الرئيسية / أمازيغيات / تحليل نص الحصار(نتغي) – الحسين زكزرا

تحليل نص الحصار(نتغي) – الحسين زكزرا

تحليل نص الحصار(نتغي) لمجموعة إزنزار

الحسين زكورا*

 

حوصرنا كما الجراد يحاصر بين السماء و الأرض القاحلة

لم تعد أيها الماء تضمن نمو الغلال

كسيت السماوات بالظلام لم نعد نبصر حتى بالنهار

أصبح الجوع يغزو دواويركم

ملأت المخازن بالحبوب و استحال الوصول إليها

قيدوك أيها الحق و أطلقوا الهلع في الطرقات

يا مستشارون يا من تملكون سلطة الكلام

ليس عيبا أن تلتفتوا إلى كل الذين يبكون

يسمع الأنين في السماوات و اكتسح الخوف الأراضي

يسمع الصياح في الأبراج بينما تسير الشكاوي في الطرق

أين ذهب كل الرجال الذين قالوا لنا

سيكون هذا و يكون هذا، و ليس هناك أي شيء قط

 

أغنية “الحصار” (نتغي) لمجموعة إزنزارن تحمل طابعاً اجتماعياً وسياسياً قوياً، حيث تتحدث عن معاناة شعب أو مجتمع محاصر بالأزمات والضغوط من كل اتجاه. الأغنية تركز على تأثير الحصار الجسدي والنفسي على الناس، وتنتقد النخب التي تملك السلطة لكنها لا تستجيب لمطالب الشعب. فيما يلي تحليل معمق لمضمون الأغنية:

 “حوصرنا كما الجراد يحاصر بين السماء و الأرض القاحلة

  • التشبيه بالجراد هنا يعكس حالة اليأس والحصار، فالجراد يرمز إلى المخلوقات الضعيفة التي تتعرض للحصار ولا تجد ملجأ. الأرض القاحلة والسماء المغلقة تمثل العدمية والافتقار إلى الأمل أو الموارد. الوضع الذي يعيشه الناس يشبه معاناة الجراد الذي يجد نفسه محاصراً بين قوى الطبيعة بلا مفر.

 “لم تعد أيها الماء تضمن نمو الغلال

  • الماء هو رمز للحياة والخصوبة، وعدم قدرة الماء على ضمان نمو الغلال يعبر عن أزمة معيشية واقتصادية. هنا، الماء يشير إلى العوامل الطبيعية أو السياسية التي لم تعد قادرة على تأمين الرخاء أو الاكتفاء للشعب، مما يسبب أزمة اقتصادية أو مجاعة.

 “كسيت السماوات بالظلام لم نعد نبصر حتى بالنهار 3ـ 

  • الظلام الذي يغطي السماء حتى في النهار يمثل حالة من الضياع وفقدان الرؤية الواضحة، سواء بمعنى الحرفي أو المجازي. الظلام هنا قد يكون رمزاً للجهل أو القمع الذي يمنع الناس من رؤية الحقيقة أو إيجاد طريق للخروج من معاناتهم.

 “أصبح الجوع يغزو دواويركم

  • يشير إلى المجاعة التي بدأت تفتك بالمجتمع، حيث أن الدواوير (القُرى أو المجتمعات الصغيرة) أصبحت عرضة لغزو الجوع. الجوع هنا ليس فقط مجاعة مادية بل قد يشير أيضاً إلى فقر روحي أو معنوي، حيث يعاني الناس من انعدام الأمل أو الكرامة.

 “ملأت المخازن بالحبوب و استحال الوصول إليها5 ـ

  • تعكس هذه العبارة فوضى توزيع الثروات وعدم العدالة. رغم وجود الموارد (الحبوب في المخازن)، فإن الناس عاجزون عن الوصول إليها بسبب سياسات ظالمة أو فساد. هذا يمثل انقطاع العدالة وانعدام التوزيع العادل للثروات، مما يزيد من معاناة الشعب.

 “قيدوك أيها الحق و أطلقوا الهلع في الطرقات6 ـ

  • هنا، يتم تصوير الحق على أنه مُقيّد ومكبّل، بينما الهلع والفوضى أطلقا في المجتمع. القيد هنا يرمز إلى القمع والسيطرة على الحريات والعدالة، في حين أن الهلع يعكس حالة الفوضى والخوف التي يعيشها الناس بسبب هذا الظلم.

يا مستشارون يا من تملكون سلطة الكلام7 ـ

  • المقطع ينتقد المستشارين أو القادة الذين يملكون القدرة على اتخاذ القرارات والتأثير، لكنهم يتجاهلون معاناة الشعب. هذه الدعوة توجه نقداً مباشراً لمن هم في السلطة وتؤكد على أنهم يمتلكون القدرة على تغيير الوضع ولكنهم لا يفعلون.

 “ليس عيبا أن تلتفتوا إلى كل الذين يبكون8 ـ

  • هذا النداء هو دعوة للرحمة والاهتمام. الأغنية تشير إلى أن من في السلطة ليسوا معصومين من الخطأ، وأن الاستماع إلى معاناة الشعب والالتفات إلى الذين يبكون ليس أمراً مشيناً بل واجباً إنسانياً وأخلاقياً.

 “يسمع الأنين في السماوات و اكتسح الخوف الأراضي9 ـ

  • يعبر هذا المقطع عن اتساع دائرة المعاناة والخوف. أنين الشعب وصل إلى السماء، مما يوحي بحجم الألم والمعاناة. كما أن الخوف بات منتشراً في كل مكان، مستحوذاً على حياة الناس ويسيطر على حياتهم اليومية.

 “يسمع الصياح في الأبراج بينما تسير الشكاوي في الطرق10 ـ

  • الأبراج قد تكون رمزاً للسلطة أو القوة، حيث يتم سماع الصياح من الناس الذين يطالبون بالتغيير، بينما تسير الشكاوي في الطرقات بلا استجابة. هذا المقطع يعكس حالة الفجوة بين الشعب والسلطة، حيث يبقى الشعب محاصراً في معاناته دون أن يجد من يسمعه أو ينصفه
  •   11 ـ

   أين ذهب كل الرجال الذين قالوا لنا سيكون هذا و يكون هذا، و ليس هناك أي شيء قط“”

  • المقطع الأخير يتناول مسألة الوعد الزائف من القادة أو الشخصيات العامة. أين ذهب أولئك الذين وعدوا بالتغيير والإصلاح؟ الواقع يظهر أن تلك الوعود كانت فارغة ولم يتحقق منها شيء. هذا يعكس خيبة الأمل في القيادة والنخب التي خذلت الشعب.

الخلاصة

  • أغنية “الحصار” تعكس معاناة مجتمع محاصر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. تصوير المجتمع كأنه جراد محاصر يعبر عن الشعور باليأس والعجز، بينما يتم تسليط الضوء على الفجوة الكبيرة بين الشعب والسلطة. القادة أو المستشارون يملكون السلطة والكلام، لكنهم غير مهتمين بمآسي الناس. الأغنية تدعو إلى التغيير وتنتقد الوعود الفارغة التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، مع التركيز على حاجة الشعب إلى العدالة والرحمة.

الأغنية تقدم نقداً اجتماعياً عميقاً يعكس حالة من الإحباط والحاجة الماسة إلى التغيير والتحرر من القيود المفروضة على المجتمع

باحث في الأمازيغية من المغرب

عن madarate

شاهد أيضاً

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة – حسناء آيت المودن

أمسية تكريم فعاليات نسائية ضمن أمسية شعرية رمضانية تخليدا لليوم العالمي للمرأة حسناء آيت المودن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *