الرئيسية / الأعداد / تمزق الذات وانفتاح الرؤيا :شعرية الكتابة برمزية الصورة تعبيرا عن التعدد الذي يخفيه الفنان بإيحاءات صامتة – سعيد فرحاوي

تمزق الذات وانفتاح الرؤيا :شعرية الكتابة برمزية الصورة تعبيرا عن التعدد الذي يخفيه الفنان بإيحاءات صامتة – سعيد فرحاوي

تمزق الذات وانفتاح الرؤيا :شعرية الكتابة برمزية الصورة تعبيرا عن التعدد الذي يخفيه الفنان بإيحاءات صامتة.

سعيد فرحاوي

 

أول شيء شدني وأنا أفكر في لوحات احمد الهواري هو أن افهم معنى التجلي ؛ لأخرج منه قبل أن يعيدني  إليه بالطريقة التي يريدها حياة في لوحته وكينونة  بالصيغة التي أسعفته أن يصنعني في عالمه. فهمت أكثر أنه فنان يجرك عنده ليعيد تشكيلك بلا روح في روح ألوانه؛ وفي تسكعات خيوطه؛ وفي التشظي الذي يوزعك خياله والهامه. هذه المقدمة أدركتها عن قرب وأنا أتجول في عالم كله تمزقات وتشظيات؛ فوجدت في هذه اللوحة التي عزلتها لتكون موضوعا في خربشات كل التحولات التي شئتها أن تكون في عالم كل تنفساته هيجانا وتصدعات بلغات متعددة؛ منها التمزق الذي وضعنا فيه المبدع؛ ثم الاثارة والدهشة التي بنتها رموز صناعته.  احمد الهواري في هذه اللوحة كتب السراب ؛ ليخرج من زجاج عناق بين ذاتين ينتميان لنفس الشخص؛ فأصبح التمازج ممكنا في لوحة بنت أحلامها بلون سوريالي واضح؛ لأنها تحركت في نسيج الحلم المستحيل؛ كما رتبت الواقع بلون يستحيل أن يكون منطقا في لغة المعقول؛ فأصبحنا في واقع يصنع خياله ممكنات باللاممكن؛ جعل من التلاحم ممزقا بين رأسين يعمهما الغموض والاختفاء؛ الأول بالأبيض دلالة على الصفاء والاخر بالبني الشبه مغلق كإحالة على القبح الذي لا يريده المبدع أن يكون وضوحا بمعنى دنيوي واضح. الوجه الأول ضحية الوجه الثاني ؛ هما معا يسكنان ذاتا واحدة ،  ليعمما الصراع الداخلي ببن حقيقتين لا تربط بينها آية صلة؛ سوى أن الأولى دنيوية والثانية سرابية؛ بينهما  عناق وتمازج خادع؛ لا يبث الى عالم النقاء بآية صلة؛ فيصبح العناق مفروضا اضطراريا ؛ ضارا اكثر منه مفيدا؛ والدليل هو  أن لغة الوجهين جد متباعدة:

الوجه الخارجي/الأمامي ؛ خارج السيطرة.

 الوجه الثاني/المحتضن: متمكن /شرير.

ما يفيد ذلك رمزية اللون و دلالة العين؛ و طريقة الاحتضان؛ هي صيغة جعلت الحقيقي خارج السيطرة والخفي ؛ يتجلى بنوايا غير مسعفة على ترابط سليم وهادف. ما زاد من دلالة الفكرة السوريالية التي عمقت رمز الصورة وأخرجتها من المادي الي العقل الباطني العميق هو اعتماده اشكالا هندسية قطعت الجسد برموز هندسية تزيد من عمق الفوضى وتقوي شكل التنافر الذي يخفيه التلاقي والتلاحم الماكر و المفروض. شكلت كلها هندسة بمعمار دلالي يفيد أن عمق الصورة يرتب لدلالة التصارع الخفي بين حقيقتين غير متماسكتين تفصل بينهما خبايا أفكار متناحرة في جسد واحد أكثر أعطاب وصراع مع أشخاص داخلية غير متواصلة؛ لا ماديا ولا روحيا.

 سيميائية الصورة:

لوحة تجزيء المعنى لتجمع المتلاشيات في تنافر الذوات المتخاصمة. الجميل في قبح لوحة احمد الهواري هو أنها  استطاعت أن  تغلف وجه القبح بروح الجمال في عالم متعالي غير ممكن لكنه حقيقة؛ من زاوية نظر قدرة الفن على تحويل المعقد الى البسيط؛ لكنه بسيط في خلوته وتعاليه؛ كما أنه بسيط لأنه قادر أن يقنعنا بقوة تعفنات الروح المجسدة بألوان متماسكة؛ مما جعلتنا نقبل هذا القبح في التخاصم بتركيبة من الالوان المفتوحة والمقبولة في كلية ذكية قادرة على بناء عالم جمالي متداخل؛ و منسجم. لوحة بتناغم في الألوان؛ تقارب البرتقالي الخفيف مع الأحمر  والبني الخفيف؛ زاد في البهاء. اللون الأبيض؛ لون الحب والوفاء؛ البرتقالي لون الانشراح؛ في علاقته بالأحمر تتغير الدلالة فتصبح للمعنى ايحاءات مقصودة جعلت المبدع يخفي مواقفه وخلفياته باستعمال لغة اللون؛ لسببين:

السبب الأول طبيعي، لأن المبدع يهدف بناء نسق تصويري يهدف الجمال والمتعة؛ كما يهدف استعمال عنصر الخيال ليتعالى نوعا ما عن الواقع وعن الانسان العاقل؛ الذي زادته عقلانيته في تفَكيك هويته وطحن الذات وبناء نسق إيديولوجي هادف.

تسربت في مجموعة من لوحات احمد الهواري؛ دخلت من باب وخرجت من باب آخر؛ فأدركت أن سر الحكاية في كل عوالمه أساسها قصص متنافرة ؛ غابرة؛ وخفية. في كل شذرة أعثر على جواب لعدة أسئلة؛ جل أسسها؛ تأويلات بدرجات متفاوتة. كلها تصب في فكرة واحدة. تتكلم بلغة الرموز؛ لتخرج من صمت الارتباك الذي؛ غالبا؛ ما يتبجح به كل غائب فينا؛ ولا يتركنا نتنفس ما نريد .. بصدق علمني هذا الفن؛ الذي اتفق على تسميته بالفن التشكيلي؛ أن افهم أن ذاتي مشتتة؛ علمني أنني مجرد كتابة مضطربة ومرتبكة؛ يحاول كل واحد فينا أن يبين أنه سوي وعادي؛ كما علمنا أن ندرك أن اللعبة كلها مجرد أحلام غير ممكنة بأساليب تتعثر وحدها وهي تبني دلالة الموت الذي لا نعرف هويته ؛ كما لا يدعنا أن نخرج من أشكالنا مزينين برائحة متعفنة؛ خاصة عندما يكون العبور متسما بالرؤية الفارغة؛ باعتبارها وسيلة مقنعة لمعانقة المجهول؛ الذي نحاول بكل الطرق تغيير وجهاته صوب العدم؛ بلون التيه والسراب المرتديان جنونا .محددات. احمد الهواري رجل صعب جدا في تدقيق التفكك فينا؛ تابعت مجموعة لوحاته فظهر متجددا؛ يتحكم في الفكرة والرؤيا بقوة عميقة جدا. ببساطة رجل يعي جيدا الفكرة التي شتتها في جسد لوحة تتخطى الواقع وتشقه شقا؛ بحثا عن هوية صامتة لا تعني أي فرد يريد الفرار من حرب الجنون اللامحدودة.

سنحاول قراءة هذه اللوحة على ضوء الرؤية التحليلية التالية:

البحث في الأبعاد التقريرية داخل لوحة احمد الهواري-

دراسة الأنساق التضمينية ودلالات كل رمز..

بلاغة الصورة ودلالة الأجزاء المشتتة في لوحة بلا ضوابط.

دلالة الألوان ووظيفتها السيميائية..

دلالة المواقع السيميائية في لوحة سوريالية فلسفية عميقة خلاصات عامة تخرجنا لنشم المجهول المرتجل

 

باحث في الجماليات من المغرب

 

عن madarate

شاهد أيضاً

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة – حسناء آيت المودن

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة حسناء آيت المودن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *