياب معطيات حول المجتمع المدني ونقصد هنا، عدم توفرنا على ببيوغرافيا حقيقية للجمعيات وكذا انعدام قراءات نقدية ومتابعة حقة للحقل الجمعوي ، كل هذا يجعل من تقديمنا للحال الثقافي جمعويا مجرد انطباع عابر ورؤية لا ترقى الى الشمولية وهذا ما يدعونا إلا التساؤل الكبير عن طبيعة عمل الفضاءات والاتحادات والتكتلات الجمعوية وما مدى مساهمتها في التعريف بالعمل الجمعوي وهل تملك تصورا ورؤية شاملة لتطور الجمعيات.
لذا نرى أن أي تفكيك للفعل الثقافي كممارسة بالحقل الجمعوي يتطلب منا العمل على استقراء شامل للحركية الجمعوية والمساهمة أولا في جمع شتات هاته الحركية وتصنيفها وتبويبها عبر الاشتغال الجماعي على إخراج ببيوغرافيا للمجتمع المدني وهذا لن يتحقق إلا من خلال ثلاث نقط أساسية وهي:
أولا: نكران الذات الفردية والانخراط الفعلي في الذات الجماعية
ثانيا: التخلص من الرؤية الدونية للآخر والإيمان أن الكل أقوى من الجزء
ثالثا: الاستيعاب السليم للعلاقة الجدلية التي تربط السياسي بالجمعوي
كل هذا لا يتحقق إلا بالإيمان بضرورة توفر جمعياتنا على أرضية قوية ثقافيا، تجعل من وعينا الجمعوي وعيا منفتحا على تقبل الآخر والانخراط معه في الصيرورة الجمعوية رغم الاختلاف.
فالتشبيك والتكتل السليم للجمعيات، أصبح ثقافة ضرورية وفعل لابد على الجميع الانخراط فيه والاشتغال على وضع أرضيته ثقافية من أجل استمراره، وكذا العمل على وضع نقد بناء لتجربة الفضاءات من أجل ملامسة مكامن الضعف التي جعلت من فضاءاتنا وتكتلاتنا وتجمعاتنا جامدة هنا ومتحركة بشكل بطيء هناك وكذا التفكير الجدي في واقع الفضاءات الجمعوية وكيفية إعادة الروح فيها من جديد.
فرؤيتنا للحقل الجمعوي الثقافي تنطلق أساسا من رؤية شمولية للسلوك الجمعوي انطلاقا من الأرضيات المشكلة للبناء العام للجمعيات مرورا بطبيعة الأنشطة المقدمة ثقافيا – ندوات، لقاءات أدبية، مهرجانات، فنون موسيقية وتشكيلية .. الخ – من طرف الجمعيات.
على سبيل الختم
إن مساهمتنا المتواضعة في التساؤل الجماعي معكم من خلال أسئلة نطمح أن نتشارك جميعا في الإجابة عنها والعمل على الاستمرار في طرحها بشكل يجعل من عملنا الجمعوي فعلا جماعيا قويا خاليا من أي نظرة تلغي الآخر أو تجعله منشغلا بانفراد ..

 

الرئيس المؤسس لمدارات

 

عن madarate

شاهد أيضاً

على أبواب الثلاثين محمد منير 

مدارات الثقافية لم تكن حلما فقط، بل إصرار من أجل المضي به بعيدا، والعمل على إخراجه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *