كتاب (الاتجاهات الحديثة للقضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة) لمحمد نشاط:
الجرأة والموضوعية والنزاهة في تناول قضايا مساطر صعوبات المقاولة
مجدالدين سعودي.
استهلال
الدكتور محمد نشاط من مواليد مدينة الشهداء وادي زم، حاصل على شهادة الدكتوراه (قانون الأعمال) كلية الحقوق سطات ودبلوم الدراسات العليا في الحقوق (قانون الأعمال) كلية الحقوق سطات. وشهادة الاجازة في الحقوق (قانون خاص) كلية الحقوق أكدال الرباط.
محام بهيئة المحامين بسطات.
أستاذ زائر بكلية الحقوق بسطات.
عضو فعال في عدة معاهد ومختبرات البحث ومتدخل في عدة ندوات ولقاءات وطنية ودولية.
1 في الإصدار
أصدر الدكتور والمحامي والباحث محمد نشاط كتابا بعنوان (الاتجاهات الحديثة للقضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة)، الطبعة الأولى 2020، والناشر هو (هيئة المحامين بسطات) عن مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، في 327 صفحة، ويضم الكتاب (الاهداء، التقديم، المقدمة، الباب الأول بعنوان (الاتجاهات الحديثة للقضاء التجاري على مستوى قواعد الشكل) والباب الثاني بعنوان (الاتجاهات الحديثة للقضاء التجاري الناتجة عن تطبيق قواعد الموضوع) وخاتمة.
يقول عبد الكريم عباد أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسطات: (….ويتناول هذا الكتاب كأول دراسة فيما يخص هذا الموضوع لنماذج من القواعد المسطرية والموضوعية التي أقرها القضاء في إطار أدواره الجديدة ذات الطابع التقريري في مصير المسطرة ومصير المقاولة والتي من خلالها اتجه القضاء توجهات حديثة من شأنها أن تستجيب لمتطلبات المسطرة وأهدافها الحالية، وهو ما قد يستدعي أحيانا الخروج عن قواعد التشريع القديمة أو الحالية التي قد تحول دون الوصول الى المبتغى من فتح هذا النوع من المساطر تجاه المقاولة وهو استمرارية نشاط المقاولة وتصفية خصومها والحفاظ على مناصب الشغل فيها.
وقد فرضت طبيعة هذا النوع من القضايا ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي على القضاء الاجتهاد بكيفية تساير كل الظروف والتطورات الراهنة التي يعرفها عالم التجارة والأعمال والذي ما فتئ يتغير باستمرار الأمر الذي حتم على القضاء التدخل الفوري من خلال توجهات حديثة تخدم مصلحة المقاولة ومصالح كل الأطراف المرتبطة بها خروجا عن دوره التقليدي المعهود وتجسيدا لدوره الاقتصادي الجديد.
وعليه فقد كان الدكتور الباحث محمد نشاط جريئا في تناوله لهذا الموضوع في إطار توضيح جانب من الجوانب المهمة للعمل القضائي ألا وهو جانب الاجتهاد كآلية مهمة من آليات النزيل السليم لقواعد القانون على أرض الواقع وفق رغبات المشرع الحقيقية أو المفترضة من تبنيها).
2 في التقديم
جاء التقديم بقلم النقيب عزيز زاروني، وأهم ما جاء فيه: (… ما يميز هذا العمل… أن الزميل الدكتور نشاط محمد فتح نافذة على عمل القضاء التجاري، وتتبع ورصد العمل القضائي المتعلق بمادة صعوبات المقاولة…
فالقضاء التجاري في مادة صعوبات المقاولة وخلافا للدور الموكول للقاضي في القواعد العامة لم يعد دوره منحصرا في فض المنازعات بالطريقة التقليدية، وانما أصبح له أدوار جديدة تنسجم وخصوصيات المقتضيات القانونية للكتاب الخامس، وبالتالي أصبح القضاء التجاري يبحث للمقاولة المتعثرة – التي تعاني صعوبات من شأنها أن تؤدي الى التوقف عن الدفع – عن حلول قصد تجاوز الصعوبات التي تعترضها، وهو في ذلك يتمتع بسلطة واسعة في تقدير المسطرة واجبة التطبيق على المقاولة التجارية، دون أن يكون ملزما بطلبات الأطراف، غايته في ذلك إنجاح احد الحلول المقترحة لإنقاذ المقاولة، مما يضطر الى القيام بأدوار أخرى جديدة غير معهودة للقضاء القيام بها تتمثل أساسا في دوري المواكبة والمصاحبة، مما يجعل القضاء التجاري من خلال هذه الممارسات لا يطبق القاعدة القانونية فحسب، وانما يبث وفق خيارات اقتصادية…
وهذا المؤلف يأتي في سياق تعرف فيه القوانين المرتبطة بميدان المال والأعمال تحولا كبيرا وتعديلات جدرية، الأمر الذي سينعكس على العمل القضائي ويجعله غير ثابت ومستقر، مما يجعل البحث في هذا المجال يعد مخاطرة غير محسوبة العواقب، لكن الزميل الدكتور محمد نشاط ركب هذه المغامرة وكان موفقا في عمله، ميزته في ذلك أنه لم يقم بجرد لكل الأحكام والقرارات الصادرة في هذا الموضوع، وانما وقف عند القرارات والأحكام التي اعتبرت في نظره مستجدات وقواعد قضائية جديدة وضعها القضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة، وخرج بها عن القواعد التقليدية الراسخة، وبالتالي كان هدفه من هذا العمل الوقوف عند المحطات الأساسية المميزة لهذه الأحكام والقرارات باعتبارها توجهات جديدة خرجت عما كان مستقرا عليه مما جعل هذا العمل يعد قيمة علمية مضافة.
ان هذا العمل يتسم بطابع الجدية عالجه الدكتور نشاط محمد برؤية جديدة، وبحذق لافت وذكاء وقاد، ولغة مشرقة البهاء، ومنهج لا يعلى عليه دقة واحكاما، وسيكون بدون شك قيمة مضافة من شأنه اغناء الخزانة القانونية. الصفحة 9 و10)
3 في المقدمة
يقول محمد نشاط في المقدمة: (عمل المغرب على ادخال عدة إصلاحات همت على الخصوص المجالات التي لها ارتباط بميدان المال والأعمال، وذلك بهدف تحسين الأسس والقواعد التي تساعد على بناء اقتصاد قوي، وترسيخ مبادئ الحكامة في الميدان الاجتماعي، ومن أجل إنجاح كل تلك الإصلاحات، كان لزاما على المغرب أن يعمل على توفير الأرضية المناسبة عن طريق وضع آليات وميكانيزمات تهدف الى إقرار وترسيخ مناخ قانوني واقتصادي واداري قادر على جلب الاستثمارات الأجنبية، وفي الوقت نفسه تشجيع الاستثمارات الداخلية أو الوطنية….
عمل المشرع المغربي على اخراج مدونة التجارة الى حيز التطبيق، وبذلك يكون المغرب قد وضع لبنة من أجل التغيير والانفتاح اذ تعتبر مدونة التجارة منعطفا جديدا في الحياة القانونية المغربية، ومنطلقا ضروريا للتناغم مع مجمل القوانين المؤطرة لميادين الأعمال، وذلك لكونها تضمنت خمس كتب، أهمها الكتاب الخامس الذي جاء بنظام قانوني جديد، أسس لمبدأ الفصل بين الشخص والمقاولة، وأقر قطيعة مع قواعد الإفلاس التي كان معمولا بها في ظل القانون القديم الملغى، والتي كانت تتميز في مضمونها بالطابع العقابي والتصفوي، بحيث كان يمكن اشهارها بمجرد أن يتوقف التاجر على أداء ديونه التجارية، دون معرفة أسباب التوقف عن الدفع، ومن ثمة كان التاجر والشركات التجارية في ظل هذا النظام القانوني، مهددين بشهر افلاسهما بمجرد توقفهما عن الدفع، مهما كانت الأسباب التي دفعتهما الى ذلك، لكون المشرع المغربي، في ظل هذا القانون، لم يكن يعير أي اهتمام للمقاولة التجارية، وكان اهتمامه ينصب بالدرجة الأولى على حماية الدين.
وعلى عكس قانون الإفلاس الملغى، فان نظام معالجة صعوبات المقاولة، جاء بمقتضيات قانونية تعطي الأهمية للمقاولة التجارية المتعثرة التي تعاني من صعوبات قد تخل باستمراريتها، وتبحث لها عن حلول قصد إخراجها من الوضعية الصعبة التي تهدد وجودها…
واستكمالا للرهان الذي حرص المشرع على تكريسه، والمتمثل بالأساس في حماية المقاولة التجارية، عن طريق وضع آليات قانونية… عمل على احداث المحاكم التجارية بتاريخ 12 فبراير 1997….
… المشرع المغربي لم يعط أي تعريف لصعوبات المقاولة، وأعتقد أنه حسنا فعل، ذلك أن وضع تعريف… يعد مجازفة ومغامرة غير محمودة العواقب، نظرا لافتقاد التشريع المغربي لتراكمات فقهية وقانونية، الأمر الذي فتح الباب أمام الفقه والقضاء التجاري لإعطاء تعاريف، وذلك بالنظر الى كون التعاريف من اختصاص الفقه والقضاء.
…إذا كانت المقاولة التجارية مختلة وغير متوقفة عن الدفع، فان تجاوز هذه الاختلالات أو الصعوبات يمر عبر طرق وقائية، منها ما هو داخلي… ومنها ما يستدعي تدخلا خارجيا…
أما اذا كانت المقاولة المختلة متوقفة عن أداء ديونها، فان المشرع أوجد مساطر أكثر صرامة…وتسمى مساطر المعالجة…
أما اذا كانت المقاولة التجارية مختلة بشكل لا رجعة فيه، أي ميؤوسا من وضعيتها فإنها تخضع لمسطرة التصفية القضائية…) ص 11 و 12 و13 و14 و15)
خاتمة
يقول الدكتور المحامي محمد نشاط في خاتمة كتابه (الاتجاهات الحديثة للقضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة): (ان الكتاب الخامس من مدونة التجارة يعتبر بحق قيمة مضافة لباقي القوانين التي وضعها المشرع المغربي من أجل تنظيم ميدان المال والأعمال، وذلك بالنظر الى الآليات القانونية التي جاء بها من أجل انقاذ المقاولة التجارية التي تعاني من صعوبات أدت بها الى التوقف عن الدفع) ص 311
ناقد من المغرب