عبد الحفيظ مديوني
ريشة وقلم محمد سعود
عبد الحفيظ مديوني فنان تشكيلي مغربي من مواليد سنة 1952 بمدينة بركان اشتهر بتعدد مواهبه واهتماماته الإبداعية ، ففضلا عن كونه فنانا تشكيليا فهو روائي. صدرت له رواية “الحكاية الأخيرة”، و”أوشام في الزمن” . ..وفي الكتابة المسرحية صدرت له “الورشة” التي نال عنها جائزة التأليف المسرحي ع في الدورة الثانية لمهرجان المسرح الجامعي بفاس أبريل عام 2007 ، و“سند و باد” التي نال عنها أيضا جائزة التأليف المسرحي في الدورة 13 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي بأكادير في أبريل عام 2008 • إضافة إلى أنه مصم سينوغرافيا وحصل على جائزة السينوغرافيا عن مسرحية “الطاحونة والقنديل” في الدورة 33 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بالرباط في يوليو عام 2000 وكذلك عن مسرحية “رجال لبلاد” في الدورة 34 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بالرباط في يوليو عام 2002
يتميز الفنان والكاتب عبد الحفيظ مديوني بثراء مساره الإبداعي ولا ادل على ذلك أن الكثير من الكتاب المغاربة تناولوا أعماله الفنية َوالأدبية كالقاص احمد بوزفور والباحثين الدكتور سعيد بنغراد والدكتور مصطفى رمضاني والدكتور نجيب العوفي والدكتور معمر بختاوي، هذه فقط نماذج من بعض الأسماء الوازنة التي تناولت أعماله بنوع من القراءة العميقة والتحليل.
هذه الثقافة الواسعة والمتعددة انعكست على أعماله الفنية ووظفها بشكل ذكي حيث نلاحظ عدم نمطيتها فهو ينتقل من مرحلة الى أخرى بعد تجريب واكتساب خبرة تخول له الانتقال تدريجيا إلى مرحلة أكثر نضجا وتبصرا،، فبعد إجادته لقواعد الفن التشخيصي انتقل إلى تفكيك عناصر هذا الأسلوب عبر لوحات يغلب عليها طابع التكعيبية متأثرا بالفنان الإسباني بابلو بيكاسو ثم إلى السوريالية قبل أن ينتقل إلى إلى المرحلة الحالية التي يرسم فيها لوحات تبدو فيها الأشكال هلامية غير واضحة المعالم مركزا فيها على حركيتها او سكونها داخل فضاء اللوحة.. كل لوحة تختلف عن الأخرى في تكوينها إلا أن ما يميزها هو المحافظة على مِلونته Palette حيث تحضر الألوان الحارة بكثرة مما يجعلها أكثر دينامية وحركية حتى ولو كانت الشخوص ثابتة في سكونيتها.
وبالنسبة للفضاءات التي يشتغل عليها لا تخلو أحيانا من عمران أصيل حيث تغلب عليها الألوان التي يستعملها ولذلك تبدو منسجمة مع لون الطين.. وعموما فإن الفنان عبد الحفيظ مديوني متأثر كثيرا بالمجال الذي برع فيه كتابة وتصميما وهو المسرح، حيث يٍمسرح الفضاء ويوزع الشخوص وكأنهم على خشبة المسرح ولكن تبقى السمة البارزة لهذه الشخوص أنها دون وجوه ولا ملامح ولا حتى أعضاء كأنها أزياء معلقة دون أجساد ،، فقط شكلها العام هو الذي يوحي بذلك رغم أن ألوانها هي نفس ألوان الخلفية، ولولا التدرجات اللونية والتحكم فيها بمهارة باعتماده على الصباغة الزيتية لضاعت كل التفاصيل وتلاشت في اللوحة. مما يدل على أن هذه المرحلة هي امتداد للسوريالية التي اشتغل عليها ولا زالت مؤثراتها واضحة في أعماله ولكن ليست سوريالية محضة بل فيها وثبة خيالية للفنان الذي راكم تجربة مهمة في الآداب والفنون البصرية لتكون نسيجا مؤلفا من عدة عناصر لتنفتح على سردية اللوحة ، نفس الشيء بالنسبة لرواياته أيضا لا تخلو من إقحام عناصر بصرية، ،هذا المزج بين السرد والفن البصري يعتبر سمة بارزة في أعماله ذات الامتداد اللامحدود، فهي استحضار لتجارب ماضية يحاول مسايرة بها المستقبل، وكذلك إبداعات يمتزج فيها الأدب والفن التشكيلي والمسرح. إنها بإيجاز إبحار في الإبداع بشموليته نثرا ولونا وخطا.
فنان تشكيلي وباحث من المغرب