حوار مع الزجال المغربي عبد الحق طريشا – أجرى الحوار الحسَن الگامَح
- كيف يرى الزجال عبد الحق اطريشا الزجل أو الشعر بالعامية…؟
في البداية أشكركم على هذه الاستضافة الكريمة، وأتمنى ألا أكون ضيفا ثقيلا عليكم وعلى متابعيكم الكرام، أما بالنسبة لأجوبتي فسأتركها تنساب بتلقائية لتعبر عن عشقي للزجل…
الزجل أو الشعر بالعامية هو شعر أي أنه يحترم كل القواعد والفنية والجمالية المفروض توفرها في الكتابة الشعرية، إلا أن فرادته تكمن في كونه يستعمل اللغة المحكية أو لغة الحياة، أي أن العلاقة بين المبدع والمتلقي يكون لها مفعول أكثر، على اعتبار أنهما (المبدع والمتلقي ) ينتميان إلى نفس المرجعية الثقافية ونفس الأفق الفكري، و على اعتبار أن الزجل يستطيع أن يلامس وجدان وفكر شريحة اجتماعية عريضة، وأن القصيدة الزجلية تحمل في مبناها صورا شعرية وفي معناها مضامين تحرك خيال ووجدان وعقول هذا المتلقي بصيغة الجمع سواء كان عاديا أو كان ملما بالمجال الشعري أو كان قارئا متميزا (الناقد)، مما جعل الزجل يعرف انتشارا كبيرا في الساحة الإبداعية كما وكيفا سواء من خلال إصدار مجموعة من الدواوين، أو من خلال تأثيثه لمجموعة من الملتقيات الثقافية والمهرجانات الشعرية، مع الوعي التام أن تحويله من مجاله الشفوي إلى المكتوب يطرح مجموعة من الإشكالات، و أن اختلاف المحكي واللهجي من مجال جغرافي لآخريسائل القصيدة الزجلية بإلحاح، وهذه الإشكالات والأسئلة يتناولها النقاد والمهتمون بالقصيدة الزجلية المغربية في مجموعة من المناسبات والمنابر.
- من أين استمدت تجربتك الزجلية…؟ وكيف دخلت بحر الكتابة الزجلية…؟
لقد تأثرت كثيرا كما هو الشأن بالنسة لبنات وأبناء جيلي بالأغنية الغيوانية بكل تجلياتها (ناس الغيوان، المشاهب، جيل جلالة…) وقد تأثرنا خصوصا بإيقاعات وكلمات هذه المجموعات الغينائية، ونفسها الاجتماعي، وقد حاولت في البداية كتابة بعض الكلمات على منوال ذلك، إلا أن تواجدي في كنف العمل الجمعوي التقدمي بمدينة تاونات وتأثري بما كان يحدث في الساحة الجامعية في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، سيجعل تجربتي الزجلية تتخذ منحى آخر، حيث بدأت أكتب كلمات بعض المجموعات الغنائيىة الملتزمة التي كانت تنشط بتاونات، ومن بين المحطات التي تمثل تمفصلا مهما في تجربتي المتواضعة هو مشاركتي في المؤتمر التأسيسي للرابطة المغربية للزجل واحتكاكي بمجموعة من التجارب الرائدة والمؤسسة في مجال الزجل وأذكر كمثال لا الحصر بالأساتذة ادريس المسناوي وادريس بلعطار ومحمد الزروالي ومحمد الراشق ورضوان أفندي … دون أن أغفل تأثري بإبداعات الرائد أحمد لمسيح الغني عن التعريف، وحاولت بعدها أن أشتغل على قصيدتي الزجلية على مستوى بنائها ومضمونها، فكانت الشوفة المخطوفة (الومضة) هي سبيلي للتفرد، وحاولت كذلك الاشتغال على المثل الشعبي المغربي والاسطورة المغربية لتوظيفها في قصيدتي الزجلية بالإضافة الى بعض الرموز، محاولا إخراجها من مجالها المحلي لتعانق الأفق الإنساني الرحب.
- أين يلتقي الزجل بالشعر الفصيح…؟ وأين يفترقان…؟
كما أسلفت الذكر، في إجابتي السابقة العاشقة للزجل، وليس من منظور ناقد أو باحث في هذا الجنس الإبداعي الجميل، فالشعر هو شعر أو لا شعر سواء كان فصيحا أو عاميا أو كان فصيحا عاميا أو عاميا فصيحا، إلا أنهما يفترقان في نظري المتواضع في طبيعة الزجال المبدع الذي عليه أن يلم بكل مناحي اللغة المحكية وما توفره من إمكانات إبداعية هائلة، ومن مضامين اجتماعية تهم شريحة واسعة من المجتمع، وكذا من المفترض في الزجال الحداثي الغوص في حفريات التراث الثقافي للمجتمع، الشفوي والمكتوب، بالإضافة الى الموروث الثقافي الإنساني والتجارب الشعرية المختلفة، من أجل الانفتاح على الأفق الإنساني الذي يجمعه مع أقرانه شعراء الفصيح والعامي في مملكة الشعر.
- كيف ترى التجربة الزجلية في السنوات الأخيرة…؟
تعرف هذه التجربة زخما كبيرا، ويتجلى ذلك في كثرة الدواوين التي تم إصدارها وكثرة المهرجانات التي تعنى بالزجل والتي أصبحت تؤثث بعضا من مشهدنا الثقافي، إلا أن هذا الكم الهائل للمنتوج الزجلي، يسائل طبعا “الكيف” فإلى أي حد استطاعت القصيدة الزجلية بكل حساسياتها أن تجيب عن الأسئلة الإبداعية التي تمس شكلها ومضمونها ؟، وهل استطاعت هذه القصيدة أن تمثل إضافة أخرى للمشهد الشعري المغربي؟وكم هي التجارب الزجلية التي تملك فعلا رؤى إبداعية؟ وتشتغل بوعي وفق مشاريع زجلية واضحة المعالم، أم أن نفس التجارب تعيد نفسها، وتجارب أخرى تستنسخ هذه التجارب.
- تعددت التجارب الزجلية في المغرب، وفي المغرب العربي، هل يمكننا أن نتحدث عن تأسيس تجربة جديدة بعيدة عن الكتابة الزجلية الأولى قبل الثمانينات…؟
بالفعل هناك حركة شعرية زجلية متميزة ببلدان تونس والجزائر وليبيا وموريتانيا بالإضافة إلى المغرب، وكانت لي مناسبات عديدة للاحتكاك وتبادل الرؤى حول هذه الحركة في إطار بعض المهرجانات ذات النفس المغاربي التي أقيمت بالمغرب مع بعض الشعراء المغاربيين، علما أن تجربة القصيدة الزجلية المغربية تحضر بقوة داخل هذه البلدان، وما هو معلوم فإن الشعر وخاصة الزجل كجنس أدبي يتأثر كثيرا بالسياقات التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذا ما جعل التجارب الزجلية التي طبعت مرحلة ما قبل الثمانينات أو قل ما قبل التسعينيات يغلب عليها المضمون التحريضي من أجل “تجييش الجماهير”، والطابع الثوري التواق إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية والسياسية، وكان “السياسي” يستغل “الثقافي” والعكس صحيح أحيانا، في وجود إشكالية من يشمل من “السياسي أم الثقافي”، وكان الزجال حاضر بقوة في المنتديات والملتقيات كرسول أو كثائر يبشر بالتغيير المنتظر، فكان شكل القصيدة الزجلية وبناؤها ليس أولوية، بل كان هذا المضمون الثوري هو الذي يستقطب الجمهور، (مضمون الدم والنار). وأمام التحولات الثقافية والسياسية العميقة ذات البعد الدولي والوطني والتي ساهمت في تشكيل وعي جديد لدى المجتمعات من بينها المجتمع المغربي طبعا، والتي مست كذلك البوح الشعري، فكان لزاما على الزجال كذلك أن يفكر مرة أخرى في قصيده الزجلي من حيث مبناه ومعناه، وكان لظهور الرابطة المغربية للزجل في بداية التسعينيات ببلادنا كإطار لتجميع الشعراء الزجالين وكفضاء لتبادل التجارب الزجلية دور كبير في التحولات العميقة التي مست القصيدة الزجلية الحديثة بالمغرب لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، بل كانت بداية لتدافع هذه التجارب فيما بينها أحيانا، لتساهم في بروز حساسيات شعرية زجلية مختلفة.
- هل يمكن يوما أن يكتسح الزجل الشعر الفصيح، ويصير الناطق الرسمي باسم القبيلة (كما يقال) …؟
هو إشكال ثقافي قبل كل شيء، إشكال مرتبط بموقع الشعر داخل المشهد الثقافي، وبموقع البعد الثقافي داخل المجتمع، وهل أصبح الشاعر يتكلم باسم القبيلة، وهل مازالت للقبيلة ذلك التأثير كما كان في السابق؟ أم أن القبيلة اتسع مجالها ومفهومها وأصبحت تمثل الإنسانية، وأصبح الشاعر الزجال تأسيسا على ذلك هو لسان حال الإنسانية التي تمر بمنعطفات تاريخية صعبة، فأظن أن الزجل والفصيح يتكامـلان في هذا الاتجــاه، في اتجاه الأفق الإنساني الرحب.
- ما مشاريعك المستقبلية…؟
لي مجموعتان زجليتان تنتظران النشر الذي أتتهيبه باستمرار…، في سياق مشروعين إبداعيين ورؤيتين فنيتين “الشوفه المخطوفه” و “لوحه د لفرحه”، وأتمنى أن أساهم ولو قليلا في تطوير القصيدة الزجلية الحديثة أو الحداثية شكلا ومضمونا..
- كيف يرى عبد الحق اطريشا الإنسان الزجال عبد الحق اطريشا ، وماذا حقق ..وماذا ينتظر ؟
بالنسبة للشطر الأول من السؤال سأجيبك بهذه الشوفه:
ف شوفتك شفتك /وعكست الآيه/ شقوفي تهرست مع ضو المرايا/ ملي جمعت حروفي/ ما لقيت حد.. حدايا/ ورقه حمقى/ ضل مخبل يهبل / ودوايه كانت دوايا/….
بالنسبة للشطر الثاني من السؤال سأجيبك بهذه الشوفه
تمنيت نطير ف السما / نحرك الريح.. نشطح الريح/ يسوط نسمه / تمنيت نحضن الشمس بين ضلوعي / نفرق الضو / نفرق البسمه.
- ورقة تعريفية بالزجال عبد الحق اطريشا..
الشوفه وفين حطات
صفرو
حتى خلق وسماوه عبد الحق
تم حل عويناتو وقلش وديناتو
وجدة
تهجى الحروف وقاد الشوف
تم بدا يفهم كيفاش يبركم
تاونات
هي لحبيبه د لحباب
فيها الرفاكه والصحاب
تم الأصل والمفصل
شوفو كبر وعقلو تحل
فاس
ما هي حجر وطوب
ما هي سور ومرطوب
فاس ناس
فاس زناقي ودروب
الرباط
تهرس الراس
دخلو الوسواس
واش يقدم ولا يوخر
ولا يشوف شوفة العمر
تمارة
فيها عاد شوفتو تحطات
…
قصيده زجلية
شعره د الراس
قلَبت عليك ياراسي/ ف صحاي ونعاسي/ ف نقطه معتقه من كاسي/ ف الحروف المرصعة القصيده
ف الجوف /ف أوووووف/ف كل كلمه / ف كل تنهيده
قلبت عليك يا راسي/ف ضو شمس /ف ضو شمعه /حتى ف عريش د الضو معمش يحمدش ف لسان وقيده
قلبت عليك يا راسي/ف دقيقه د لفرحه سالته من زماني/ف غمزه حشمانه/ جافله من جفاني
ف راس خيط من كبه تخربلات /فلي يمكن و بلي محال/ف حبه من قبه تسربلات/ بتسويله وشحال من سؤال
ف ذره د الروح جذبات / بمليون صوره و خيال
قلبت عليك ياراسي /بالفاده الشانقه (شكون أنا)/ بفتيله حارقه رجانا ف لقانا
ف لي كتبتو/ و ف لي كتبني/ و ف المكتاب
قلبت وشحال قلبت/ وعييت اراسي من التقلاب
يوم نلقى شعره منك ياراسي /يوم نعريك / بالغوا ت نلاغيك
نفرح بيك يا راسي و نزوقك بالحنه