الصويرة موطن النوارس والرياح (الجزء الأول)
الحسن الگامَح*
لماذا الشعر…؟
(هي الصويرة…
موطن النوارس التي عنها لا تختفي ولا تغيبْ
تحلق بعيدا بعيدا عنها في سمها
ثم تعود إليها عما قريبْ
فاتحة جناحيها، معبرة عن عشقها الأبدي
لمدينة تتلألأ فتنة جمالا)
حين زرت أول مرة مدينة الصويرة استغربت لعدد النوارس التي تجتاح المرفأ والشاطئ، وأنا الآتي من مدينة لن ترى فيها نورسة واحدة محلقة في سمائها أبدا، فطيور مكناس معروفة حسب الفصول: الطيور الصغيرة: العصافير التي كنا نصطادها: الحسون (المَقْنينْ)، والعصفور ونربيها لتتحفنا بصوتها الجذاب، أو الطيور العادية. لكن أن تقف قبالة المرفأ وترى هذا العدد الهائل من النوارس وهي على المراكب الزرقاء، أو تحلق بقربها، شيء غريب وعجيب في آن واحد.
(تحلق النوارس
ولا أعرف أين المسير
يشدني هذا المشهد الغريبْ
أينما وليت وجهي،
هي أمامي…
هي خلفي…
وهي فوقي محلقة أراقبها من قريبْ
هنا مملكة النوارس لا أحدا يزعجها
لا أحدا يطردها
تحلق بين المراكب في انتعاش
كأنها تبحث عن حبيبْ)
تاريخ الصويرة يعود إلى العصور القديمة، كما قال صديقي أحمد، وهو يحكي عن المدينة: إلا أنها هذه المدينة الحديثة تأسست في القرن الثامن عشر انطلاقا من مينائها التجاري الذي أصبح مهما تجاريًا.
وعرفت المدينة عدة حضارات قديمة، الأمازيغية والفينيقية والرومانية والإسلامية، فكانت تُعرف باسم “موگادور“، اسم فينيقي. وما زال هناك من يلقبها به.
(موگادور
إنا أتيناك من بعيد
كي نحضن فيك تاريخك البعيد والقريب
أتينا نحمل تاريخك في وله
ونسبح في شطك الرملي
يا موطن النوارس والرياح التي قلما تهدأ
والشمس عنها لا تغيبْ
هي مفتوحة على المحيط
تعانق موجاته شمالا وجنوبا
وتمتد فيه كأنها لؤلؤة المحيط بلا رقيبْ)
فالمدينة العتيقة بأسوارها التاريخية وأبوابها الضخمة وأزقتها الضيقة، تستهوي النفس وأنت تجول في هدوء تجمع بين التراث في المغربي العريق والبرتغالي وطبعا الأوروبي، فهي فريدة من نوعها، فريدة بطقسها المعتل… فريدة بسواحها الآتون من كل الأقطار… فريدة بأزقتها الضيقة ودكاكينها المصفوفة بأبواب زرقاء، كل ما في المدينة أزرق مثل البحر. فريدة بمينائها التقليدي المليء بالقوارب الزرقاء الصغيرة. وأنت تجول فيها يخيل إليك أنك على بساط سحري مرفوعا إلى الأعلى تكتب عنها ما يخالج الذات.
الصويرة مدينة تمزج بين الأصالة والحداثة، بين هدوء البحر وصخب الفنون، وبين التراث العريق والتقاليد الحية. زيارتها تمنح تجربة ثقافية وطبيعية لا تُنسى ولن تنسى.
المراجع:
- قصيدة: هي الصويرة مدينة العشق الأزرق
شاعر من المغرب