الرئيسية / وخير جليس في الزمان كتاب / كتاب في النقد: القراءة التفاعلية – دراسات لنصوص شعرية حديثة إدريس بلمليح -إسماعيل هموني

كتاب في النقد: القراءة التفاعلية – دراسات لنصوص شعرية حديثة إدريس بلمليح -إسماعيل هموني

كتاب في النقد: القراءة التفاعلية – دراسات لنصوص شعرية حديثة إدريس بلمليح

 

وخير جليس في الزمان كتاب إسماعيل هموني

أن تجالس كتابا؛ معناه؛ أن تعيش الترحال… والسفر… والمتعة… وأناقة التفكير. مجالسة الكتاب فتح في العتمات؛ وسعى في اللامعلوم حتى تتبين الخيوط ، أبيضها من أسودها. حين تسمع للكتاب، فأنت تسمع التعدد؛ وترى بأذنك ما لا تراه عينك. ترى جيشا من التفكير مدججا بالمعاني التي عكفت عليها لن تجمعها بوحدك. على حد التخوم تجد ما فاتك من الفواصل؛ وتقبض ما ظل هاربا من وعيك. حين تتخطى تلك التخوم يتربص بك اللاوعي فتغشاك عوالم التخييل ولا ترى سوى ما غمغم فيك وأنت طفل؛ ولا تسمع سوى من تراسل فيك وأنت أبعد من طفولة.

أن تقرأ كتابا، تستعيد الأصوات التي انطمرت في شقوق غائرة؛ وتسترد اللحون التي دهستها الألسن حتى تشابهت كالحجر.

ههنا نجلس لنقرأ؛ ندع الكتاب يقودنا إلى حيث يريد؛ نشخص بأبصارنا ؛ نتبعه ونحن نتحسس وعينا؛ ندرك المسافات الفاصلة بيننا وبينه؛ وندغم أشكال الوعي التي تتفارز في صيغ التواشج أو التوالج من الأساليب؛ وأفانين التبالغ الجمالية.

عندها فقط؛ ندرك / نعلم أننا نقرأ، وأننا في جلسة لا تنتهك حرماتها إلا صمتا؛ وأنفاس صاعدة نحو الأعالي؛ وأخرى هابطة نحو أعماق في قاع الوقت.

كأننا في صلاة مقدسة؛ متمرسة بالخشوع؛ والامتثال النقي لصوت القداسات. نعيش النداء؛ ونقيم في الاصطفاء؛ ونولد مرات في البهاء .

نأتي من المستقبل؛ ونحن نقبض يد الحاضر غير خائفين ولا خائبين…

 

 

كتاب في النقد: القراءة التفاعلية – دراسات لنصوص شعرية حديثة إدريس بلمليح

 

لا يعبر فعل القراءة ؛ في نظر د. إدريس بلمليح ؛ إلا من خلال التفاعل بين القارئ والمتلقي. فالنص حين يخلق يوجه لقارئ مفترض يخلقه المبدع خلقا؛ ولأن فعل القراءة واع ومدرك يفرض تواصلا معينا مع النصوص الفنية ؛ ويبلور رغبة معينة للتفاعل مع النص وفق أجهزته المعرفية و قدراته التأويلية أيضا.

في هذا الكتاب يدلل بلمليح على استراتيجية القراءة التفاعلية من خلال ما توافر من أجهزة مفاهيمية وفتوحات منهجية لنظرية التلقي عند كل ما ياوس وإيزر ؛ لكن الأستاذ المحنك إدريس استطاع برؤيته الناقدة المتقدة أن يستل منها ما يفيد ؛ وأن يضيف إليها ما يناسب النص العربي في سياقه التاريخي ونسقه الذاتي.

وللرجل باع طويل في مصنفه الأكاديمي الشهير ( المختارات الشعرية وأجهزة تلقيها عند العرب) ما يؤكد علو كعبه في التحليل و التمكن الواعي في معرفة حاجات النقد العربي اليوم من خبرة علمية تحقق جدارته في الدرس الأكاديمي اليوم وغدا.

وقد استوقفتني منارات علمية تنير الفهم والأفهام ؛ منها :

 

■ إن التفاعل عملية تواصلية تتم في المستوى الفني بين نص

قادر على ان يستوعب قارئه ؛ وقارئ قادر على أن يستوعب هذا النص. (ص: 6)

■ إن هذا القاريء ذو حضور نصي يتكرس عبر المؤشرات المباشرة وغير المباشرة التي تحفز القراءة وتضمن سبرورتها فتجعل المقصد مشاركا في بناء المعنى وقادرا على استيعاب مظاهره المختلفة؛ مؤولا إياه في نوع من التفاعل الحيوي الذي،

يجعل الدلالة متدرجة في ذهنه ؛ ممارسة تأثيرها في وجدانه. (ص: 9)

 

■ إن القارئ التجريدي يتحقق بشكل محسوس خارج النص حين يقبل دور المتلقي المستعد لأنه يتواصل مع المبدع تواصلا تفاعليا يصل في حدوده القصوى إلى تحقيق إنتاج تاريخي ممتد عبر الزمن؛ يوازي حياة النص ويتجدد بتجدد تداوله. (ص: 11)

■ إن( السرقة)والتأثر والمعارضة و (التناص) ؛ إنما هي مظاهر مختلفة لتواصل تفاعلي بين الشاعر والشاعر يفيد في بناء النماذج الفنية ماضية كانت؛ او متحاضرة او متحركة من الحاضر إلى الماضي. (ص:14)

■  قراءة الدهشة قراءة حاسمة ؛ أي أنها تعمد إلى الأثر في مجمله؛ وتقابله برأي جزئي مستخلص من بيت واحد أو من قصيدة بعينها ، ثم تجعل من هذا الرأي النهائي مقياسا عاما وشاملا ينجر على مجمل ما ينتجه الشاعر وينطبق على سائر ما يبدع. (ص:16)

■ القراءة الاستعادية تحقق ثان للقارئ التجريدي يتميز بسمات مختلفة لسمات قراءة الدهشة ؛ فينفصل عن تحققها ويرتبط به في آن واحد. (ص: 19)

■ ثم ما هذا المعنى الذي تقف عنده القراءة الاستعادية؟ إنه معنى منفلت بطبيعته؛ تدرك منه بعدا واحدا تقيسه بمقاييس الحقائق اليومية والمألوفة. وهي بهذا الفعل تتناسى الأبعاد التخييلية المضاعفة التي من الممكن أن تحيل إليها العبارة الشعرية الواحدة أو البيت المفرد. (ص: 30)

■ أكاد اجزم بأن القصيدة التقليدية وحدها هي القادرة على هذا الانصهار الزمني الخارق. إنها القصيدة التي تحول الزمن الأفقي إلى زمن عمودي بامتياز .(ص:41)

■ إن نسق القصيدة التقليدية ؛ نسق جديد في الأدب العربي ؛ نسق أعاد الشرعية الإبداعية للنموذج القديم ؛ فاقترب منه ليبتعد ؛ وقلده ليجدد ؛ ثم حاول تأصيل الذات الإبداعية في تفاعل كبير مع الذخيرة الفنية ؛ وفي تصادم مع تحنيط هذه الذخيرة وتفكيكها في آن واحد.

إن التقليدية باختصار ليست قضية تقليد ؛ بقدر ماهي تجدد للأصل وإعادة لإشعاعه وتماسكه وفتنته في إهاب مستحدث وصورة قديمة-جديدة. (ص: 49)

إن دراسة تفاعل القارئ مع النص تمكننا من بناء أجهزة للقراءة ؛

تترجم الواقع الجمالي الذي أحدثه العمل الأدبي في متلقيه. (ص: 55)

 

■ نظرية التواصل التفاعلي نظرية لا تتعامل مع اللغة على أساس أنها شيء مستقل بذاته؛ من الممكن دراسته في معزل عن الباث والمتلقي ؛ وإنما الرسائل شيء ينجز في تفاعل تام مع مكوناته

ونظامه  (ص: 59)

■ أما الاستعارة ؛ فإنها اكتشاف تصوري يعمل على قلب علاقات الظواهر ؛ وعلاقات وحدات النظام اللغوي الذي يمثلها في التواصل اليومي. )ص: 60)

 

  • ● قراءة ممتعة●●

ناقد من المغرب

عن madarate

شاهد أيضاً

 “من يعيد لعينيك كحل النَّدى؟” ديوان للشاعر علال الحجام – إسماعيل هموني

 “من يعيد لعينيك كحل النَّدى؟” ديوان للشاعر علال الحجام  إسماعيل هموني   أن تجالس كتابا؛ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *