الرئيسية / أمازيغيات / عظمة عيون الأمهات – عمر ايت سعيد

عظمة عيون الأمهات – عمر ايت سعيد

عظمة عيون الأمهات

عمر ايت سعيد*

 

“يمكن أن تلخص الحياة كلها، في قصة أو لقاء أو لوحة أو لحن أو أغنية . الحياة كفاح متواصل وإيمان بالذات المبدعة” هكذا عبر صديقي الفنان الحسين الوردي الذي أبهرنا بلوحاته التشكيلية التي تتخذ من العيون والوجوه عالما للتعبير والإبداع.

قابلنا الفنان في عدة محطات وكانت لنا معه عدة حوارات ونقاشات فنية. استفدنا منه الكثير. كيف لا وهو الإنسان المبتسم، والفنان الصبور،الذي نشأ في بيئة ” دادس”، تلك الواحة العظيمة بألوانها وورودها وقصباتها وتفاصيل حقولها المعطاءة. تنشئة زودته بالكثير من مستلزمات الجمال والإبداع.

الفنان ”الحسين الوردي” يحمل لقب ”LHOUART لحوأرت “و كلمة “لحو LHOU” تعني الحسين نسبة للفنان نفسه أما  ARTفتعني الفن، ولد بقرية (الكومت) سنة 1968،تلك القرية أو القبيلة المعروفة بجمالها وبقصباتها الشماء وسكانها الكرماء.  قرية تتسم بالهدوء والسكينة.

تدرج الفنان الحسين في أسلاك التعليم إلى حدود المستوى أولى بكالوريا سنة 1986 ليتوقف عن الدراسة لظروف حالت دون تمكنه من متابعة دراسته. لكن عزيمته وإرادته القويتين جعلتاه يتابع في مدرسة الحياة. تلك المدرسة التي تعلمك بقسوة وبدون رحمة.

يقول الفنان LHOU ART’’: ” عرفت الفن وخبرته منذ نعومة أظافري؛ لكن موهبتي لم تجد لها عاشقا ولا مشجعا، لأن الفن لم يكن في يوم من الأيام من أولويات البسطاء الفلاحين المزارعين في الواحات. تلك الموهبة المضيئة بقيت كطفلة يتيمة في صدري وعقلي مدة طويلة لم تجد آذانا صاغية ولا عيونا عاشقة، فظلت كنجمة تعيش بين السطوع والأفول إلى حدود سنة201 ،حيث شاءت الأقدار والأرزاق أن تجمع بين روحي وروح الفنانة العظيمة ”فاطمة ملال” زوجتي و إشراقة شمس إبداعي. حيث أحيت بذور الفن في حياتي من جديد.

وأمام الوضع الجديد احتضنتني أسرتي وإخواني وأصدقائي الفنانون، وكان فضل الصديق الفنان ”موحا ملال” كبيرا جدا على مساري الجديد ، حيث واصلت الإبداع والرسم بشكل مستمر بفضل توجيهاته ودروسه القيمة التي رفعت من إدراكي لعدة تقنيات في التشكيل والإبداع. تعرفي على أسرة ”أيت ملال” الغيورة على ”دادس”والتي قدمت الشيء الكثير للفن في الواحة ، فتح أمامي عالما من الجمال، وحفزني لولوج عالم التشكيل من بابه الواسع” انتهى كلام الفنان الحسين.

وفي محاولة عاشقة لقراءة بعض لوحاته ونحن نتأملها بعين فنية لا تدعي الأكاديمية ولا العلمية في التناول والنقد، نلاحظ أن لوحات الفنان LHOUART   ترتكز كثيرا على رسم الوجوه، وفي كل وجه نكتشف أنه يمرر إحساسا وتعبيرا يدل على شعور وعاطفة معينة.  ونحن نزعم أن الفنان ركز على الوجوه والعيون، وفي جل اللوحات عبر على عالم من الأسرار، يستطيع المرء أن يكتب قصائد وروايات من خلال فهمها وتحليلها انطلاقا مما تفضي اليه إيحاءاتها. العيون لوحات تشكيلية بحد ذاتها، تلك العيون التي تسافر بك عبر مساحات من الخيال والحلم.الفنان  LHOUARTيرسم عيونا في مجملها تظهر حزينة، ربما تعكس معاناة النساء والأمهات في هذه البقاع.  ومن منا لا يدرك كم تعاني الأمهات؟ كم تصبر الأمهات لنحيى حياة رغيدة؟ كم هي عظيمة عيون الأمهات؟

الفنان الحسين يستعمل عدة تقنيات في منجزه الفني. منها الترميد واحترام نقط التلاشي والأبعاد… ويرسمها وفق وضعيات مختلفة ومتنوعة. تطغى الألوان الرمادية والصفراء والحمراء على بعض أعماله. أما الوجوه الدالة على الشيوخ فربما تعكس الذاكرة والتاريخ المثقل بأحداثه كالمقاومة والكفاح من أجل الوجود والبقاء. أما الدالة على الأمهات والنساء فلا غرو ولا عجب أنها ترمز إلى الصمود والتربية والحب والحنان والعطاء اللامشروط.

قام الفنان بعرض لوحاته بشكل رسمي في معرض وطني بالرباط بمعية جمعية “بيتي” التي اشتغل معها لمدة أربعة أشهر ليتوج التعاون معها بتقديم المساعدة والمساهمة في انجاح معرضه الوطني الأول.

تعد تجربة ”الحسين الوردي” من التجارب الراقية التي تعطي قيمة للإنسان في التناول التشكيلي من خلال الاشتغال على تيمة العيون وإعطائها مساحات واسعة في عالم التشكيل. فإذا كان الجسد لوحده مدرسة وتوجه في عالم الإبداع والتشكيل، فإن العيون تظل جوهره وكنهه الذي يعطيه معنى ودلالة أكثر عمقا وتعبيرا.

واصل صديقي الحسين فالأجيال تمر والمواسم تمر، وتبقى الصور والرسومات وحدها شاهدة على التاريخ. فعيونك على اللوحات تحمل بين طياتها صرخات الأمهات الأمازيغيات والمغربيات والشيوخ عموما في الجبال والسهول. فتلك العيون توثق لذاكرة الحاضر والماضي، وتمرر رسائل للقارئ القادر على الغوص في معاني العيون وجمالها.

باحث في الأمازيغية من المغرب

عن madarate

شاهد أيضاً

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة – حسناء آيت المودن

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة حسناء آيت المودن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *