الرئيسية / شموع / الشاعر الحسن عطاري: عندما يصبح الزجل متعة وافادة – مجدالدين سعودي

الشاعر الحسن عطاري: عندما يصبح الزجل متعة وافادة – مجدالدين سعودي

الشاعر الحسن عطاري: عندما يصبح الزجل متعة وافادة – مجدالدين سعودي

 

استهلال

الحسن عطاري…

الانسان المتزن، قليل الكلام، متواضع في تعامله الإنساني.

ابتدأ هوس الكتابة يسكنه أكثر من 40 سنة.

لم ينشر دواوينه الزجلية بسبب قناعاته الشخصية والتي تتجلى في أزمة القارئ، فالمكتبات تعج بالكتب لكن قلة من يقرأ، قد نختلف مع سي الحسن عطاري، فالكتاب وثيقة تؤرخ للأدب، خصوصا ونحن في حاجة ماسة للدواوين الزجلية لمتابعة الزجل المغربي فكرا وتنظيرا ومعرفة.

كتابات الحسن عطاري تدخل في السهل الممتنع، ولغته شفافة وواضحة، وجمله الشعرية جد قصيرة ومكثفة.

 

أولا نوستالجيا وحنين

الشاعر الحسن عطاري يرتبط وجدانيا بالأماكن والأزمنة القديمة التي تلتصق بالذاكرة، أن البطل الرئيسي هو (الحكايات) التي تروى بلسان الذات الشاعرة.

والأم تسكن الذات الشاعرة والتي تذكره بالصفاء والتحام الأسرة، فهي التي تجمع كل الأبناء، وهي الحضن الرحيم، ولهذا تتحسر هذه الذات الشاعرة على فقدانها:

(أتفكرتك يا لميمه وبكيت

وعلى فراقك أنا ما قديت.

أبحال اليوم كان موتك يا لميمه

أتفرقوا لخوت وتهدمت الخيمة)1

والموت سبب التشتت العائلي والابتعاد:

(الله يخليك يا الموت

ما كنتيش بيا أرحيمة

خليتي الدار بيوت

وكل بيت قدامو اخديمة

أمشات محبة لخوت

مع موتك ويا لميمه

غير لكذوب ولبهوت)

بغياب الأم، تظلم السماء وتغيب كل مظاهر الود والحنان:

(غبتي يا أمي وبقات

السما فوقي مغيمة

أنا اللي كنت صغير

وتقاسميني اللقيمة) 1

عبر بوح بطعم المرارة، تتوجه الذات الشاعرة الى (الأخ) معاتبا:

(يا خويا يا ولد امي وبويا

يا اللي انديرك في اكتافي

راعيت فيك اللومة،

وقلت أحشومة …

والوافي طبعوا ما يحافي) 2

تتألم هذه الذات الشاعرة – رغم تضحيتها – بسبب الغدر والخيانة:

(عاديت أهلي وناس الحومة ….

وما نويت خويا ليا ايجافي .

يغدرني غدرة مسمومة ….

ويطعني بموس حافي .

گولوا لو انتوما حشومة….

وللخاوة يحاول يراعي .

لعداوة راها مدمومة) 2

فيكون النداء:

لوصية الوالدين

عفاك خويا راعي)2

بحسرة ولوعة يسمعنا شاعرنا الحسن عطاري، صرخته: (ابكيني يا دمعتي)3

هي دمعة الأشجان والتألم بسبب الغدر والخيانة:

(من ليعتي

وخبر لمحان .

وسيحي على خدي

حامية

معصورة م لجفان )3

فتصبح الحياة مأساة:

(دبلت لوراق

تلفت لحروف

وفي السما تلاشى الدخان .

من كان بالحب للقلب معروف

حلف حلوف غدر وخان)3

ويتحسر على أيام مضت:

(ومشات ايام زمان بالزربة

وتفرتكت الكبة .

راح لعسل ف الـﮕربة

ﮔالو من جلد كلبة

أواش هاد الغلبة

ويا الـﮕلبة ؟)3

ثانيا في المناجاة والبوح

يلتجئ الشاعر الحسن عطاري في بوحه الى لغة سهلة واضحة، فيكون بوحه واضحا وفاضحا في نفس الوقت:

(بغيت نخرج مني

ونگلس حدايا

نشوف وجه خيالي

ف مرايا…

ننتف ريشاتي

ننسج سلهام

لدوك لعرايا…

علامة للزعامة

ورمز للسلام

وياسلام)4…

انه خروج بطعم الفضح اذن…ولهذا يلتجىء الى شعرية التكرار لايصال رسالته وخطابه:

(ايه…

بغيت نخرج مني

نواسي راسي ب راسي

ونعزيني فيا…

يا ناس الموت

بارد و گاسي

وانتوما ردفتو

لياكاسي…

ودغيا زربتوا عليا

يا اهلي وناسي

كفنكم ماهو

على قياسي…)4

كما يلتجى الى الاعتراف بمعاناته، فيهتف بصوت عالي: (أعييت بالتخمام)5

فيكون البوح على الشكل التالي:

(أعييت بالتخمام والتنهات

كيف البارح كيف اليوم .

نحسب ونضيع في لوقات

والخاطر مني مضيوم.

أمشيت نركب لقيت

المركوب عليا فات

شوفوا على زهر…

بين لحلام نقيل ونبات

عيوني ديما على لبحر.

نفكر في الحوت والموجات

نقول وقتاش نرحل… )5

أما في قصيدة (غير سير… اوكان)، فيلتجئ لشعرية السؤال:

(علاش تقابل الخير

بالنكران …؟)6

وكذلك:

(وعلاش اللي ذفن العيب

ما غطاه … ؟)6

وكذلك:

(قالوا زمان

اللي يحن يتمحن …

كذبوا وكذبهم الحق عراه …

ما يكون الزرع

بلاتبن …

الحق ليهم باين

والباطل … علاه .؟)6

 

ثالثا: في العشق

لا تداري الذات الشاعرة عشقها، فهي ذات عاشقة صريحة وواضحة، ذات تومن بما قاله حافظ الشيرازي: (أسكر بكأس العشق قبل مماتك، فما عرفت معنى الحياة لو لم تذق في حياتك عشقا).

ينشد شاعرنا:

(طلقي سوالفك

ظللي عليا…

زينك يا الباهية

عمى عينيا… )7

وهذا العشق القوي يجعل الذات العاشقة تنسى كل شيء:

(من يوم شفتك

نسيت راسي

نسيت اهلي وناسي )7

ويواصل بهيام:

(جات عينك ف عيني

سلبتي عقلي دوختيني

اسلبتي روحي وجليتيني

ما ارفقتي بحالي

ما واسيتيني…

واش دينك غير ديني

او عنوة بغيتي تبليني…؟؟؟ )7

تتشبث الذات العاشقة بحبها بقوة:

(جودي بالدمع نوبة

لا تبخسي الخد خطين

وع الحب ما لي توبة

ولا فرحة تزور العين

غير لما اشوف المحبو۪بة

وتصير فرحتي فرحتين)8

فيصر الذات العاشقة، على هذا الحب رغم الأهوال والمحن:

(مالي عنك توبة

خلي نارك نارين

انت وحدك محبوبة

ولا فيه منك اثنين

مالي عنك توبة)8

باختصار العشق كما قال الشمس التبريزي: (لا تهتم كثيرا بالكلام ففي مدينة العشق لا أهمية لأية لغة ولا حاجة للكلمات من الأساس لأن هذا العشق صامت تماما).

رابعا: في الحكمة

تظهر جليا في كتابات الحسن عطاري الزجلية الحكمة، فمن خلال تجاربه في الحياة وطول عمره، يخرج باستشهادات واستنتاجات حكيمة، فهو كما قال أحمد شوقي: (لا يزال الشعر عاطلاً حتى تزينه الحكمة، و لا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر ).

انه يلخص مفهوم (الكلمة) ببلاغة قوية، فينشد، كمجذوب حقيقي:

) الكلمة…

شجرة عفية.

لحروف…

اوراقها.

المعنى…

بنة….

والحكمة…

مذاقها) 9

وكذلك:

(كلمة كلمة

ولكلام ما يتقادى.

ايلا عيا الراس

يبغي لوسادة.

ولكلام ايلا طال

ما يجيب افادة) 9

ويصور لنا الحياة من تداول الليل والنهار وأهمية الجار وغيرها في عبارات شعرية قصيرة لكنها جد مكثفة وعميقة:

(بين الليل والنهار…

خيط.

وبين الجار والجار…

حيط.

وما كانت تكون

الجرارة لولا الخيط.

وما كانت تكون السطارة….

لولا الحايط) 9

الحسن عطاري صامت، لكنه عندما يكتب شعرا وفكرا، فهو كما قال موريس سويتزر:(الحكيم من يظل صامتاً حتى لو اعتقدوا أنه أحمق، بدلاً من الحديث بالهراء).

ينشد الحسن عطاري:

)خممت ف الدنيا

لقيتها قفص…

بلا قضبان.

قاعو تراب…

وغطاه دخان) 9

 

خاتمة

الحسن عطاري، باختصار، شاعر التواضع والعطاء والمحبة والحكمة، فهو يكتب باقتناع وعن اقتناع.

 

ناقد من المغرب

 

احالات

1 الحسن عطاري: قصيدة (اتفكرتك يا لميمة)

2 الحسن عطاري: قصيدة (يا خويا)

3 الحسن عطاري: قصيدة (ابكيني يا دمعتي)

4 الحسن عطاري: قصيدة (بغيت نخرج مني)

5 الحسن عطاري: قصيدة (اعييت بالتخمام)

6 الحسن عطاري: قصيدة (غير سير… اوكان)

7 الحسن عطاري: قصيدة (طلقي سوالفك)

8 الحسن عطاري: قصيدة (جودي بالدمع نوبة)

9 الحسن عطاري: (مقتطفات)

 

 

عن madarate

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *