سلسلة أنا أقرأ / أنا موجود الحلقة الأولى – الحياة مع الصفر و قبل الصفر – فتحية الهاشمي
لعلّ العنوان غريب أو غير متداول أو مضحك بعض الشّيء ولكنّني فعلا تساءلت كثيرا وأنا أبحث عن معجزة الصفر ، نعم معجزتها وأنا أقنع ابني أنّ العرب اخترعوا أصول الأشياء بدءا بالجبر وبدءا بالطّبّ أيضا و لكنّه أجابني بسخرية أبكتني و أصابتني في مقتل أن الاختراع الوحيد الذي ظل ملتصقا بالعرب هو ” الصّفر” وظلّوا رؤوسا تحمل أصفارا وأسفارا مثل الحمير تماما ، أغاظني جدا بسخريته فقلت أبحث عن جذور الأشياء و أنشر ما أعرفه وما أحاول معرفته للقراء ، فنحن علينا أن نطلب العلم من المهد إلى اللّحد هذا هو الأساس ، وهذا ما قمت به وأنا ألج عتبة الصّفر على الشّيخ ” قوقل” ووجدت ما وجدت وتعرّفت أنا كذلك للحياة ما قبل و بعد الصّفر من البابليين إلى الهنود إلى العرب و”الخوارزميات” وإلى حقبة الظّلمة الأوروبية الذين يعتبرونهم أرباب المعرفة و أقصد بذلك عشّاقهم من العرب المتعاربين والمتكالبين على حظارة كانت تعتقد أن الصفر دائرة الشّيطان وسأنقل لكم بأمانة ما قرأته على أحد المواقع : Twinkl/com.
الصفر المعروف بالإنجليزية : Zero، يُكتب بالأرقام العربية (0)، وبالأرقام الهندية (٠)
يأتي الصفر في قائمة الأعداد في مقدمتها، ويعد أهم الأعداد؛ فبالرغم من أنّ الصفر لا يُشكل أي قيمة عددية إلا أنه لا يمكن للنظام الحسابي التخلي عنه، فالصفر برغم عدم امتلاكه لقيمة إذا كان بمفرده فإنه يضيف قيمة كبيرة للرقم الذي يوضع أمامه الصفر.
وقد توسعت استخدامات الصفر لتتخطى حدود علم الرياضيات وأصبح يُستخدم للدلالة على عدم وجود قيمة أو ليدل على غياب الشيء في كل اللغات وكل العلوم والمجالات، فعندما يكون لديك قلمان وتتخلص منهما فإنك بعد أن تخلصت من القلمين أصبح لديك (صفر) أي لا شيء، ويكفي أن تعرف أن الصفر ذلك الرقم الذي ليس لديه قيمة قد سمح لنا باكتشاف جهاز الحاسوب، الذي فتح لنا بابًا للتطورات التي نشهدها الآن في عالمنا.
الحياة ما قبل الصفر
على الرغم من قدم اكتشاف واستخدام الأرقام في الحضارات الإنسانية إلا أنّ استخدام الرقم صفر جاء بعد ذلك بكثير، في الماضي لم يكن الصفر يُستخدم لملء الفراغات بين الأرقام، فمثلا عند كتابة العدد سبعمائة وثلاثة كان يترك فراغ بين الرقم سبعة في المئات والرقم ثلاثة في الآحاد، هكذا (3 7) إلا أن الناس كانوا ينسون قيمة هذا الفراغ، وقد أدى ذلك إلى استخدام بعض الفواصل أو الرموز كالصفر لملء هذا الفراغ.
وحلًا لهذه المشكلة توصل البابليون إلى استخدام رمز الصفر في عام 1000 قبل الميلاد كرمز لسد هذا الفراغ، وكان ذلك في الفترة المتوسطة بين ظهور وانتشار العد الموضعي البابلي، وقد ذهب البعض إلى أن البابليين قد استخدموا الصفر وأعطوه رمزًا في الكتابة في عام 3000 قبل الميلاد، ولكنه لم يكن يمثل قيمة عددية بل يمثل فاصلة أو لاشيء في المضمون.
تاريخ استخدام الصفر
يُعتقد أنّ أول استخدام للصفر يعود إلى عام 5000 قبل الميلاد في وادي الرافدين، وكان يُستخدم كما أشرنا من قبل للدلالة على اللاشيء، وكذلك البابليون.
وبعد 600 عام من تاريخ استخدام البابليين للصفر بدأت حضارة المايا عام 350 قبل الميلاد في نظام تقويمهم فقط، وعلى عكس المعروف عنهم من تفوق علمائهم في الرياضيات إلا أنهم لم يستخدموا الصفر في المعادلات، ويعتبرهم البعض بأنهم مثال لابتكار الصفر من العدم. ولكن ليس كرقم حسابي.
أما النظام الحسابي الروماني وكما نعرف لم يستخدم الصفر، حيث أنه كان يستخدم الحروف اللاتينية للتعبير عن الأرقام.
ظهور الصفر لأول مرة
والمعلومة السائدة بشأن ذلك هي أنّ الهنود هم أول من استخدم الصفر في النظام الحسابي بالشكل الذي يُستخدم به الصفر في النظام الحسابي الحالي وكان يأخذ شكل نقطة أو دائرة، وأنّ ذلك كان في القرن الخامس قبل الميلاد أي قبل البابليين. وقد ساند هذا الاعتقاد
الذي يذهب لبدء نشأة الصفر في الهند أنهم استخدموه تحت اسم “شونيا” التي تعني “خلاء” أو “فارغ” في اللغة السنسكريتية والذي من المتوقع أن يكون قد نشأ عن فلسفة الفراغ المعاصرة أو (شونياتا)، وهذا الرأي قد جعل احتمالية أن أول ظهور الصفر يرجع إلى الهند شيء منطقي، خصوصًا وأن الأعداد قد تطورت استنادًا إلى النظريات الفلسفية.
ووفقٍا لكتاب “قمة الطاووس، جذور غير أوروبية للرياضيات” للدكتور جورج غيفرجيس جوزيف، فإنّ مفهوم الصفر لأول مرة قد ظهر في الهند عام 458.
ويُعتقد أن عالم الرياضيات والفلكي الهندي “براهما غوبتا” هو أول من شرح استخدام الصفر في العالم، وذلك لأنه قد ذكره في كتابه (سندهانتا) في القرن السابع الميلادي – بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية- حيث بيّن غوبتا أنّ الصفر هو حاصل طرح العدد من العدد نفسه، وأنّ الصفر هو حاصل ضرب أي رقم آخر به.
كيف وصل الصفر إلى العرب؟
تحدثنا من قبل عن كتاب الرياضي الهندي “براهما غوبتا” وكتابه (سندهانتا) الذي شرح فيه عن الأرقام لأول مرة، فقد انتقل هذا الكتاب إلى العرب بالتحديد إلي بغداد عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، وأمر الخليفة المأمون بترجمته إلى اللغة العربية.
الخوارزمي والصفر
وقد نشر عالم الرياضيات العربي الشهير في عام 825 رسالة تحمل اسم “الخوارزمي عن الأرقام الهندية” وقد عرّف فيها استخدامات الصفر.
وقد عرف الغرب من مؤلفات الخوارزمي النظام الحسابي العربي (النظام العشري) المعروفة بالخوارزميات أو بالإنجليزية: Algorithm.
ذكر الخوارزمي في رسالته: “في عمليات الطرح، إذا لم يكن هناك باقٍ نضع صفرًا ولا نترك المكان خاليًا، لكي لا يحدث لبس بين خانة الآحاد وخانة العشرات، ثم إنّ الصفر يجب أن يكون من يمين العدد؛ لأن الصفر من يسار الاثنين ـ مثلًا – لا يغير من قيمتها ولا يجعلها عشرين”
وقد رسم الخوارزمي الصفر في شكله المعروف به حاليًا وأطلق عليه اسم “سيفر” وهي الكلمة التي تعني “فراغ”
وقام الخوارزمي أيضًا باختراع مجموعة من الأرقام عُرفت باسم “الأرقام العربية”، لكنها لم تحظ بانتشار واستخدام واسع في دول المشرق العربي، ولكن العرب في المغرب العربي والأندلس استخدموها ومن هنا انتقلت إلى أوروبا، ومنها إلى العالم كله وهي الأرقام بشكلها المستعمل حاليًا.
جهود الخوارزمي في علم الرياضيات
برع علماء العرب في العلوم الرياضية وأجادوا فيها، وأضافوا عليها الكثير، وقد اعترف الغرب بفضلهم في تطوير العلوم الرياضية واعتمدوا عليها كذلك، وكان من أعظم هؤلاء العلماء هو الخوارزمي.
لم يكن الخوارزمي هو من يرجع إليه الفضل في اختراع الصفر فحسب، بل هو من أسس علم الجبر ليصبح من أهم العلوم العربية حتى الآن، وأن ما توصل إليه الخوارزمي في علم الجبر هو أهم ما تم التوصل إليه حتى يومنا هذا.
من مؤلفاته الهامة كتاب “المختصر لحساب الجبر والمقابلة”
طوّر الخوارزمي طريقة الضرب القديمة، فقد كان عالمًا عبقريًا في مجاله.
كما أسهم الخوارزمي بصورة كبيرة في علم الفلك، حيث أسس مجموعة من الجداول الفلكية التي اعتمد عليها الغرب في دراستهم للفلك.
كان له دورًا عظيمًا في علم الجغرافيا وقدم تعديلات على ما توصل إليه بطليموس، وأشرف على رسم أول خريطة للعالم.
ترجم الخوارزمي الكثير من المؤلفات الهندية واليونانية إلى العربية.
مؤلفاته
من مؤلفات الخوارزمي الشهيرة التي اعتمدت عليها العلماء في عصرنا الحديث بالإضافة إلى كتاب المختصر لحساب الجبر المقابلة الذي وضع به أهم أسس الجبر فله أيضًا:
كتاب الزيج في علم المثلثات.
كتاب استخراج العصر اليهودي.
كتاب السند هند في علم الفلك.
كتاب صورة الأرض في الجغرافيا.
توفي الخوارزمي أو “مخترع الصفر” كما يطلق عليه في عام 847 م عن عمر يناهز 66 عامًا بعدما قدم جهودًا سار عليها العلماء إلى يومنا هذا في علوم الرياضيات والفلك والجغرافيا.
استخدام الصفر في أوروبا
وصل الصفر إلى دول أوروبا متأخرًا جدًا فقد كان رمز الدائرة التي رسم بها الصفر عندهم يعد “من عمل الشيطان” وذلك في العصور المظلمة التي قابلت أزهى عصور العرب في العلم والتطور، وكان هذا هو السبب في تأخر استخدامهم للصفر نقلًا عن موقع (ليرن هيلفر) الألماني، وقد بقي الحال هكذا حتى نشر عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي كتابه في عام 1202 الذي كان عنوانه (Liber Abaci) والذي شرح فيه الحساب وأهمية الصفر، ويُذكر أنه قد تلقى تعليمه في مدينة جزائرية كان فيها علماء عظماء، مثل العالم (أبو مدين)
وقد تعلم منهم ونقل الصفر إلى نظام الحساب الأوروبي، وكتب الصفر باللاتينية ( (Cephir ثم تطور اللفظ وتغير إلى (Zephiro) ثم إلى (Zero) في القرن الخامس عشر.
خصائص الصفر في الرياضيات
يُسمى الرقم صفر بالهوية المضافة.
للصفر قيمة إذا وُضِع على يمين أي رقم آخر، وليس له أي قيمة إذا وُضع على يساره.
إذا تم ضرب أي رقم في صفر مهما كانت قيمته فإن النتيجة صفر.
في حالة القسمة على صفر فهي غير معروفة وليس لها إجابة محددة.
الصفر من الأرقام المحايدة في عمليات الجمع والطرح، ويعني هذا أنّه عندما نجمع الرقم (0) فإنّ الرقم المجموع معه لا يتغير (3+0=3)، وكذلك في عملية الطرح إذا طرحت الصفر من أي رقم فإن النتيجة تصبح كما هي دون تغيير (3-0=3)
لماذا يُسمى الصفر بـ “العلامة الماصة”؟
يحدث ذلك في عملية الضرب، فعندما تقوم بضرب أي عدد مع الرقم صفر فإن النتيجة تكون صفرًا مهما كانت قيمة العدد المضروب معه، وهذا سبب تسميته بالعلامة الماصة؛ لأنه في هذه الحالة قد امتص قيمة العدد المضروب 0x4 يساوي 0
كاتبة وروائية من تونس
شكرا مدارات الثقافة والادب مازلنا نؤمن بدورك الفعال في تحفيز العقل الانساني عامة و العربي خاصة وهذه بداية هذه السلسلة التي بداناها و ستكون دورية باذن الله وهو الموفق. انتظرونا في الاعداد القادمة ستكون هذه السلسلة للافادة والاستفادة واتمنى ان تنفع اليافعين و الكبار و الأطفال ايضا و توحد بالثقافة ما فرقه الساسة بقراراتهم.