عبدالاله الشاهيدي في مشهد سوريالي يرسم الحياة على كف يد الحياة ؛
فحولها جغرافية بصناعة اللون.. البعد التقريري في لوحة يد الحياة- سعيد فرحاوي
اليد هي أساس الجاه والوقار، والوسيلة التي بها يمنع الظلم؛ حسب القاموس المحيط. هي القوة والقدرة والسلطان؛ هي الأكل والندم والغياب؛ حسب نفس المصدر دائما. هي :
رمز المحبة والعطاء.
يد الحماية والخصوبة.
الوسيلة العظيمة التي بواسطتها يمكن لكل كائن أن ينتج ما يريد، ويحمي من يشاء.
اليد كما عرفتها كل القواميس أنها الأداة الفاعلة التي تسهم في إنتاج كل ما يرغب الإنسان والحيوان تحقيقه.
في لوحة عبدالاله الشاهيدي جعلها بوابة الرحمة والعطف والإنسانية؛ قربها منا لنراها غطاء وفراشا؛ بها يحمي البراءة ويرسم الرحمة في جغرافية سوريالية؛ أساسها غطاء وفراشها جسد وسرير.
الأبعاد التضمينية في لوحة يد الرحمة.
سميتها يد الرحمة لأنها استطاعت أن تغطي فضاءات بتصوير جميل؛ جعل الكف فراشا لأطفال صغار عراة؛ والأعلى غطاء يخفي عنهم المطر، بذلك نام البعض وانتعش البعض الآخر؛ فكانت كافية أن تجعل الأمان والطمأنينة موقعا لهؤلاء الصغار الذين يحتاجون إلى من يوفر لهم المكان الآمن؛ فعوض القلب جاءت اليد بامتدادها لتخلق الجمال أولا؛ في كل نظرة نتابع هذا الحمق في وجود متوحش غير رحيم؛ مما جعل من المبدع أن يجعل من يده أساس صناعة هذه الرحمة البديل لأشخاص في أشد الحاجة إليها. فتحولت اليد من وظيفتها البيولوجية إلى قيمة إنسانية أقوى مما يتصورها الإنسان البسيط؛ مما يجعلنا نفهم أن كل العوالم ممكنة في رؤية الفنان لخلق التصور البديل الذي يخترق به المجهول فيصبح وسيلة لرؤية إنسانية تتجاوز المستحيل؛ فتجد كل شيء ممكن؛ في وجود مليء بالذئاب والبطش والخيانة
مكونات الصورة السيميائية ودلالتها في لوحة يد الرحمة
المكونات:
يد في الاعلى شكلت الغطاء.
يد في الاسفل/ الفراش.
الوسط؛ مجموعة من الأطفال عراة؛ بعضهم نائما والبعض الآخر مرفوع بصيغة تجعلهم في وضع يرتاح له ويرغبه كل طفل أراد أن يلهو أو ينتشي.
ما بين الغطاء والفراش أمطار تتهاطل؛ لكن وضع الأطفال مطمئنا؛ مما يفسر أن اليد كانت كافية لحمايتهم وتوفير شرط الأمان لهم.
بلاغة الألوان:
الإطار ككل اختار له المبدع اللون الأسود؛ دلالة على أن الفضاء الخارجي مضطرب؛ وغير مجدي لجعل الأطفال في وضع يسمح لهم في وضع مسعف ومقبول طبيعيا ؛ وهم عراة؛ أي أن يستقروا في شروط مسموح بها للعيش في وضع يمكنه أن توفر شرط الحياة؛ مكان مرعب وغير مؤهل أن يجعل الأطفال وضعية مسموح بها للاستمرار في الحياة. في الأعلى اختار بعض الشذرات من الابيض؛ دلالة على السحوب؛ تحيل على أن الوضع صعب ومرعب. ثم إشارات بين الأصبع تحيل على سقوط المطر؛ والأطفال عراة؛ وهي تجسيد لوضع صعب. اليد السفلى و الأخرى العليا اختار لهما لونا شبه احمر؛ لون الدم؛ الذي يسري في الجسد؛ كدلالة على الاستمرار في الحياة ومعنى يدل على البقاء والاطمئنان. جاءت الألوان مناسبة لدلالة الصورة؛ فرغم هيمنة الأسود المرعب يبقى لون اليدين الأقوى في تصوير الدلالة؛ والطاغي في الصورة؛ كإشارة على قوة الوسيلة المسموح بها لمساعدة الأطفال وبقائم على قيد الحياة؛ ما يدل على ذلك هو أن لون الرحمة الذي نقلته صباغة اليد هو نفسه اللون الذي جسد به الأطفال وهم في وضع جيد. مما يقوي الإشارات الايجابية ويجعل منها اللون والدلالة الطاغية والمهيمنة في اللوحة ككل.
ملاحظة مهمة:
اليد العليا المنبسطة هي يد الله القادرة على الحماية والحفاظ على العباد الضعاف. اليد السفلى أرض الله التي جعلها فراشا لعباده الأبرياء ؛بهم تتحقق الحياة؛ ومنهم يرحم الله عباده البسطاء..
باحث في الجماليات