حَسَن الجودِ والعَطاء
(إلى حسن أوسامة قبل وبعد رحيله)
الحسَن الگامَح*
لمْ يَكُنْ يَوْمًا بَخِيْلًا
كَيْ يَخْزِنَ مَا اكْتَسَبَا
بَلْ كَانَ كَرِيمًا
يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ تُوَزِّعُ مَا احْتَطَبَا
غَيْرَ مُبَالٍ بِمَا سَيَأْتِي حَرًّا كَانَ أَوْ قَرًّا
لَكِنَّهُ حِينَ وَدَّعَ الكُلَّ لَمْ يَتْرُكْ خَلْفَهُ
سِوَى الدَّعَواتِ تَقْطُرُ عَلَيْهِ مِنَ الأَفْوَاهِ نَسَبَا
هُوَ الفَتَى المُشَاغِبُ الَّذِي فَرَّ مِنْ كَرَاسِيِّ الدِّرَاسَةِ
كَيْ يَلْهُوَ فِي الحَيِّ
غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِعُقُوبَةٍ صَارِمَةٍ لَهَبَا
بَلْ مَضَى مُسْتَمْتِعًا بِوَقْتِهِ
فَرَحًا زَاهِيًا وَرَاضِيًا بِمَا سَيَأْتِي رُتَبَا
كَمْ شَقَّ مِنْ طَرِيقٍ أَيَّامًا
كَمْ هَزَّ مِنْ غُبَارٍ خَلْفَهُ انْتِعَاشًا
يُسَامِرُ اللَّيَالِي، وَمِنْ أَنْجُمٍ مُقْتَرِبَا؟
وَكَمْ وَكَمْ… ؟
لَكِنَّ يَدَيْهِ ظَلَّتَا مَبْسُوطَتَيْنِ
تُعَانِقُ أَيادِيَ الأَطْفَالِ هَدَايَا أَدَبَا
يُعَانِقُ الحَيَاةَ مُبْتَسِمًا
لَكِنَّ المَوْتَ لَمْ تُمْهِلْهُ كَيْ يُحَقِّقَ حُلْمَهُ
أَنْ يَحْضُنَ كُلَّ أَطْفَالِ الأَحْيَاءِ
وَمِنَ الكُرَمَاءِ يَرْتَقِي مُنْتَسِبَا
هُوَ حَسَنُ الجُودِ وَالعَطَاءِ
وَهُوَ فَاتِحَةُ الخَيْرِ،
إِنِ الخَيْرُ اخْتَفَى عَنِ الدُّنْيَا مُحْتَجِبَا
عَلى جُثمانِهِ وَقَفْنا
نُوَدِّعُ الوَجْهَ الَّذِي أَلِفْناهُ
بُيُوتًا اسْتَنارَتْ بِوُجُودِهِ مُعْتَدِلَا
كَأَنَّهُ حاضِرٌ بَيْنَنا فِي صَمْتٍ
يُوَزِّعُ القُبُلاتِ عَلَى الأَبْناءِ
وَالطَّرِيقُ أَضْحى مُكْتَمِلَا
يَسْمَعُ فِي صَمْتٍ لَهُمْ
كَأَنَّهُمْ يُحَدِّثُونَهُ
عَنْ غَدٍ سَيَأْتِي لا مَحالَةَ
وَهُوَ بَيْنَهُمْ يُفْسِحُ الطَّرِيقَ لَهُمْ مُنْفَصِلَا
لَمْ يَكُنْ يَحْتاجُ إِلَى مَنْ يُنِيرُ لَهُ السَّبِيلَ
كَيْ يَمْضِيَ وَاثِقَ الخُطى
إِلَى حَيْثُ المُنادِي مُنْعَزِلَا
وَقَدْ ضَحَّى بِكُلِّ ما مَلَكَتْ يَمْناهُ
مِنْ أَجْلِهِمْ سَنَواتٍ،
فَهَلْ يَذْكُرُ النَّهْرُ مَجْراهُ
إِنِ انْحَبَسَتِ المِياهُ مُرْتحَلَا؟
رَحْماكَ قَبْلَ وَبَعْدَ الرَّحِيلِ أَيْنَما كُنْتَ
فَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الجُودِ وَالعَطا أمَلَا
أگادير: 21 مارس 2025
شاعر من المغرب