الرئيسية / فعل الكتابة / حوار مع المبدعة السورية ابتسام الصمادي حاورها الشاعر الحسن الگامَح

حوار مع المبدعة السورية ابتسام الصمادي حاورها الشاعر الحسن الگامَح

 

حوار مع المبدعة السورية ابتسام الصمادي حاورها الشاعر الحسن الگامَح

 

  • كيف ترى المبدعة ابتسام الصمادي الكتابة بصفة عامة…؟

عندما يتبنّى القارئ تجربتك وكأنك تتحدث من أعماقه فإنك تحقق جزءاً من الإجابة على هذا السؤال

عندما تُشكّل وعياً جماعياً من مجمل ما حصلت عليه من تجارب لتُغيّر الراكد والنسقيّ، فإنك أيضاً تجيب على جزء من هذا السؤال

عندما تحقق كينونتك على الورق من اجل البقاء بعد الفناء، أيضاً تجيب أو تضيء على جزء معتم من هذا السؤال

ربما هذه متعة الكتابة لكن بالنهاية يكتب المبدع لأنه يملك ثروة كبيره يريد أن يُبددها أو يقامر بها.

ثروة من آمال وآلام الناس وتجاربهم وانكساراتهم وأحلامهم ومحبتهم.

ربما يملك عموداً في جريدة وليس برجاً من الأسمنت.

حلماً ببلدٍ شاسع آمن، يمتد من قلمه الى رؤاه ، ترتع فيه الغزلان والفراشات والأطفال وينام فيه المسؤول تحت شجرة مطمئناً لأنه عدل، فأمِن ،فنام.

يملك الكاتب شيكات من ألم الناس وطموحاتهم. كيف سيصرفها يا ربي ،ومن أيّ بنك؟!

كتبت مرّةً في احدى مقالاتي:

من قال إنّا نكتب كلام المعاني؟!

إنا نُحيك قمصان عُريٍّ لمعنى الكلام ،فنستر فيها ملامح ما نحبّ أن يكون، وليس ما هو كائن سوى تفاعل وقت بصيغة وهم يزول مع انزلاق السنين ولا يبقى سوى المعنى الذي نخلص إليه يلخص كل ذرات المكان منذ فجر الخليقة حتى النهايات التي لا نعرف أين تسلّ…لكننا ألِفنا حدوثها فننسى ما عزمنا ونكتب شيئا آخر مختلفاً عن شجر زيتونهم وزيتاً يراه غيرنا للأكل ونحن نراه لقنديل الكائنات ضياء.

 

  • من أين استمددت تجربة الكتابة…؟ وكيف دخلت بحر الكتابة…؟ وما أول نص كتبته…؟

الكتابة هي حاجة الفيضان على الامتلاء، بدأتُ ككل طالبة في المدرسة، شجعني أساتذتي وكان دفتري الخاص  بالتعبير يجول على كل الشعب في المدرسة يقرأ استاذ العربي نصي للطلبة ويثني عليه ويشرح نقاط البلاغة فيه، وقد عرض كتاباتي الأولى وهي عبارة عن مدرسيات على الشاعر اللبناني  الكبير رحمه الله نجيب جمال الدين فتنبأ لي بمستقبل أدبي وأهداني مجموعته (سنابل الغضب ) وهي الهدية الوحيدة التي نجت من آثار الحرب الأهلية في لبنان آنذاك حملتها معي إلى الشام .

النصوص الأولى كانت كشقائق النعمان على درب (الثلجة البيضاء Snow White)في الغابة .أستطيع القول إنّ النص الذي أعتبره أول قصيدة أعطتني المقدرة على الوقوف  في أرض الشعر ،قصيدة كتبتها بمناسبة مؤتمر طلابي ظنّ أحدهم خلاله أنني أجنبية

ولهذه القصيدة قصة أخرى ،فقد قرأتها أمام شاعر (كبير) آنذاك وتفاجأت بأنه وضع خرطومه الشعري وشفطها، عندها أدركت أنني وأنا صغيرة أكبر منه .

نص القصيدة

وإذا الهوى غطّى هنيهات السفر

فالقلب يحوي مهرةً تهوى الرحيل

وإذا الرحيلُ يروم نيسان الهوى

فأصيل أيامي زُهُوٌّ زانه حُسن النخيل

وإذا التناقض بانَ في حقل الجوى

فمشاعري جمرٌ

ومواقدي شعر معطّرة بهيل

وسنابلي حبلى

ومخزوني صهيل

*******

وكحيلةٌ عيني متيمةٌ بميل

موشومة كفي بغسان وعدنان وأطيار وخيل

منذورة (أهلاً)

مرفوعةٌ نجماً لمن ضلّ السبيل

وصديقة الحنّاء والسيف الصقيل

جنات عدنٍ فوقها آيٌ يلوحُ وللفرات روافدٌ

من داخلي

تروي الغليل

وحرائري بُردٌ

ومناسفي وُرْدٌ

ومرابعي رند أتاها النيل في ولهٍ

فيا سحر الذي يأتيه نيلْ

(جاءت في مجموعتي الاولى سفيرة فوق العادة1993).

 

  • أي صنف من الكتابة تجد فيه ذاتك حين تكتب…؟ ولماذا…؟

إضافة إلى الشعر أكتب في أدب المقالة ،ولي زوايا في العديد من الصحف غير أني لا أجد نفسي إلافي القصيدة لأن المقالة عندي في تكوينها المبدئي تكون قصيدة لكنني استولدها بإبر التحريض لذلك اكتب مقالتي بكثير من الشاعرية، والقصيدة بالنسبة لي هي طلقة الروح لأنها تخرج من أشد الكهوف ظلمة وعتمة في النفس على عكس الصنوف الأخرى التي تأتي من راقةٍ أقل عمقاً ،أي من على السطح قليلاً فلا تأخذك كما الشعر الى راقة الإدهاش والمتعة الذهنية الصافية ،إضافة إلى أن القصيدة ليست ثرثارة بل مكتفية بالتلميح البليغ كنظرة مليكة واثقة حازمة لا تريد النقاش في قراراتها النهائية ولا التدخل في شؤونها .

القصيدة الحقيقية وليس اللغو ،تُذيقك طعم الحياة بكل صنوفها وتبقى بعدك يتذوقها غيرك

(ذُقنا الحياة وموتنا كحلاوة

إذ نترك الدنيا كمن ،عن سُفرةٍ،

نهضَ الملوكُ، بنشوة وثمالةِ)

 

  • كيف ترين تجربة الكتابة في العالم العربي…؟

ممكن بحالة واحدة هي أن نبقى هكذا بكامل التسطيح والتفاهة وهذه الاخيرة أعني التفاهة  التي استولت على الكون، كما يقول آلآن دونو الكاتب والعالم الكندي :أن العالم اليوم استولى عليه التافهون دون أن يطلقوا رصاصة واحدة، والتكنولوجيا هذة تقدم بمعظمها الوجه الإيجابي كما السلبي  لكن الأهم أنها تسوّق الغث والثمين معاً وأنت من يختار البضاعة المناسبة .لا سيطرة أبدا على المدخلات ولا المخرجات الفائضة من هذه السوق الاستهلاكية الكبرى ،التي تمضغ وتتقيأ إنسانيتنا لكن عندما تصل الأمور إلى خواتيمها تقف لتتأمل بكل الأشياء من حولك فهناك البنّاء الذي يبني بيوتاً للناس، وهناك من يصنع لهم ملبساً ومأكلاً، وراحلة وعلما وتكنولوجيا ووو.. ولكن السؤال: مَنْ يشق الحلم؟ ليعرض الرؤية، ويوسع الأرض، مَنْ يبني ملجأً للجرح ؟مَنْ يعطي للبلاد لوناً، وللأطفال لهواً وسذاجةً، مَنْ يزيل الغيوم من درب الأفق؟ لترتاح الطّيور والطّائرات، مَنْ يدفع الأرض على الاستمرار في الخضرة والبهاء، ويزرع النعناع، والزعتر الأخضر في كتب المدارس الابتدائية ويحرس شروق الشمس خشية أن تأخذها غفوة ،مَنْ يمنع جفاف الأنهار، ويحلّي ماء البحر؟ ويعكّر صفو الجشعين إنّه الشّعر..

 

  • مع تطور التكنولوجيا هل يمكن يوما ما أن نستغني عن الكتابة…؟

الكتابة تشبه أهلها تقف خلفهم فاذا كانوا شجعانا تكون هي أشجع .صعب أن نفصل بينهما .

والكتابة الإبداعية بالعموم رافد من روافد الوعي ،علينا أن نعترف أن وعينا مصدوع ومشروخ ،والقلّة المتنورة لم تأخذ دورها الحقيقي في ظل تشابكات ما هو معروف وما أفرزته أزمة المثقف والفكر بالعموم .أمّا فيما يخص الشعر مثلاً  يوجد لدينا شعراء وشاعرات مهمون ومختلفون لكن هناك ازمة يعيشها النقد. واعلامنا اعلام  مخادع وغير محايد ولا يستطيع ان يحمل الشعراء الحقيقيين وهؤلاء أرفع من أن يذهبوا اليه  إنه يرفع المستشعرين فيشوهون الشعر والشعراء.

لذا على المتلقي أن يشكّل ذائقته بنفسه ويُبرز من يستحق .. والمأزق الحقيقي هو تشويه الشعر بحج كثيرة لا صلة لها بنا ..! مأزق الشعر في العصر الحديث يكاد يستعصي على التجاوز.

 

  • ما ر أيك في الكتابات النسوية بالمغرب، وفي العالم العربي؟ وأين يمكننا تصنيف الكتابة النسوية من خلال الإصدارات النسوية التي ارتفعت مقارنة مع السنوات الماضية، وحضورها في كل المجالات الإبداعية…؟

قلت سابقاً وأكرر أن الأديبة اليوم تُرجع دفة الزمن لصالحها ليس فقط بمساحتها اللغوية وإنما بقضاياها التي لم يتطرق لها الأدب ويؤرخها او يضيئها كثيراً من البوابة المعهودة ذاتها ، فالأرض البكر التي لمّا تطأها القدم كثيراً، دخلت اليها الكاتبة بثقة واضحة .والإبداع أيّ كان مبدعة لا يُثمر ويطرح تفاحه إذا لم يتطرق الى القضايا الإنسانية الكبرى  أما الرداء سواء كان عاطفياً أم ذاتياً أم موضوعياً فتلك مسألة أخرى يمكن تحميلها بمعطيات فكرية تزيد من قيمتها الفنية، تماماً كما يُطعّم المزارع الخبير أشجاره بمطاعيم جديدة .فقط أنا أخاف أن تدخل بعض الكاتبات في دوامة عدم التفريق بين الجرأة والابتذال ،لا احب للكاتبة أن تُسلّع قلمها لأنه سلاحها الناعم الذي يحميها قبل غيرها

 

  • ماذا تحقق لك في مجال الكتابة بحكم ارتباطك بالكتابة شعرا وسردا وترجمة…؟

هناك مسؤولية تقع على المرأة الكاتبة لأنها هي التي تنير دياجير الاقبية المتخفية من السنين وركام التخلف وتنير الوعي العصري المصدوع  ، تحتاج الى جرأة لتحفيز الساكن والراكد، قد لا تؤثر بشكل مباشر وآني لكن من المؤكد أنها تنتج الوعي وتحفزه خصوصا في زمن الأزمات والكوارث ليصبح دورها أخلاقي وانساني ينفذ إلى إبداعها المتوقع.

وعلى الكاتبة الجديدة أن تقدم أنموذجاً لمفتاح سرّي تستخدمه لتدخل به قلعة اللغة .غير أن هذا المفتاح لا يُصبّ ولا يُنتج إلاّ في الذاكرة الإنسانية ،، فما زال هناك خوفا جمعيا من عقل المرأة وعملها، كيف يمكن تنقية الذاكرة الكلية بل الإنسانية ؟!يبدو أنه علينا أن نقود دفة التربية والتنمية والإعلام على جبهتين: جبهة الأبناء الصغار وجبهة الكبار لأن اليد – التي في النار- أعني الناضجة هي التي تُنضج الأشياء وإيقاعات الحياة.

إلى الآن لم تتكون لدى مجتمعاتنا قاعدة مؤسسية راسخة تجاه الإنجاز النسوي بشكل عام برغم كل الايجابيات التي حصلت عليها المرأة جراء العمل ،من رفع لمستوى الحياة الأسرية والاحساس المجتمعي المتقدم واستثمار وتنظيم الوقت والانسجام مع طبيعة العمل ،ورفض الوصاية والإعالة والطاعة . بقيت الأعراف والتقاليد توزع الأدوار وتحفظ سلطة الذكورة ،وتخلق الاكتئاب والقلق والخوف من عدم التمكن من الرعاية الكافية للأولاد إضافة الى مصاعب أخر .

بكل الأحوال الكاتبة مطالبة دوماً بأكثر مما تُقدم .هذا حق الأدب عليها ولكن بأقل مما تُتهم وتُقارن وهذا حقها على الأدب.

 

  • ماذا تضيف الجوائز الأدبية للكاتب(ة)…؟

الجوائز تحفز الأديب وتضعه في دائرة الضوء فيتولد عنده شعور بالمحافظة على مستوى متصاعد من الابداع والحضور .لن أتحدث عن الآلية والمعايير التي تتبع في اللجان المخصصة للجوائز ،وهذا ليس معرضه الآن .

 

  • ما مشاريعك المستقبلية…؟

أفكر بعد هذا الركود وبعد مقاطعتي للإعلام لفترة طويلة أن أحيي أمسيةً في كل عاصمة عربية تحت شعار عباءة الوطن ،لا أدري أي بلد سيفتتح هذا المشروع

 

  • كيف ترى الإنسانة ابتسام الصمادي المبدعة ابتسام الصمادي؟

أنا نفسي لا أرى فرقاً لأنني أكتب ذاتي كما أراها وأعيشها وأكتب ذوات الآخرين من علٍ كمن يركب هيلوكوبتر يرى الأشياء من  كل جوانبها ولا يستصغرها كما قد تبدو.

أنت محق في طرح هكذا سؤال لأننا نعاني من ازدواجية خطيرة في حياتنا فرضتها علينا ظروف تراثية وعالمية ونحن نقف بينهما كأطفال زوجين متخاصمين  .عموماً بالمختصر  حتى في حياتي اليومية أنا أطبخ بالمشاعر والحنان والتفكر كما أكتب.

 

  • ما هو الكتاب الذي حلمت أن تكتبه ولم تتح الفرصة لكتابته بعد…؟

ربما السيرة الذاتية

 

ورقة عن المبدعة ابتسام إسماعيل الصمادي

 

المواقع و النشاط الأدبي  :

– عضو  اتحاد الكتاب والصحفيين العرب في فرنسا.

–  تحمل الدكتوراة من جامعة نيس/فرنسا .

–  عضو البرلمان (مجلس الشعب السوري ) للدور التشريعي الثامن .

–  عضو في الاتحاد البرلماني الدولي .(انتٌخبت في لجنة المرأة عام 2006)

– مؤسس وعضو مجلس أمناء جامعة قاسيون / سوريا .

–  درست ودرّست الادب الانكليزي في جامعة دمشق وكانت قائم بالأعمال فيها .

– عضو منتدى الفكر العربي في عمّان/الأردن  .

– عضو شرف في اتحاد النخب والأكاديميين العراقيين

أصدرت المجموعات الشعرية التالية عن دار الينابيع دمشق :

  1. سفيرة فوق العادة (1993)
  2. هي و أنا و شؤون أُخر( 1995)
  3. ماس لها (2002)وطبعة في (2014)
  4. بكامل ياسمينها ( 2005) طبعة ثانية في (2007) وثالثة(2015)
  5. حاسّة الشام (2016)عن دار فضاءات /الأردن /عمان .
  6. والشوق شأنك (2022) /دار نون /تركيا
  7. جاءنا طير الحمام شعر للاطفال(2022 )/دار نون/تركيا
  8. كتاب بعنوان :الحيّة التي تعض الذيل ،رسالة الدكتوراة .

الجوائز والمنوعات:

– آخر جائزة حصلت عليها جائزة توليولا الايطالية العالمية عن ديوانها ( والشوق شانك) لكنها رفضت الذهاب لاستلامها استنكاراً لانضمام ايطاليا الى نظيراتها في الحرب على غزة.

– جائزة الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الأولى من فرنسا .

– أُخذت كنموذج للشاعرات المعاصرات في بعض الدراسات الجامعية. آخرها من قبل الطالبة رؤى سويد في الجامعة الأردنية.

– ترجمت قصائدها إلى  الإنكليزية والفرنسية ، أما مجموعتها (بكامل ياسمينها) فترجمت الى الإسبانية بكاملها ، وستترجم مجموعتها (والشوق شأنك ) الى الايطالية بعد الجائزة .

– كتب عنها العديد من النقاد والشعراء العرب على سبيل المثال الدكتور الشاعر عبد العزيز المقالح من اليمن والدكتور عبد اللطيف اليونس والسيد عيسى فتوح، والناقد والأديب الفلسطيني  يوسف سامي اليوسف من سوريا، والسيد الناقد كايد الهاشم من الاردن، والشاعر الناقد عبد الكريم معاش من المغرب وغيرهم الكثير.

– شاركت في العديد من المهرجانات السورية والعربية .

– كرّمت في غير بلد عربي.

 – صاحبة صالون الثلاثاء الثقافي :

استضاف العديد من الشخصيات الأدبية و السياسية و الفكرية العربية و السورية و الدولية

  • كتب المقالة في الزوايا الصحفية الثابتة (ستصدر في كتاب )

قالوا عنها:

اخترنا هذا المقطع من آخر ما كتب الناقد والشاعر عبدالكريم معاش:

القصيدة طوع خيالها السارح المندفق ، لا مجال للخطل او الحشو او الاستطرادات المجانية في صلب قولها الشعري….انها تقطر نسغ شعرها كما تقطر الدمشقية الحرة زهر البرتقال في قوارير الفضة…ويلمع قريضها كما يلمع الكريستال الإيطالي على مرمر يوناني عتيق .

هكذا هي الدكتورة ابتسام الصمادي

لقد راهنت منذ البدء على الجمال كماهية خالصة فجاءت قصيدتها كزمردة عباسية في عقد باريسي.

بعيدا عن فخ التجنيس الأكاديمي المحض، وضروب التصنيف انها إضافة نوعية لهذا المتن الشعري الألفي أثرت القول الشعري العربي بذائقة جديدة انبنت على وعي وتمكن اصيل  من تراثنا الشعري وبلمسة حداثية على صعيد تشكيل القصيدة الشعرية ودمغها بكل فنون المجاز المتنوع من اجل تبليغ رسالة الفن الخالدة :

 

قصيدة شعرية: هروب من النصّ  ابتسام الصمادي 

      

أنهيت أوجاع الكتابة عندما

فاحتْ من الشُبّاك  رائحة الصنوبر مع هفيف الغائبين

ورجوت ربي أن يساعدني لأحتمل الحنين

وأخذت من بعض الدروج مواجعي

رزماً من الذكرى وأغلقت العُلب

رفّ الهدايا في الخزائن نائمٌ  والحلم  أوغل في الهرب

قدّرتُ حين أعود ينهزم البُعاد

إذ إنني أودعت فيها فوح ليمون البلاد

أغلقتها…

وحملتُ تذكرتي وأسئلة الإياب

لكن ..أضعت هويتي قبل الذهاب ………

وتركت أشيائي الحميمة عندها..

عبثاً تحاول أن تنام

ونسيت أن أُلقي الوداع على مواضع  لا تثير الاهتمام

لكنني آنست فيها عزلتي..

فهناك في “سَبَتِ” الغسيل  تركتُ  فستاني الذي

أحببت فيه تنوع الألوانِ يرقبُ عودتي

…………….

وعلى مساء مخدتي

بقيت أمومة دمعتي

تحكي الحكايا للولد

في غرفتي

بعض الوريقات التي

كُتبت على أطرافها أشياء لم تكمل بعد.

وشراشفي …

ما زال يعبق فوحها رغم التلوث والألم

أرجوكمُ …حبل الغسيل يُواجهُ الآن التُهم:

حرية التعليق أو جرم النشر

لكنني أودعت فيه بعض آيات الذِكر

………………

أمّا المواجع والعذاب

فغفوا على مكوى الثياب

وعلى المرايا صوت “فيروزٍ ” وأغنية العتاب

………………..

ما زال كرسي القصب…

لا تلمسوه…. فقد تَعِبْ

من كُثر ما انتظر الأمان

وأمامه ..فنجان قهوتنا التي أبقت على هيل المكان

هل قلتُ هيلْ؟!..

أعني به هول الزمان

……………

ونذرت حين أعود ..أكتب للشآم قصيدتي

والنذر دَينْ

لكنها….

هربت من النص الذي بين اليدين.

 

عن madarate

شاهد أيضاً

حوار مع المبدعة المغربية بديعة الراضي حاورها الشاعر الحسن الگامَح

  حوار مع المبدعة المغربية بديعة الراضي حاورها الشاعر الحسن الگامَح   1.كيف ترى المبدعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *