الرئيسية / الأعداد / البعد التقريري في لوحة اعتمدت مجموعة من الألوان المتقاربة – سعيد فرحاوي

البعد التقريري في لوحة اعتمدت مجموعة من الألوان المتقاربة – سعيد فرحاوي

البعد التقريري في لوحة اعتمدت مجموعة من الألوان المتقاربة.

سعيد فرحاوي*

 

اعتمدت الأصفر الخفيف؛ لون الصفاء و الاثارة؛ والأبيض لون البهاء والصفاء؛ والبني الخفيف؛ لون الطمأنينة؛ و بعض الشذرات السوداء في الأسفل؛ لون يتناسب وطبيعة الألوان السابقة على كافة المستويات؛ ألوان تتلاقى في الرؤيا؛  النظرة؛ في الدلالة وفي الجمال؛ هذه الأخيرة تشكل أساس اللوحة.. ألوان قربتنا من جسد امراة ممتد بانحناءة ذات دلالة واضحة؛ ؛ تعانق جسدا آخر منحيا؛ بصيغة انحنى فيها الرأس وهي تعانق الجسد السفلي؛ بطريقة جميلة. في البداية يشكل ثديها لغة. ذات بعدين؛ من جهة هو ثدي وفي نفس الوقت يشكل اليد اليسرى؛ والثدي الثاني إلى جانب هذه الوظيفة أصبح يشكل رأس الجسد المنحني؛ فنصبح أمام جسد امرأة مفكك؛ يؤدي عدة دلالات. في عمق الصورة جسد قط بعينين زرقاوين؛ هو التحام شكل الجسد البديل ؛ او التعويض المفترض لمصاحبة مغايرة؛ أو الاختيار الأنسب بمرافقة أكثر من رائعة لصديق بديل؛ هذا التصوير قد سبق وأن عبر عنه المبدع في علاقته بهذا الحيوان في إحدى الصور المنشورة في صفحته الفايسبوكية.. زاد من تأكيد هذه الصحبة بالإكثار في الأسفل من عدد القطط؛ هو توكيد وتأكيد قوي أنه الحيوان الممكن؛ في حياة يعمها الشك في كل شيء؛ مما جعله يغير الوجهة لمرافقة سليمة في واقع مزعج. أما في أسفل اللوحة استحضر رأس إنسان بقرن مثير وعين واحدة؛ فيكون بذلك قد جعل منه شبحا مخيفا اختار له المكان الأسفل؛ دلالة على التحقير والتصغير؛ وهي إشارة بعدم الاعتراف بهذا الكائن المخيف؛ فجعل محله قطا صغيرا بعينين بريئتين ؛ في صورة احتلت المركز ؛ وهي رسالة قوية تفيد انه المرافق الأنسب في زمن ضاعت فيه كل القيم.

الانساق التضمينية في لوحة احمد  الهواري.

تلاحم جسدين مفككين ؛ كل واحد منهما ينظر نحو الأسفل؛، في صورة تحتوي المفكك والمشتت؛ منه يتم التلاحم؛ وفيه يتجلى ويبزغ التلاحم في صورة انحناء الرأس نحو الأسفل؛ كلها إشارات دالة تبين العمق الإنساني أساس الولادة؛ وموضوع النشأة و التطور؛ والضرورة الحقيقة لإنتاج كل الصيرورات التي بها يتم الاستمرار وتتحقق الحياة. في عناق غير عادي؛ برؤية غامضة؛ وبجسدين يتمظهران بترابط خارج المألوف؛ يكون احمد الهواري قد وضعنا أمام صورة أساسها أشكال هندسية منسجمة ومتنافرة في نفس الوقت لكائنين بشريين يستحيل التفريق بينهما؛ بذلك يكون الفنان قد أدخلنا في نظرته التكعيبية؛ في رسم معالمه الحياة المنهارة؛ أخرجها في لوحة سوريالية بكل المواصفات؛ فجعل من الحياة في صباغته حلما معطلا؛ بمواصفات خارج العادي؛ يلبس عمق المستحيل بتجليات أساسها نظرة فنان للطبيعة البشرية في بعدها الطبيعي العادي؛ و السوريالي المتعالي التمثلي الذي يخرج غير المتلاحم في هندسات غريبة؛ بصور هندسية معمارية جميلة؛ اختار فيها ألوانا متقاربة تحترم شرط الجمال كضرورة لازمة في عمله. وما استحضار قطا في عمق الصورة والانسان في أسفلها برموز دالة على الرعب والتخويف؛ كما أن دلالة الموقع في الأسفل؛ تشكل إشارات بنيوية تفيد إخراجه من الحساب وإعطائه دلالة وقحة ومرعبة.

المستويات البلاغية في لوحة تلاشي الأجساد وتلاحمها السوريالي.

خرج الفنان احمد الهواري من الواقع المادي؛ بعدما اختاره كبداية في رؤيته الواقعية؛ التي شكلت أساس الانطلاقة؛ ليرتدي أثرا بمعان مختلفة؛ اعتمدت أسلوب اللون الجمالي الذي صنع أجسادا بخاصيتين متقاربتين:

في البداية ؛ اعتمد التلاقي والتلاصق و التلاحم بين جسدين بشرين ليتكلم عن الضرورة اللازمة في حياة يستحيل الاستمرار بدونهما؛ وهي إشارة سيميائية ذات بعد محورى عميق؛ وبعد جمالي إشاري.؛ اعتمد فيه عدة رموز مشفرة؛ جعلته ينقل الفكرة الوجودية؛ من زاوية نظر فنان؛ له مواقف مختلفة؛ وفكر فلسفي أهله ان يخرج من الواقع ليراه بعين متعالية ترونزيدونطالية؛ برأي غير راض؛ طبعا؛ عن كل ما يحيط به؛ إما رافضا أو نافيا أو منسحبا من الواقع ليختار عالما مثاليا؛ أسعفه فيه منظور الصباغة؛ كاختيار وكعالم؛ فيه يتصالح مع ذاته؛ التي لم تعد قابلة أن تستمر في مادية التعفنات؛ وهي كلها مؤهلات فنية جعلته يختار أشكالا هندسية جد مرتبة؛ بألوان متناسقة؛ وأبعاد معمارية متماسكة؛ ورح فنية حاضرة بقوة؛ تعجز العادي أن يركب الرياح التي تناولها المبدع أسلوبا في مساره المختلف عن كل ما هو عادي ومألوف. هذه الأساليب شكلت وعيا ونضجا يربك النظر البسيط الذي لم يكن متسلحا بمعرفة كبيرة؛ ذات مشارب مختلفة؛ هي معالم لن يفهم الدوامات التي وضعنا فيها هذا النوع من الفن؛ الذي يجعل من العادي البسيط موضوع كل ما يراه مسعفا للنقد والمراجعة. أول هذه المعارف يشكل فيها العمق التشكيلي أساس الانطلاقة؛ بعدها القدرة على مرافقة الفنان في اتجاهه التخييلي؛ ثم التعدد الفلسفي والفكري؛ الذي يشكل أساس الرؤيا؛ وعمق المنطلقات التي تميزت بها لوحات احمد الهواري؛ الذي أراه الفنان المتعدد؛ والمبدع الخارق في كل لوحاته عامة ؛ واللوحة موضوع المرافقة والمتبعة خاصة.

خلاصة عامة:

يمكننا؛ على ضوء ما سبق؛ ان نخلص الى أن عالم احمد الهواري تتحكم فيه عدة معطيات مشفرة كرسائل عميقة بخباياها وألغازها الجمالية؛ التي تجعل المعاني والمضامين حاضرة بمستويات مركبة بأبعاد خفية؛ كلها مؤهلات جعلت الفنان يختار الأسلوب التكعيبي؛ شكلا هندسيا؛ والتصور السوريالي منطلقا فلسفيا؛ ليجعل من لوحته مركبة تركيبا متناسقا؛ متشكلا من عدة أساليب؛ كل واحد فيها يلعب الدور الجمالي؛ بصفته أساس هذه المنطلقات ؛ ثم الرؤية الفلسفية الوجودية ؛ كنسق متكامل الرؤية والنظر ؛ من خلالها ينقل الواقع بشكل متعالي؛ لنصبح أمام أسس رافضة لكل ما هو مادي؛ مما يجعل الصورة التشكيلية الحديثة عند فنانين كبار؛ واحمد الهواري احدهم؛ مجالات فنية فيها الكثير ما يقال؛ ومنها يرانا الفنان بعين تلتقط كل شيء لتحوله الى ايقونات جد مشفرة برموز عميقة المعاني والدلالات..

 

ناقد في الجماليات من المغرب

 

عن madarate

شاهد أيضاً

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة – حسناء آيت المودن

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة حسناء آيت المودن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *