تدريسية اللغة الأمازيغية بالمدرسة الابتدائية – مصطفى أبشر
ⴰⵙⵙⵍⵎⴷ ⵏ ⵜⵓⵜⵍⴰⵢⵜ ⵜⴰⵎⴰⵣⵉⵖⵜ ⵖ ⵜⵉⵏⵎⵍ ⵜⴰⵎⵏⵣⵓⵜ
تسعى الوزارة الوصية على التربية والتكوين على اِيلاء أهمية بالغة لتدريسية اللغة الأمازيغية لما لها من ثقل ثقافي في الوسط المغربي، ولكون العناية الملكية تولي الأمازيغية ما تستحقه من مكانة، لأنها تعتبر مكونا رئيسيا للهوية الوطنية المغربية وزادا مشتركا بين جميع مكونات المجتمع المغربي، وتطبيقا لأحكام الفصل 5 من الدستور الذي جعل من اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية وقد نهجت الوزارة حزمة من الاِجراءات من أجل تفعيل تدريس الأمازيغية بالمدرسة المغربية ،ولعل أبرزها المذكرة الأخيرة بتاريخ 19 أبريل 2024 في شأن تنفيذ مخطط التعميم التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي برسم السنتين الدراسيتين 2024_2025 و2026_2025 والتي تنص على التعميم التدريجي لتفعيل تدريس اللغة الأمازيغية على صعيد جميع مؤسسات التعليم خلال هاتين %50الابتدائي على أساس الوصول إلى تحقيق نسبة تغطية تصل السنتين وهذا من أجل التعميم الكلي برسم سنة2030،وتسعى الوزارة الوصية على تعميم اللغة الأمازيغية بجميع المؤسسات الاِبتدائية وحتى الفرعيات، ومن أهم ما لجأت إليه واتخذته في هذا الصدد احداث لجنة مركزية للقيادة برئاسة الكاتب العام للوزارة وبعضوية مديري المديريات المركزية المعنية تتولى تتبع اِنجاز تحقيق هذا الورش الوطني لتحقيق أهدافه المرجوة، وقد تبلورت في نفس الصدد خلق لجان جهوية واقليمية للقيادة تولت مهام السهر على التخطيط، وتنفيد ما يتعلق بإجراءات تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وذلك عبر وضع الخرائط التربوية للمؤسسات التعليمية التي سيتم تدريس اللغة الأمازيغية بها، وتوفير مستلزمات تعميمها من خلال تنفيذ المخططات وبرامج العمل الجهوية والاِقليمية الخاصة بتعميم وتوسيع تدريس هذه اللغة ،كما نصت المذكرة على تأهيل وتأطير المدرسين ومواكبتهم عبر التكوين الأساس، وذلك للتمكن من كل المستجدات المرتبطة بتدريس اللغة(1) الأمازيغية مع ضرورة الاِهتمام بتتبع المنصات الرقمية التي تبث مستجدات وطرق بيداغوجية تسهل على المدرس العمل، وهذا ما نجده أيضا في سهر الوزارة الوصية على وضع مسطحة رقمية خاصة بتعلم اللغة الأمازيغة تنفيذا لما تم الاِتفاق عليه بين وزارتي التربية والِانتقال الرقمي واِصلاح الاِدارة بخصوص ترسيخ الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والسعي إلى اِدماجها في المجال التربوي التعليمي.
– الوعي القرائي باللغة الأمازيغية :
بعد هذه التوطئة التي تبين اِهتمام الوزارة الوصية بتدريس الأمازيغية أود في هذا الصدد تسليط الضوء على تدريس اللغة الأمازيغية وتقريبها إلى المتعلم عبر اِرساء مقاربة التركيز عليه باِعتباره محور العملية التعلمية وتحفيزه للاِقبال على تعلمها بشغف واِهتمام كبيرين عبر التطرق إلى مكون القراءة وأهم السبل من أجل اِستثمار الوسائل التعليمية المناسبة للتمكن من هذه المهارة في المستويات الاِبتدائية ،ولعل ما يقرب هذه المادة من المتعلم والذي على المدرس أن يوليه اِهتماما أكبر هو السعي إلى تدبير أنشطة التعلم باِعتبار أن تدبير الحصة يساهم في اِيصال المعرفة المراد اِيصالها بسهولة للمتعلم مستعينا بالبعدين البيداغوجي والديداكتيكي، عبر تدبير التفاعلات
داخل الفصل الدراسي ،لتكون حصة القراءة فعالة ومحققة للنتائج المرجوة ،فإنه من الأهمية بمكان التحضير لها بطريقة منظمة ضمن غلاف زمني محدد، لذا وقبل الشروع في الحصة يجب أن يكون الهدف واضح بالنسبة إلى كل متعلم أو إلى مجموعة من المتعلمين والمتعلمات(2).
إن المنهاج الدراسي الجديد يشجع على المشاركة الفعلية للمتعلمات والمتعلمين من أجل اكتساب القدرة على التواصل باللغة الأمازيغية نطقا وتعبيرا وقراءة، وتمكينهم من الاِلمام بالبعد الأمازيغي للثقافة والحضارة المغربيتين، بالإضافة إلى تمكينهم من الاِنخراط بفعالية أكبر في مختلف
مجالات الحياة، والرقي بالمتعلمين لتنمية ملكاتهم الاِبداعية والتفكير النقدي لديهم ،وترسيخ روح المواطنة المغربية لديهم والاعتزاز بها، مع اِطلاعهم على الثقافات والحضارات الأخرى، والاِنفتاح عليها والتعامل اِيجابيا مع المستجدات العلمية والتكنولوجية (3).
إن عملية القراءة تقتضي تنويع المقاربات البيداغوجية المتنوعة من جهة والفروقات الفردية للمتعلمات والمتعلمين من جهة أخرى، وتوظيف اِستراتيجيات ملائمة تحفزهم على الاِبداع، وأفضل البيداغوجيات المعتمدة في تدريس مكون القراءة البيداغوجيا الفارقية التي تأخذ بعين الاِعتبار خصوصيات المتعلمات والمتعلمين، من حيث مرجعياتهم اللغوية والثقافية وتعدد ملامح مواصفاتهم وذكاءاتهم واِيقاعات تعلمهم ،وما يساهم أيضا في تنمية الجانب القرائي لدى المتعلم في اللغة الأمازيغية نجد بيداغوجيا المشروع التي تسعى إلى جعل المتعلم يكون رصيدا لغويا أثناء بحثه عن المعارف والمعلومات في مجال من المجالات الست المدرسة كل سنة حسب كل مستوى دراسي، فهو آلية تساعد المتعلم على الاِرتقاء بمعارفه ومهاراته وفق مقاربة تركز على أنشطة تنمية الكفاية التواصلية والتربية على الاِختيار، وتنمي لديه أسس التفكير والمشاركة في العمل الجماعي وحسن الاِبداع والاِقتراح أيضا، ومن البيداغوجيات المساهمة في الاِرتقاء بالتواصل باللغة الأمازيغية بيداغوجيا التعلم بالقرين التي يستفيد فيها المتعلم من زميله في القسم، حيث يتقاسم معه تجربته المعرفية ويلقنه ما وجد فيه صعوبة ولم يستطع استيعابه ، فهذه البيداغوجية توفر حافزية لدى المتعلم للاِستيعاب ممن يقابله في نفس المستوى العمري، ولعل من أهم البيداغوجيات الأخرى بيداغوجيا الخطأ بوصفه نقطة اِنطلاق لتحقيق تعلمات جديدة على أنقاض تعلمات مضطربة ويتم تصحيحها لتوجيه المتعلم نحو الاِجابة الصائبة، فتساهم في تحفيز المتعلمات والمتعلمين للمشاركة الاِيجابية لطرح أسئلتهم وفرضياتهم حتى وإن بدت دون المستوى المطلوب، إن الخطأ هنا سيصبح شرطا لبناء التعلمات وليس قصورا في الفهم والاِستيعاب مما يسمح بمواكبة تمثلاتهم المعرفية وتصحيح أخطائها وتعويضها بأخرى جديدة، ولا يخفى ما للعب من دور في تقريب المفاهيم واستيعابها من طرف المتعلم ،فالأنشطة اللعبية تساهم في اِكتساب المعارف والمهارات، وتقريب القراءة ونمائها عبر اللعب .
وتعزز مهارة القراءة لدى المتعلم أيضا باِستخدام المعينات الديداكتيكية بالاِستعانة بركن القراءة عبر تخصيص قصص باللغة الأمازيغية مديلة باللغة العربية والفرنسية لتقريب المعنى للمتعلم ،واِلصاق ملصقات قرائية على جدران الفصل الدراسي يسهل على المتعلم رؤيتها وقراءتها ،علاوة على ذلك الاِهتمام بالأنشطة الموازية داخل المؤسسة باِعتبارها رافدا لتقويم الفعل القرائي لدى المتعلم من خلال أجرأة النوادي المدرسية كنادي المسرح الذي يتيح للمتعلم التعبير بطلاقة عن مواقف مجتمعية باللغة الأمازيغية، وتفعيل الاِذاعة المدرسية التي ستساعد المتعلم على قراءة خواطر وأناشيد وحكم وعبر، وتشجيع المتعلمين والمتعلمات على المشاركة فيها بالتناوب أو عبر تحفيزهم لتقديم مواضيع باللغة الأمازيغية يسمعونها لزملائهم عبر الاذاعة المدرسية، كما ينبغي على المدرسين العمل على تزويد المتعلمين بأشرطة مصورة تتضمن حكايات ومواضيع وقصص باللغة الأمازيغية يسهل على المتعلم مشاهدة مقاطعها وفهمها بواسطة تشخيص أحداثها.
ومن الطرق المجربة التي تساعد المتعلم على تكوين رصيد لغوي وقرائي مهم هو اِعتماد أساليب الترادف والتضاد لكونهما وسيلتان فعالتان في توضيح معاني بعض المفردات، إذ يتضح معنى الكلمة إذا ذكرنا كلمة ترادفها في المعنى، وتماثلها في الوظيفة النحوية، كما أن ذكر الكلمة بذكر كلمة مضادة لها يساهم في اِثراء الجانب القرائي والتواصلي لدى المتعلم، وتعتبر عملية الترجمة واحدة من الوسائل اللفظية التي قد يلجأ إليها المدرس خاصة في شرح الكلمات ذات الدلالة اللغوية ،وهذا بالطبع يعني شرح معنى الكلمة الأجنبية بإعطاء الكلمة المقابلة لها في لغة الدارس، ويلجأ إلى هذه الوسيلة عند الضرورة ،وإلى جانب ذلك يلجأ المدرس إلى اِعتماد طريقة التمثيل حيث يستطيع المدرس أن يبين معنى المفردات للمتعلمين وذلك بأن يؤدي بعض الحركات الحقيقية مثل المشي أو الجلوس أو الكتابة ويكتبها على السبورة ليقرأها المتعلمون والاِستفادة من الرصيد اللغوي بسهولة(4)، والاِشتغال بشريط الحروف والأصوات لما له من دور في تحقيق العمل القرائي، ويساهم في تشجيع التعليم البصري وربط صورة الحرف بتحقيقه الصوتي ،وتعليم التفكير الاِبداعي وتهيئ المتعلم للصوت أي الحرف الجديد وتأطيره، ويوظف كذلك كوسيلة لتقويم مكتسبات المتعلمين والمتعلمات في الحروف تقويمها(5) .
وفي الأخير إن عملية اِكتساب الوعي القرائي باللغة الأمازيغية تستدعي المهارات البيداغوجية المقدمة مع الاِهتمام بالجانب التواصلي داخل الفصول الدراسية لما له من دور في التعبير والتفكير، واهتمام المدرس بفصله ينتج عنه تطور في أداء المتعلم فهو مركز لكل اِصلاح وأساس لكل تجويد للعمليات التربوية (6).
باحث في الأمازيغية من المغرب
لائحة المراجع والمصادر :
بتاريخ 19 أبريل 2024152 /241 – مذكرة وزارية عدد
2- دليل لاِستثمار القراءة الاِثرائية في المدرسة الاِبتدائية ،البرنامج الوطني للقراءة، مديرية المناهج دجنبر 2021.
3- المنهاج الدراسي للتعليم الاِبتدائي ،الصيغة النهائية الكاملة2021،مديرية المناهج، وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني،
4- أساليب تعلم المفردات في اللغة الثنائية ،اعداد د. هداية ابراهيم، أ. صالحة الشهري جامعة الإمام محمد بن سعود.
5- دليل الأستاذة والأستاذ لإنتاج الوسائل التعليمية وتدبير الأنشطة الصفية ،البرنامج الوطني للقراءة ،مشروع القراءة من أجل النجاح، اعداد وجمع وتنسيق فاطمة عماري- رجاء مفقود، مديرية المناهج يونيو 2022.
– دفاتر التربية والتكوين، دور العلاقات التربوية والبيداغوجية في تحقيق جودة الأداء المدرسي، عبد العزيز بردادي.
– دليل لاِستثمار القراءة الاِثرائية في المدرسة الاِبتدائية ،البرنامج الوطني للقراءة ،مديرية المناهج دجنبر 2021.